تزايد الحديث مؤخرًا عن أدوات التصميم المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وقدرتها على إنتاج تصاميم بصرية مبهرة في وقت قياسي، ما أثار سؤالًا جوهريًا: هل يمكن أن تستغني هذه الأدوات عن المصمم الإنساني؟ الواقع أن الذكاء الاصطناعي اختصر المراحل الطويلة التي كانت تبدأ من رسم المخططات، مرورًا بالتصميم الثلاثي الأبعاد، وحتى اختيار الألوان وتوزيع الأثاث، ليمنح المشروع خيارات جاهزة خلال دقائق بدلًا من أسابيع. هذا التطور مكّن من تقديم بدائل متنوعة في وقت قصير، وساعد في اتخاذ قرارات مدروسة منذ المراحل الأولى للمشروع. قد يتمكّن غير المتخصصين من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للحصول على تصورات سريعة لمنازلهم، مما يساعدهم على توفير التكاليف المادية والوقت، لكن الحقيقة أن التقنية تبقى مجرد أداة. الفائدة الحقيقية تظهر عندما يستخدمها المصمم بخبرته وفهمه العميق لاحتياجات الإنسان الاجتماعية والنفسية والثقافية، ليصمم فراغًا يترجم شخصية ساكنيه ويعكس أسلوب حياتهم. فالمصمم الإنساني لا يصمم الفراغ فقط اعتمادًا على المعطيات الأساسية مثل الموقع (اتجاهات الشمس والتهوية الطبيعية) أو المتطلبات التقليدية كالجماليات والوظيفة، بل يتجاوز ذلك ليبتكر نمط حياة متكامل. من هنا، فإن إدخال الذكاء الاصطناعي منذ المراحل الأولى في التخصصات الأكاديمية يُعد خطوة ضرورية، بحيث تواكب الكليات هذا التحول عبر إدراج أدواته ضمن مناهجها، لتوفير الجهد والوقت، وتمكين جيل المصممين السعوديين من الإبداع في التصميم، والتعزيز في جودة المخرجات، وقيادة مستقبل المهنة بكفاءة عالية. الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن المصمم، بل شريك يضاعف قدرته على الإبداع، ويمنحه مساحة أكبر للتركيز على الجوهر، وهو الإنسان. والمستقبل سيكون واعدًا لمن يُجيد استخدام هذه الأدوات واستثمارها، انسجامًا مع توجه المملكة في مسار التحول الرقمي، وتمكين الكفاءات الوطنية، وخدمة مستهدفات رؤية 2030.