احتفل العالم باليوم العالمي للسياحة في 27 سبتمبر من كل عام، تحت مظلة منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، والهدف من الاحتفال بهذا اليوم التوعية بالدور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي للسياحة، وتسليط الضوء على كيفية تعزيز هذا القطاع لتحقيق تنمية مستدامة تخدم الأفراد، المجتمعات، وفي كل عام يتم اختيار موضوع يركز على جانب معين من السياحة مثل الاستدامة، الحوار بين الثقافات، الاستثمار الأخضر، تنمية القدرات البشرية، وغيرها، وموضوع اليوم العالمي للسياحة لهذا العام 2025 هو «السياحة والتحول المستدام». ويركز هذا الموضوع على الدور التحويلي للسياحة كقوة للتغيير الإيجابي، مع التأكيد على الحاجة إلى الحوكمة الرشيدة والتخطيط الاستراتيجي وتحديد أولويات واضحة تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة طويلة الأجل، وتشارك المملكة العالم الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للسياحة، وقد جعلت من هذا الحدث منصة لعرض إنجازاتها ورؤيتها الطموحة في مجال السياحة، خصوصاً ضمن رؤية 2030، وقد استضافت العديد من الفعاليات العالمية في هذا المجال ونظمت المملكة احتفالات وبُنى مؤتمرات دولية في الرياض تزامناً مع اليوم العالمي للسياحة، وجمعت خبراء، ومسؤولين دوليين، ومشاركين من القطاعين الحكومي والخاص، وتعمل المملكة بخطة شاملة لترسيخ موقعها كأحد أبرز المحركات العالمية لصناعة السياحة، وذلك من خلال مجموعة من المسارات المتكاملة ضمن رؤية 2030. رافد اقتصادي اليوم العالمي للسياحة ليس مجرد احتفال، بل هو فرصة لإعادة تذكير العالم بأهمية هذا القطاع كرافد اقتصادي وثقافي واجتماعي، وفرصة للدول كي تعرض إنجازاتها وخططها المستقبلية، والمملكة تبذل جهوداً كبيرة لتهيئة بيئة سياحية متكاملة من البُنى التحتية، للمشاريع الضخمة، إلى الاستدامة والتنمية المجتمعية، وهي تسير بخطى ثابتة نحو أهدافها ضمن رؤية 2030، فمثلاً، في 2023، استضافت الرياض الفعالية تحت شعار "Tourism and Green Investments" مع جلسات تناقش الاستدامة، والاستثمار الأخضر، والابتكار، كما استطاعت تنمية البُنى التحتية وربط المملكة بالعالم، وإعداد برنامج الربط الجوي -Air Connectivity Program- الذي أُطلق بهدف تعزيز الربط الجوي بين المملكة ودول متعددة، وافتتاح طرق جوية جديدة لزيادة عدد الرحلات والمقاعد، إضافة إلى مشاريع سياحية ضخمة تُنفذ تحت مظلة رؤية 2030 مثل: "السودة بيكس" و"مشروع القدية" وغيرها، لتعزيز التنوع في الوجهات السياحية داخل المملكة، والتركيز على السياحة المستدامة والثقافة والمجتمعات المحلية، والتأكيد على أهمية المحافظة على التراث الثقافي والطبيعي، وضرورة إشراك المجتمعات المحلية في تطوير السياحة بطريقة تحافظ على الهوية وتستفيد منها المجتمعات نفسها، إضافةً إلى إقامة مبادرات لتعزيز جودة الحياة، وتفعيل الفعاليات الثقافية، وتنمية الهوايات، وتوفير مرافق ترفيهية، والترويج والاستثمار في القدرات البشرية والابتكار. تأهيل الكوادر في قطاع الضيافة.. والابتكار في خدمات المُسافرين سياسات وتوجهات والمملكة لا تكتفي بالبنية التحتية فقط، بل تراهن على تدريب وتأهيل الكوادر في قطاع الضيافة والسياحة، والابتكار في الخدمات المتعلقة بالمُسافرين، وسبق وأطلقت المملكة الدعوة للاستثمارات الدولية والمحلية في قطاعات السياحة، وتشجيع القطاع الخاص ليكون شريكا فعّالا، وحققت مع الأممالمتحدة إنجازاً بأن يصل عدد السياح الوافدين إلى 100 مليون زائر سنوياً، ما يجسد تقدماً ملموساً في جذب السياح، كما أن المملكة سبق ورأست الدورة ال118 للمجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة الذي عقد في مدينة بونتا كانا في جمهورية الدومينيكان، بعد أن تم انتخاب المملكة، لتقود من خلاله رسم السياسات وتوجهات القطاع السياحي العالمي مع الدول ال(34) الأعضاء في المجلس؛ ولتبرز المملكة من خلال رئاستها الدور الريادي والقيادي على المستوى العالمي في المجال السياحي، وإيماناً من المملكة بأهمية تفعيل دور التعاون والعمل متعدد الأطراف من خلال المنظمات الدولية المتخصصة للأخذ بالحسبان أولويات الدول الأعضاء في المنظمة. محرك رئيس وفي هذا الصدد، سبق وأوضح وزير السياحة أحمد الخطيب أن شراكة المملكة والمنظمة شراكة استراتيجية مبنية على تنسيق الجهود العالمية في القطاع السياحي لبناء قطاع سياحي قوي مستنداً على مبادئ الاستدامة وإتاحة الفرص للجميع مع شركائنا في منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة والدول الأعضاء للتشاور حيال القضايا الملحة لقطاع السياحي، بما يسهم في تحقيق نتائج إيجابية للقطاع -بمشيئة الله-، مضيفاً: تكمن أهمية المجلس في توحيد الرؤى والجهود بين المنظمة والدول الأعضاء بالمجلس، بما يسهم في تحقيق نتائج إيجابية لمؤشرات القطاع السياحي العالمي، خصوصًا أن هذا القطاع من القطاعات التي أسهمت في تعافي الاقتصاد العالمي بعد جائحة كوفيد -19. وسبق أن بيَّن الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية أن المملكة لعبت دوراً مهماً في تعافي القطاع السياحي، كما أكد أن قطاع السياحة يعد محركاً رئيساً لتنمية الاقتصاد العالمي، مشدداً على سعي المنظمة في الاستمرار بالعمل مع الأعضاء على النهوض بالقطاع وفق استراتيجية المنظمة، وقدم معاليه شكره لدولة الرئاسة المملكة العربية السعودية. موقع متقدم وتبذل المملكة جهوداً كبيرة في مناسبات مثل اليوم العالمي للسياحة وهذا ليس مجرّد استعراض، بل هو جزء من استراتيجية وطنية شاملة تُركّز على تنويع مصادر الدخل والاقتصاد بعيداً عن النفط، وجذب الاستثمارات المحلية والعالمية، وتحسين جودة حياة المواطنين من خلال توفير فرص العمل، والبنى التحتية، والثقافة، وموازنة النمو مع الحفاظ على البيئة والتراث، وعلى الرغم من التحديات تبدو الإحصاءات والمؤشرات إيجابية، والمشاريع الضخمة أنها تمنح المملكة موقعاً متقدّماً في خارطة السياحة العالمية، والاستمرار في تنفيذ السياسات الصحيحة، وتحقيق الشراكات وتطوير الكوادر يمكن المملكة أن تحقق أهدافها الطموحة ضمن رؤية 2030، وتصبح من الوجهات السياحية المفضّلة عالمياً، وتسعى المملكة بخطوات متسارعة لتحقيق تلك الأهداف والتي جعلت من القطاع السياحي ركيزة أساسية لتنويع الاقتصاد الوطني، وتعزيز مكانتها كإحدى أبرز الوجهات السياحية على مستوى العالم، ومن ضمن الأهداف التي وضعتها رفع مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10% بحلول عام 2030، مقارنة بنحو 3% فقط عند انطلاق الرؤية، كما تعمل على استقطاب استثمارات نوعية عبر مشاريع ضخمة مثل: القدية، مشروع البحر الأحمر، أمالا، ونيوم، لتكون وجهات سياحية عالمية فريدة، ومن بين الأهداف البارزة، استقطاب 150 مليون زيارة سنويًا محلية ودولية بحلول 2030، وهو ما يعزز مكانة المملكة كوجهة رئيسة للسياحة الدينية والثقافية والترفيهية. وسبق أن كشفت وزارة السياحة، عبر التقرير الإحصائي السنوي الخاص بالقطاع السياحي للعام 2024م، أن إجمالي عدد السياح المحليين والوافدين من الخارج في عام 2024م وصل إلى حوالي 116 مليون سائح، بنسبة نمو بلغت 6% مقارنة بعام 2023، في حين بلغ إجمالي الإنفاق السياحي في المملكة للسياحة المحلية والوافدة من الخارج نحو 284 مليار ريال، بنسبة نمو 11% مقارنةً بعام 2023م، وبينت وزارة السياحة أن المملكة حققت أعلى رقم تاريخي في عدد السيّاح الوافدين من الخارج، بلغ حوالي 30 مليون سائح، خلال عام 2024م، بنسبة نمو بلغت 8% مقارنةً بعام 2023، فيما وصل إجمالي إنفاق السياح الوافدين من الخارج إلى 168.5 مليار ريال، بنسبة نمو 19% مقارنة بعام 2023م. تأشيرة سياحية وأوضحت وزارة السياحة أن عدد السيّاح المحليين في عام 2024م وصل إلى 86.2 مليون سائح محلي، بنسبة نمو 5% مقارنة بعام 2023م، في حين بلغ إجمالي إنفاق السياح المحليين 115.3 مليار ريال، وتتجه المملكة لتطوير وجهات سياحية متكاملة تشمل المعالم الطبيعية والبحرية، إضافة إلى المواقع التراثية مثل الدرعية والعلا وجدة التاريخية، فضلاً عن الوجهات الترفيهية العالمية مثل مدينة القدية وسباقات فورمولا 1، كما يجري العمل على رفع القدرة الاستيعابية للمطارات إلى 330 مليون مسافر سنويًا، وزيادة الطاقة الفندقية لتصل إلى 500 ألف غرفة بحلول 2030، ولتسهيل تجربة السائح فقد سبق وأطلقت المملكة التأشيرة السياحية الإلكترونية التي تشمل أكثر من 60 دولة، مع حزمة تسهيلات تعزز من تجربة السائح وتضمن له رحلة ميسرة وآمنة، ولإبراز الهوية الوطنية وخلق الوظائف تركز المملكة الجهود على إبراز الهوية السعودية الأصيلة عبر المهرجانات الثقافية والفنية، ودعم الحرف اليدوية والمتاحف، بما يجعل التراث جزءًا من التجربة السياحية، كما تستهدف المملكة توفير أكثر من 1.6 مليون وظيفة سياحية جديدة، مع برامج تدريب وتأهيل للشباب السعودي في مجالات الضيافة وإدارة الفعاليات. وبهذه الخطوات الطموحة، تمضي المملكة نحو ترسيخ موقعها كأحد أبرز المحركات العالمية لصناعة السياحة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030 في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، وتعزيز مكانتها على خريطة السياحة الدولية. وتعمل المملكة بخطة شاملة لترسيخ موقعها كأحد أبرز المحركات العالمية لصناعة السياحة، وذلك من خلال مجموعة من المسارات المتكاملة ضمن رؤية 2030، ومن المشاريع العملاقة ذات البعد العالمي التي تعمل عليها المملكة مشروع البحر الأحمر، أمالا، نيوم، القدية، وتمثل تلك وجهات سياحية متفردة بطبيعتها وخدماتها، وتستهدف شرائح السياح الباحثين عن الفخامة، المغامرة، والطبيعة. تراث وثقافة وتعمل المملكة على تطوير المواقع التراثية والثقافية العالمية التي تسرد تاريخ الجزيرة العربية وتثري تجربة الزائر، كما تعمل المملكة على تعزيز البنية التحتية والخدمات لرفع الطاقة الاستيعابية للمطارات بما يجعل المملكة مركزًا محوريًا لربط القارات الثلاث، ودخول علامات فندقية عالمية واستثمارات سعودية رائدة، وتعمل على تحسين شبكة الطرق، والنقل العام، وخدمات المدن الذكية لتسهيل تنقل السائح، وتسهيل إجراءات الدخول والخروج، وتبني معايير عالمية للجودة والسلامة، وتمكين القطاع الخاص المحلي والدولي من الاستثمار بسهولة في السياحة والضيافة والترفيه، كما تعمل على الترويج واستقطاب الفعاليات العالمية مثل استضافة فعاليات رياضية عالمية مثل فورمولا 1، ورالي داكار، وكأس العالم للأندية، ومعارض ثقافية وفنية كبرى، وكذلك إطلاق مواسم وبرامج مثل موسم الرياض، وموسم جدة، والتي وضعت المملكة على خريطة الترفيه والسياحة العالمية، وتعمل المملكة على تنشيط الحملات التسويقية الرقمية والإعلامية مستهدفة بناء صورة المملكة كوجهة عصرية وآمنة وغنية بالتنوع، وكل هذا لا يكتمل إلاّ بالاستثمار في الكوادر البشرية مثل تفعيل برامج تدريب وتأهيل للشباب السعودي في الضيافة، وإدارة الفعاليات، والإرشاد السياحي، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال في قطاع السياحة عبر دعم المشاريع الناشئة والخدمات المبتكرة، واستهداف توفير أكثر من 1.6 مليون وظيفة بحلول 2030. تجربة أصيلة ومن أهم ما تعمل عليه المملكة تعزيز الهوية الوطنية والبعد الثقافي من خلال إبراز التراث السعودي كالمتاحف، والمهرجانات، والحرف اليدوية، وتقديم التجربة السعودية الأصيلة للسائح عبر المأكولات، والأسواق الشعبية، والفنون المحلية، وربط التنمية السياحية بالبعد الثقافي والحضاري بما يعكس مكانة المملكة كموطن الحرمين الشريفين ومهد العروبة والإسلام، وبهذه المسارات المتوازية، لا تكتفي المملكة بأن تكون وجهة سياحية، بل تسعى لتكون محركًا عالميًا لصناعة السياحة، بما يساهم في تشكيل مستقبل القطاع على مستوى العالم، ويدعم في الوقت نفسه تنويع الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، ويعد موقع المملكة من أفضل المواقع في السياحة العالمية، فالمكانة الدينية للمملكة تجعلها تتفوق سياحياً حيث تحتضن الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، ما يجعلها الوجهة الإسلامية الأولى عالميًا، ويضعها في صدارة السياحة الدينية، كذلك الموقع الاستراتيجي للمملكة حيث تقع في قلب العالم وتربط بين ثلاث قارات آسيا، إفريقيا، أوروبا، وهو ما يمنحها ميزة فريدة لتكون محطة مركزية للسفر والعبور، إضافة إلى المشاريع العملاقة التي تنجزها المملكة، لذلك فقد أصبحت المملكة حاضرة بقوة في المشهد السياحي العالمي، وبدأت تنافس الوجهات التقليدية في أوروبا وآسيا، كما أن الاعتراف الدولي بالمملكة كعضو فعّال في منظمة السياحة العالمية، أسهم في صياغة سياسات عالمية تدعم استدامة السياحة، إضافة إلى تنوع الأجواء والمناخ بالمملكة كالسواحل والبحار، فشواطئ البحر الأحمر والخليج العربي تمنح المملكة ميزة للسياحة البحرية والرياضات المائية على مدار العام، والصحاري والجبال من الكثبان الرملية في الربع الخالي إلى جبال عسير والباحة ومرتفعات الطائف، توفر للمملكة خيارات للسياحة البيئية والمغامرات، والمناخ المتنوع في أجواء المملكة يختلف بين المناطق؛ ففي الصيف يمكن التمتع بالبرودة في منطقة عسير وما حولها، بينما تظل السواحل مناسبة للأنشطة البحرية، وفي الشتاء تصبح مناطق مثل تبوك والجوف مقاصد لعشاق الأجواء الباردة والثلوج، إلى جانب تنوع الأجواء ساعد على إطلاق مواسم سياحية مختلفة ما يجعل المملكة وجهة سياحية طوال العام وليست مرتبطة بفصل واحد، وأخيراً موقع المملكة الاستراتيجي، مع تنوع المناخ وتعدد الأنماط السياحية -دينية، ثقافية، ترفيهية، بيئية- يجعل المملكة مؤهلة لتكون وجهة عالمية متكاملة، بل ويعزز من مكانتها ك"محرك رئيس" في صناعة السياحة الدولية، كما تستهدفه رؤية 2030. إقامة ملتقيات التوظيف في القطاع السياحي المشاركة في المؤتمرات الدولية