من يعرف دهاليز الدوري السعودي للمحترفين يدرك جيدًا أن نادي الاتفاق يواجه تحديات هائلة بسبب الفجوة الكبيرة في الإمكانيات المالية والإدارية ووجود نجوم بارزين في الأندية المنافسة. لا يمكن مقارنة الاتفاق بهذه الأندية من حيث الموارد، ولا حرج إن لم يتمكن من المنافسة على لقب الدوري. لكن، على أقل تقدير، كان من المأمول أن يذهب بعيدًا في بطولة كأس الملك، وهي بطولة قصيرة الأمد يمكن للفريق تحقيق نتائج فيها إذا تم التعامل مع كل مباراة على حدة. على الرغم من أن الدوري لا يزال في جولاته الأولى، إلا أن خروج الاتفاق المبكر من كأس الملك أمام الباطن، أحد أندية دوري يلو للدرجة الأولى، بركلات الترجيح، أنهى آمال جماهير "فارس الدهناء" في رؤية فريقهم يحقق بطولة تُفرح قلوبهم المتعطشة للصعود إلى منصات التتويج. أرى أن ما يحدث لنادي الاتفاق أمر طبيعي في ظل غياب الحراك الإداري والتطوير، فالإدارات المتعاقبة لم تحدث تغييرًا جوهريًا، بل ظلت تدور في حلقة مفرغة. على سبيل المثال، تغيّر الرئيس من عبدالعزيز الدوسري إلى خالد الدبل، ولكن كما يقول المثل: "أختك مثلك"، فلم يتغير شيء يذكر، وظل الوضع على حاله. حتى الرئيس الحالي، حاتم المسحل، الذي تولى المنصب منذ موسمين، لم يقدم جديدًا يُذكر، فالإدارة تعمل وفق الإمكانيات المتاحة، لكنها تنتهي إلى فشل ذريع، وهكذا تتكرر القصة ذاتها. قد نعزو بعض المشكلات إلى الأمور الفنية، لكن الخلل الإداري يبقى التحدي الأكبر، فأي مدرب يتولى قيادة الفريق يجد نفسه أمام إدارة لا تدعم طموحاته، المدرب الشاب خالد العطوي، الذي كان يحمل الشغف والتحدي، انتهى به المطاف ككبش فداء، حيث أُلقي باللوم عليه في سوء أداء الفريق. وبالمثل، الأسطورة الإنجليزية ستيفن جيرارد، الذي واجه انتقادات فنية خلال فترته مع الاتفاق، لم يتمكن من تغيير الواقع، وحتى بعد استبداله بالمدرب الوطني سعد الشهري، لم يتغير الحال، مما يؤكد أن المشكلة ليست في المدربين. العلاج الحقيقي لأزمة الاتفاق يكمن في التخصيص، ليس فقط من الناحية المالية، بل من خلال تبني فكر استراتيجي يغير مسار النادي نحو الأفضل، التخصيص سيمهد الطريق لوضع أهداف مستقبلية واضحة ضمن خارطة طريق طموحة، مما يضمن تطويرًا دائمًا ومستمرًا للنادي، ليصبح منافسًا قويًا بين الأندية الكبرى. ختامًا: جماهير الاتفاق لا تطالب بعودة الماضي الذهبي، بل تريد رؤية ناديها يواكب التحديات الحديثة، ويصبح قادرًا على المنافسة في عصر يتطلب التخطيط الاستراتيجي والإدارة الاحترافية. حسين البراهيم