الوطن هو الحلم والطموح اللذان لا نهاية لهما، وكل يوم وطني هو بداية جديدة لمستقبل أعظم لمملكتنا، حيث إن اليوم الوطني ليس مجرد مناسبة عادية تمر علينا؛ بل هو قصة وطنٍ بدأ بملحمةٍ هدفها الأسمى حُلم التوحيد لينتهي بواقع مليء بالعزة والنهضة. وفي كل عام نستذكر نحن أبناء المملكة ما تحقق على أرضنا من إنجازاتٍ وما ينتظرنا من طموحات، كما أن ذلك جسدّ فينا قيم الولاء والانتماء والتضحية لأجل الوطن، وفي الذكرى 95 لتوحيد المملكة العربية السعودية؛ يتجدد الفخر بداخل كل مواطن نحو مسيرةٍ امتدت من المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله ورعاهما - حيث الرخاء، والقوة، وكذلك الريادة العالمية التي نعيشها الآن. ففي بدايات القرن العشرين تحديدًا في عام 1902م في مدينة الرياض كانت الانطلاقة الأولى لتوحيد المملكة بقيادة الملك عبدالعزيز آل سعود الذي استطاع بدهائه وحكمته أن يوحد الدولة تحت راية واحدة، راية حملت كلمة التوحيد عاليًا إلى يومنا هذا. ولم يكن الطريق ممهدًا أبدًا؛ بل امتلأ بالكثير من التضحيات والملاحم ، لكن إصرار الملك عبدالعزيز ورجاله جعل من أرض المملكة كيانًا موحدًا، قائمًا على مبادئ شريعتنا الإسلامية وعلى قيم العدالة والوفاء، ليصبح توحيد المملكة لحظة فاصلة في التاريخ الإسلامي والعربي، حيث إن المنطقة لطالما افتقدت الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبهذا التوحيد نالت المنطقة شرف الاستقرار وفُتح الباب أخيرًا أمام دولة حديثة يشهد العالم بأكمله على تطورها عامًا تلو الآخر. وبعد رحيل المؤسس؛ واصل الأبناء الملوك - غفر الله لهم - مسيرة البناء والتطوير واليوم؛ في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - سدد الله خطاه - تسارعت الخطوات لنسير نحو تحول وطني شامل، وكان ذلك فضلًا من الله -عز وجل- علينا ثم بفضل "رؤية المملكة 2030" بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي بدورها فتحت أبواب خيرٍ واسعة للمملكة في العديد من المجالات والقطاعات الاقتصادية، والتي من أهمها الطاقة المتجددة، والسياحة، والاقتصاد الرقمي، وكذلك تمكين المرأة والشباب، ما أدى ذلك لجعل السعودية نموذجًا جمع بين الأصالة والحداثة على مستوى العالم. وإذا تحدثنا قليلًا عن ثقافتنا السعودية والتي هي في الأساس امتداد الماضي وصلابة الحاضر؛ سنجد أن ثقافة المملكة ليست مجرد تراث قديم نحتفي به، بل تعتبر الثقافة منظومة حية تعكس هويتنا الوطنية الراسخة عبر أجيالٍ وأجيال من الشعر النبطي والفنون الشعبية. تتألق المملكة العربية السعودية بتنوعها الثقافي الفريد الذي يجمع كل مناطقها تحت راية واحدة، ففي نجد تسمو العرضة النجدية رمزًا للفخر والولاء، وفي الحجاز يصدح الخبيتي بإيقاعاته العريقة، بينما يروي الشرق حكايات البحر عبر العرضة البحرية وفن الفجري، أما الجنوب فيزدان بروح العسيرية (رقصة الخطوة) وفنون نجران وجازان مثل الزامل، فيما يحافظ الشمال على أصالة البادية عبر الدحية والسامري. وفي اليوم الوطني السعودي 95 يأتي شعار"عزنا بطبعنا" لنؤكد للجميع أن قوتنا الحقيقية لم تُستمد يومًا من الخارج؛ بل من الطباع الأصيلة لأجدادنا ومن قيمنا المتجذرة منذ قديم الأزل في هويتنا السعودية من الكرم، والشجاعة، والولاء، بجانب الإصرار القوي على بناء مستقبل يوازي كل عظمة قام بها الأجداد في الماضي. فالعز هنا ليس مجرد كلمة؛ بل هو أسلوب الحياة التي نعيش بها على أرض المملكة، فمنذ أن وُحدت المملكة وحتى يومنا هذا متمسكين بالعادات والتقاليد التي تعكس عزنا ومجدنا من مجالس الضيافة والقهوة العربية، إلى روايات المجد التي نقصها من خلال فنوننا الشعبية، والأزياء التقليدية التي تحكي حكاية عزنا وولاؤنا، كما أن العزة لم تكن في الطبع فقط؛ بل في بناء وطن قوي قادر على المنافسة يومًا بعد يوم على مستوى العالم، لذا لا ينفصل شعار" عزنا بطبعنا " عما تحقق من إنجازات حديثة في المملكة، فكانت البداية من رؤية 2030 إلى المشاريع العملاقة التي توضح مظهر الأصالة والحداثة في آنٍ واحد. والشباب السعودي هم من يجسدون بحق معنى شعار "عزنا بطبعنا"، فاليوم نحمل على عاتقنا جميعًا روح الابتكار، ونسير نحو ريادة الأعمال لنضع بصمةً لنا دائمة في ميادين التعليم والتقنية، فعزنا ليس في الوصول إلى الإنجاز وحده، بل في تمسكنا بقيمنا أثناء تحقيق هذه الإنجازات. وفي النهاية اليوم الوطني السعودي ذكرى نستحضر بها الصعاب التي مررنا بها لنصنع من التحديات قوة، ومن الوحدة عزًا ومجدًا كبيرًا، ومن الحلم واقعًا نعيش بقلبه الآن، فاليوم الوطني دعوة متجددة ليقف كل مواطن منا خلف قادتنا وجيشنا لنواصل البناء، ونعمل على أن تكون المملكة العربية السعودية مصدرًا للفخر لكل من ينتمي إليها ويعيش على أرضها.