ليست الجمعية مجرد مقر أو لافتة، بل روح تنبض في قلب المنطقة الشرقية، وذاكرة تصون الأدب وتجدّد الثقافة. فجمعية ابن المقرب للتنمية الأدبية والثقافية بالدمام لم تأتِ لتضيف رقمًا إلى خارطة المؤسسات الأدبية والثقافية، بل جاءت لتمنح الكلمة بيتًا، وللإبداع منبرًا، وللشباب فرصة أن يُولدوا من جديد بين دفتي القصيدة وصفحات الرواية. منذ انطلاقتها، أثبتت الجمعية أنها كيان أدبي كبير، قادر على أن يلمّ شتات المواهب، ويجعل من الأمسيات والندوات أكثر من مجرد فعاليات؛ فهي مواسم للوعي، وأعياد للثقافة، ومناسبات يعيد فيها الإنسان اكتشاف نفسه عبر الكلمة. ومن يتأمل حضورها يدرك أن رسالتها أعمق من أي نشاط عابر، فهي تعمل على ترسيخ الأدب باعتباره ركيزة من ركائز بناء المجتمع وصياغة هويته، لقد نجحت الجمعية في أن تكون مرآة تعكس غنى المنطقة الشرقية، بما فيها من تنوّع ثقافي وثراء إنساني، وأن تفتح فضاءات رحبة للحوار والتجديد، إنها تكمل حلقة وصل بين الماضي والحاضر، بين تراث ابن المقرب العيوني الشعري العريق، وروح الأدب الحديث المتطلع إلى المستقبل، لكن ما نتطلع إليه هو أن يمتد حضورها ليشمل مدن الشرقية ومحافظاتها كافة. فالأحساء والقطيف والجبيل والخبر تنتظر أن تضيء لياليها أنشطة هذا الكيان، وأن تحتضن فضاءاته التي تعطي للكلمة قيمة مضاعفة. وما يميز وجودها في الشرقية أنها تمتلك فرصة ذهبية لصناعة شراكات كبرى تعزز حضورها وتدعم مسيرتها؛ شراكات مع مؤسسات الدولة الثقافية، مع الإعلام، مع الجامعات والمدارس، ومع القطاع الخاص الذي يعي أن دعم الثقافة استثمار في الإنسان. فهكذا تبنى الجمعيات الراسخة، وهكذا يُصنع الأثر العميق. ابن المقرب اليوم ليس مجرد اسم لجمعية، بل هو علامة على ريادة ثقافية تتجاوز حدود الدمام، ورمز لبيت أدبي كبير يفتح أبوابه للجميع، كلما ازداد إشعاعه، ازداد غنى المشهد الأدبي، وكلما امتدت جذوره في مدن الشرقية، ازداد حضور الكلمة وعمق الأثر.