تراجعت أسعار النفط، أمس الأربعاء، بعد ارتفاعها بأكثر من 1 % في الجلسة السابقة، على الرغم من أن التوترات الجيوسياسية المستمرة وفّرت أرضية للأسعار، بينما يترقب المتداولون أيضًا خفضًا متوقعًا لأسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 8 سنتات، أو 0.1 %، لتصل إلى 68.39 دولارًا للبرميل، بينما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 6 سنتات، أو 0.1 %، لتصل إلى 64.46 دولارًا للبرميل. واستقرت المؤشرات على ارتفاع بأكثر من 1 % في جلسة التداول الأخيرة بسبب مخاوف من احتمال تعطل الإمدادات الروسية، وأفادت مصادر في القطاع النفطي إن شركة ترانس نفط، التي تحتكر خطوط أنابيب النفط في روسيا، حذرت المنتجين من أنهم قد يضطرون إلى خفض الإنتاج في أعقاب هجمات الطائرات المسيرة التي شنتها أوكرانيا على موانئ تصدير ومصافي حيوية. وقال إمريل جميل، كبير محللي النفط في مجموعة بورصة لندن: "يركز السوق بشدة على التقلبات الجيوسياسية واحتمال تعطل الإمدادات الروسية. ولا يزال قلق السوق يُبقي الأسعار مرتفعة". ويترقب المستثمرون أيضًا نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) يومي 16 و17 سبتمبر، حيث سينضم إلى المداولات المحافظ الجديد، ستيفن ميران، الحاصل على إجازة من إدارة ترمب، بينما لا تزال ليزا كوك، صانعة سياسات أخرى، تواجه مساعي الرئيس دونالد ترمب لإقالتها. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس يوم الأربعاء، مما من شأنه أن يحفز الاقتصاد ويعزز الطلب على الوقود. وقالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق في فيليب نوفا: "تراهن الأسواق على خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من قبل الاحتياطي الفيدرالي الليلة، وهو ما يعتقد المتداولون أنه قد يخفف تكاليف الاقتراض ويعزز الطلب على الوقود". وأضافت أن هذا الارتفاع مدعوم أيضًا بالتوترات الجيوسياسية ومخاطر الإمدادات الناجمة عن الصراعات، ومع ذلك، ما زلت حذرة. يبدو أن فائض العرض العالمي لبقية عام 2025 شبه مؤكد مع قيام أوبك+ برفع الإنتاج". وقال توني سيكامور، محلل السوق في آي جي، إن تركيز السوق سينصب على "عدد الأعضاء الذين ينضمون إلى ستيفن ميران في معارضة خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس"، وما إذا كانت توقعات السوق تشير إلى خفضين أو ثلاثة تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس، بالإضافة إلى "نبرة رئيس الاحتياطي الفيدرالي باول خلال المؤتمر الصحفي". وأضاف سيكامور أن أي رد فعل "شراء الشائعات وبيع الحقائق" في الأصول الخطرة، بما في ذلك النفط الخام، سيكون قصير الأجل، نظرًا لاحتمالية إجراء تخفيضات أخرى بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر وديسمبر. وفي إشارة إيجابية محتملة، أظهرت بيانات يوم الثلاثاء انخفاض مخزونات النفط الخام والبنزين الأميركية الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت مخزونات نواتج التقطير، وفقًا لمصادر في السوق، نقلاً عن أرقام معهد البترول الأميركي. مخزونات النفط الخام وأضافت المصادر أن مخزونات النفط الخام انخفضت بمقدار 3.42 مليون برميل، وانخفضت مخزونات البنزين بمقدار691 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 12 سبتمبر، بينما ارتفعت مخزونات نواتج التقطير بمقدار 1.91 مليون برميل عن الأسبوع السابق. وسيراقب السوق لمعرفة ما إذا كانت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة يوم الأربعاء تتوافق مع ذلك. وأظهر استطلاع أن المحللين توقعوا انخفاض مخزونات النفط الخام بنحو 900 ألف برميل الأسبوع الماضي، وارتفاع مخزونات نواتج التقطير بنحو مليون برميل، وارتفاع مخزونات البنزين بنحو 100 ألف برميل. من جانب آخر، ذكرت مصادر بأن مندوبي أوبك+ يعتزمون الاجتماع في فيينا يومي الخميس والجمعة لمناقشة منهجية تقييم الطاقة الإنتاجية القصوى للمنظمة المكونة من 22 عضوًا. تُعدّ هذه القضية مثيرة للجدل لأن بعض الأعضاء، مثل الإمارات العربية المتحدة، زادوا من طاقتهم الإنتاجية، مطالبين بزيادة الحصص، بينما شهدت دول أخرى، مثل الأعضاء الأفارقة، انخفاضًا في إنتاجها. وطلب وزراء أوبك+ في مايو من مقر أوبك تطوير آلية لتقييم أقصى طاقة إنتاجية مستدامة لكل عضو، والتي ستُستخدم كمرجع لخطوط إنتاجهم الأساسية لعام 2027. وصرّح أحد المصادر بأن اجتماع هذا الأسبوع سيناقش منهجية هذا التقييم، مضيفًا أن وزراء أوبك+ سيتخذون قرارًا نهائيًا عند اجتماعهم في وقت لاحق من هذا العام. وخطوط الإنتاج الأساسية هي مستويات الإنتاج التي يعتمد عليها كل عضو في تخفيضات أو زيادات الإنتاج. وقد ناقشت أوبك+ خطوط إنتاج أساسية جديدة على مدار السنوات القليلة الماضية. وبدأت ثمانية أعضاء في تحالف أوبك+، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء بقيادة روسيا، في زيادة الإنتاج في أبريل، في محاولة جزئية لاستعادة حصتهم السوقية. وأظهرت الزيادات أن العديد من الأعضاء، مثل العراقوروسيا، يواجهون صعوبة في تحقيق مستويات الإنتاج المستهدفة، بينما استفادت دول أخرى، مثل المملكة والإمارات، اللتين استثمرتا بكثافة في قطاعات الطاقة. وفي تطورات أسواق الطاقة، أعلنت الحكومة الأسترالية يوم الأربعاء أنها ستستثمر 1.1 مليار دولار أسترالي (735 مليون دولار) في تطوير صناعة وقود منخفض الكربون، وهي خطوة لاقت ترحيبًا من جانب جمعيات المزارعين، الذين يأملون أن تعزز الطلب على المواد الخام المستخدمة في صناعة الوقود الحيوي مثل الكانولا وقصب السكر. وأوضحت الحكومة في بيان لها أن هذا التمويل، الذي سيُصرف على مدى عشر سنوات، يهدف إلى تحفيز الاستثمار الخاص في منتجات مثل الديزل الحيوي ووقود الطائرات المستدام. وأستراليا منتج رئيسي لمحاصيل مثل الكانولا وقصب السكر والذرة الرفيعة، والتي يمكن استخدامها في صناعة الوقود. تُصدّر أستراليا حاليًا الغالبية العظمى من هذه المحاصيل وتستورد معظم احتياجاتها من البنزين، يُعدّ زيت الكانولا الأسترالي مادة خام رئيسية لصناعة الديزل الحيوي في أوروبا. وذكر البيان: "بفضل ممارساتنا الزراعية المتقدمة وإمكانية الوصول إلى طاقة متجددة رخيصة وموثوقة، تتمتع أستراليا بمكانة تُحسد عليها لإنتاج وقود سائل أنظف ومنخفض الكربون تحتاجه الطائرات والسفن وآلات البناء والشاحنات الثقيلة للوصول إلى صافي انبعاثات صفري". وصرح وزير المالية جيم تشالمرز: "هذه دفعة أولى لتطوير صناعة جديدة كليًا في أستراليا". وقال: "الأمر يتعلق بجعل الأستراليين واقتصادنا من أكبر المستفيدين من التحول العالمي إلى صافي انبعاثات صفري". ولطالما ضغطت جماعات المزارعين الأستراليين من أجل الاستثمار في الوقود الحيوي، مؤكدةً أنه بدون مساعدة حكومية، لن تنطلق أي صناعة. وقالت سو ماكلوسكي، الرئيسة التنفيذية المؤقتة للاتحاد الوطني للمزارعين: "لا يقتصر الأمر على توفير وقود أنظف فحسب، بل يشمل أيضًا خلق فرص عمل، وتنويع الأنشطة الزراعية، وضمان بقاء مناطقنا في طليعة انتقال أستراليا إلى صافي انبعاثات صفري". في الخليج العربي، تتجه البنوك الخليجية إلى إصدار أدوات دين دولارية بقيمة قياسية قد تتجاوز 60 مليار دولار بنهاية العام الحالي، وسط نمو قوي للائتمان وتيسير مرتقب للسياسة النقدية. وبحسب تقرير صادر عن وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، فإن البنوك الخليجية جمعت بالفعل 55 مليار دولار منذ بداية 2025، نصفها من الصكوك، مقارنة مع 36 مليار دولار العام الماضي بأكمله. بهذا الرقم تمثل أدوات الدين للبنوك الخليجية نحو 30 % من إجمالي إصدارات الديون المقومة بالدولار من بنوك الأسواق الناشئة خلال العام. وجاءت معظم الإصدارات من البنوك السعودية التي جمعت 28.3 مليار دولار منذ بداية العام الحالي 2025، وبفارق كبير عن نظيرتها الإماراتية التي بلغت إصداراتها 11 مليار دولار فقط خلال نفس الفترة، وجاءت البنوك القطرية في المرتبة الثالثة تليها بنوك الكويت. وكثفت البنوك في المملكة إصداراتها في الآونة الأخيرة بهدف تعزيز السيولة في ظل ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع، ومستبقة خفض أسعار الفائدة المتوقع من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال الأسبوع الجاري، في ظل مخاوف متزايدة من نقص السيولة البنوك. يأتي ذلك بعد تجاوز نسبة القروض إلى الودائع حد ال100 %، حيث تجد البنوك السعودية نفسها أمام تحد يتمثل في عدم مواكبة نمو الودائع للزيادة المتسارعة التي تشهدها أنشطة الإقراض ما دفع البنوك، للبحث عن مصادر إضافية لتوفير ما تحتاج إليه من سيولة، ولهذا السبب توسعت البنوك خلال الفترة الماضية في إصدار ديون جديدة في صورة صكوك وسندات. وضمن أبرز الإصدارات، جمع مصرف الراجحي 2.5 مليار دولار من طرحين للصكوك هذا العام، كما جمع البنك السعودي الفرنسي حصيلة قدرها 2.4 مليار دولار. وتتوقع "فيتش" استمرار موجة الإصدارات "القوية" من بنوك المنطقة في 2026 مدعومة بمزيد من خفض أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة، واستحقاق ديون بقيمة 36 مليار دولار، ونمو قوي للائتمان في السعودية والإمارات في ظل استمرار شح السيولة المحلية في البلدين. السيولة تُشكل تحديًا رئيسيًا وأضافت الوكالة أن السيولة ستظل تُشكل تحديًا رئيسيًا أمام البنوك السعودية في العام المقبل، متوقعة استمرار زيادة اعتماد القطاع على التمويل الخارجي. وعلى الرغم من ترجيح الوكالة أن يظل صافي الالتزامات الأجنبية على بنوك المملكة أعلى من 3 % من أصول القطاع، وهو ما قد يؤثر سلبًا عليها من ناحية جودة الائتمان، فقد أشارت إلى أن الاعتماد على التمويل الخارجي لا يزال متواضعًا عند 11.4 % فقط من التزامات القطاع في الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، وهو ما يعطي القطاع متنفسًا. ويتيح إطلاق الأوراق المالية المدعومة بأصول عقارية مؤخرًا في المملكة للبنوك مصدرًا مهمًا من التمويل بالعملة المحلية في ضوء حيازاتها الكبيرة من الرهون العقارية. وشهدت السعودية مطلع الشهر الجاري إطلاق أول سوق لتوريق الديون العقارية، حيث نفذت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري أول صفقة من هذا النوع بعد حصولها على موافقة تنظيمية لتجميع الأوراق وبيعها محليًا. وقد يُشجّع وجود سوق نشطة لتوريق الديون العقارية السكنية البنوك السعودية على تحويل الأوراق المالية المدعومة بالتمويلات السكنية إلى الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، مما يوفّر مساحة أكبر للإقراض الإضافي بهدف دفع النشاط الاقتصادي.