من يتأمل حال أنديتنا اليوم، لا يحتاج عدسة مكبرة ليرى حجم الإرباك الذي صنعته أنظمة الاتحاد السعودي لكرة القدم فيما يخص عدد اللاعبين الأجانب، فالأنظمة التي كان يُفترض أن تضيف تنافسية وعدالة واحترافية، تحولت إلى عبء على الأندية، بل وأحياناً إلى معضلة تُفسد استقرار الفرق وتُشعل الجدل بين الجماهير. فالأمثلة كثيرة ولعل آخرها ما حدث مع لاعب الهلال رينان لودي، الذي استبعده النادي من المشاركات المحلية لكن اللاعب حسب الأخبار التي يتم تداولها، فسخ عقده وهدد باللجوء للفيفا! وللأمانة فاللاعب لا يلام فهو لاعب دولي وخبرة واسعة ويرغب في أن يلعب أساسيا هذا الموسم لعله يجد مكانا في تشكيلة البرازيل بكأس العالم، لكنه يجد نفسه خارج القائمة في مباريات الدوري، لا لضعف فني، بل لأن اللوائح تمنع النادي من تسجيل أكثر من عشرة أجانب في الدوري، رغم أنه مسموح للأندية أن تسجل عددا أكبر من اللاعبين الأجانب. وهنا يبرز التناقض، كيف تسمح لجنة الاحتراف للأندية بالتوقيع مع أكثر من عشرة لاعبين وهم لن يشاركوا في الدوري. هذا الخلل لا يحدث فقط إرباكًا فنيًا للمدربين، بل يفتح أبوابًا لمشكلات مالية وقانونية، فاللاعب الذي يجد نفسه مقيدًا في سجلات النادي من دون فرصة اللعب، قد يلجأ إلى الفيفا بحثًا عن حقه القانوني، في وقت يكون النادي ملزما بدفع رواتب ضخمة وعقود عالية من دون فائدة فنية. الحقيقة تقول، إن الأندية ليست في حاجة إلى مزيد من الأعباء، فما يحدث الآن يُدخلها في مأزق مزدوج، دفع أموال باهظة للاعبين عالميين لا يشاركون، وتحمل تبعات قانونية من دعاوى قضائية متوقعة من لاعبين يشعرون بأنهم "ضحايا اللوائح". والنتيجة، ستكون خسائر مالية، توتر إداري، واستنزاف للجهد الذي يفترض أن يُصرف على بناء الفريق لا على تسوية النزاعات. ختاماً، إذا أراد الاتحاد السعودي لكرة القدم حماية الدوري والأندية واللاعبين، فعليه أن يطور من لوائحه لتكون واضحة ومتسقة، وأن يبتعد على القرارات غير المدروسة التي تطبق في موسم وتلغى بعد حدوث أي قضية قانونية، وكأننا في حقل تجارب لا تنتهي.