في السنوات الأخيرة اتجهت أنظار الأندية السعودية إلى الاستعانة بالمواهب غير السعودية، سواء من المحترفين الأجانب أو من فئة لاعبي المواليد الذين نشؤوا في المملكة، خصوصًا بعد التعديلات التي أجريت على لائحة تسجيل اللاعبين، والتي تسمح بإشراك لاعبين اثنين من فئة المواليد في كل موسم. قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم بالسماح للاعبي المواليد بالمشاركة ضمن قوائم الأندية في الدوري السعودي للمحترفين أثار جدلاً واسعًا بين الأوساط الرياضية والجماهيرية. فالبعض يرى أن الخطوة تمثل دعمًا للموهوبين الذين نشؤوا وترعرعوا في المملكة، وآخرون يرون أن هذه السياسة ستكون على حساب تطور اللاعب السعودي المحلي وتقلص من فرصه في الظهور والتطور داخل الملاعب والمنافسات الدورية والقارية. رغم النية الطيبة خلف القرار، وهو استثمار اللاعبين الذين عاشوا في المملكة ويعرفون بيئتها الكروية، إلا أن الواقع يفرض تساؤلات حول انعكاسات ذلك على اللاعب المحلي، لا سيما في ظل المنافسة الشديدة على مراكز اللعب وتكدّس المواهب في مراكز معينة دون حصولهم على فرص كافية. من الناحية الفنية، قد يكون لاعب المواليد أكثر جاهزية بدنيًا أو تكتيكيًا نتيجة تمرّسه مع أندية قوية أو خلفية تدريبية عالية، ما يجعله خيارًا مغريًا للمدربين، خصوصًا أولئك الذين يبحثون عن نتائج سريعة ولا يملكون الوقت لتطوير اللاعبين المحليين وبالتالي يجد اللاعب السعودي نفسه حبيس دكة البدلاء ما يؤثر سلبًا على تطوره فنيًا. القرار يطرح تساؤلات عن مدى قدرة الأندية على الاستثمار في المواهب السعودية بدلاً من الاعتماد على الحلول الجاهزة سواء من الأجانب أو لاعبي المواليد، فبدلاً من بناء قاعدة قوية للمنتخب الوطني عبر تصعيد اللاعبين المحليين، قد تتحول الأندية إلى بوابة لتهميشهم دون قصد. مع ذلك، لا يمكن إنكار وجود فوائد للقرار، أبرزها زيادة التنافسية، وفتح المجال أمام لاعبين أكفاء، لكن في المقابل يجب أن يُرافق القرار سياسة واضحة لحماية فرص اللاعب السعودي، مثل فرض حد أدنى لمشاركة اللاعبين المحليين في المباريات، أو دعم برامج تطوير الناشئين بشكل فعّال. في الحقيقة هناك طموحات كبيرة لتطوير الكرة السعودية والوصول بها إلى مصاف العالمية، وتبقى الموازنة بين دعم المواهب المقيمة وتمكين اللاعب المحلي ضرورة ملحّة. وقرار إشراك لاعبي المواليد قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح إذا ما تم ضبطه بسياسات تراعي المصلحة الوطنية على المدى الطويل، فالتحدي الحقيقي لا يكمن في إتاحة الفرصة للجميع فحسب، بل في ضمان عدالة التنافس وتمكين أبناء الوطن من تمثيله بجدارة داخل وخارج المستطيل الأخضر.. ودمتم سالمين.