أكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، أن شراكة دول المجلس مع اليابان لا تقوم فقط على المصالح الاقتصادية والسياسية، بل على رؤية مشتركة لمستقبل يسوده السلام والتنمية المستدامة. جاء ذلك خلال كلمة معاليه، في الاجتماع الوزاري المشترك الثاني بين مجلس التعاون واليابان، بمدينة الكويت اليوم، برئاسة معالي وزير الخارجية لدولة الكويت رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري عبدالله علي عبدالله اليحيا. وأوضح أن الاجتماع المشترك جاء في ظروف دولية تتسم بتحولات سياسية واقتصادية وأمنية متسارعة، وتتطلّب تضامنًا وشراكات أقوى لمواجهة التحديات المشتركة، من الأمن الغذائي والتغير المناخي، إلى أمن الطاقة والتحول الرقمي، وهنا يتجلى عمق وجدوى الشراكة مع اليابان. وأشار معاليه إلى أن هناك خطوات بارزة بين دول مجلس التعاون واليابان أهمها، توقيع مذكرة التفاهم للتعاون والحوار الإستراتيجي في عام 2012، التي أرسَت مسارًا منتظمًا للتشاور والتعاون في السياسة، والأمن، والتجارة، والطاقة، والصحة، والتعليم، والثقافة، وإطلاق خطة العمل المشترك 2024–2028، التي وسّعت الشراكة لتشمل الاقتصاد الرقمي، والابتكار التكنولوجي، والطاقة النظيفة، والأمن الغذائي، والرعاية الصحية المتقدمة، والإعلان عن انطلاق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بالتوقيع على البيان المشترك في 16 يوليو 2023، بمدينة جدة، والتوقيع على الشروط المرجعية بتاريخ 19 أغسطس 2024، بمدينة طوكيو، وعُقدت حتى تاريخه جولتان تفاوضيتان آخرها استضافتها العاصمة طوكيو خلال الفترة 30 يونيو وحتى 5 يوليو 2025، ويسعى الجانبان من خلال هذه الاتفاقية إلى إزالة العوائق الجمركية والإجرائية، وتسهيل التجارة والاستثمار، ومعالجة قضايا الصحة والصحة النباتية والملكية الفكرية وعدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وتعاظم حجم التبادل التجاري في عام 2024 ليصل إلى مبلغ 115 مليار دولار، منها 84 مليار دولار صادرات خليجية، معظمها من النفط والغاز والبتروكيماويات، و31 مليار دولار واردات من اليابان في مجالات السيارات والتكنولوجيا والمنتجات الصناعية المتقدمة، ونمو الاستثمارات اليابانية في دول المجلس لتتجاوز 15 مليار دولار، في قطاعات الطاقة المتجددة والرقمنة والصناعات الذكية، وهو ما يعكس ثقة اليابان العميقة في بيئتنا الاقتصادية. ولفت النظر إلى توقيع مذكرات تفاهم مع شركات يابانية كبرى لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر والأمونيا الزرقاء في الإمارات والسعودية وقطر، دعمًا للتحول العالمي نحو الحياد الصفري بحلول منتصف القرن، أما في مجال التعليم، ارتفع عدد الطلبة الخليجيين في الجامعات اليابانية بنسبة 25% منذ عام 2020، كما توسعت برامج التبادل الأكاديمي والبحثي لتعزيز نقل المعرفة وبناء القدرات، وفي مجال الصحة، أطلقت مبادرات رائدة في الطب الرقمي والذكاء الاصطناعي الطبي، بما عزز جودة الرعاية الصحية وفتح آفاقًا أوسع للبحث والتطوير المشترك، وفي السياق الثقافي، جاءت مشاركة دول مجلس التعاون الست في إكسبو أوساكا 2025 لتشكل علامة فارقة تعكس عمق هذه الشراكة مع اليابان. وأعرب عن تطلعه إلى تحقيق تعزيز التشاور الإستراتيجي لضمان استقرار المنطقة وأمن الممرات البحرية، والاستثمار في الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة وتقنيات احتجاز الكربون، وتطوير التعاون في الأمن الغذائي والزراعة المستدامة، وتوسيع التبادل الثقافي والسياحي، مستفيدين من الفعاليات الكبرى التي تستضيفها دول المجلس، والعمل المشترك لتحقيق الحياد الصفري للكربون بحلول منتصف القرن.