أكثر الآراء جاذبيةً للجمهور هي تلك التي تُطلِق حكمًا كبيرًا في جملةٍ صغيرة، والقول إن "أي لاعب سعودي - قديمًا أو حديثًا - لا يمكنه النجاة في أوروبا" حكمٌ مجرّد من السياق، لأنه يقفز فوق أسئلةٍ أساسية يجب أن تُجاب قبل أي تعميم في أي زمن؟ أي دوري؟ أي نادٍ؟ أي دور تكتيكي؟ أي بيئة احترافية؟ وأي إطار تنظيمي وسوقي؟ المقارنة بين أساطير حقبة زمنية سابقة والواقع المعاصر تتجاهل اختلاف البنية تمامًا فقبل عقدين وثلاثة لم تكن شبكات الاستكشاف والانتقالات في الشرق الأوسط بالحجم والمرونة الحاليين، ولم تكن مدارس اللعب الأوروبية منفتحة بالطريقة نفسها على أسواق آسيا كما أن قوانين وقيود غير الأوروبيين، وتصاريح العمل، وحصص الأجانب، تعيد تشكيل قرارات الأندية، والحال الاقتصادي والفوارق الكبيرة بين أجور الخليج وبعض أندية أوروبا الوسطى/الدنيا تجعل الجدوى المالية للاعب والنادي محل سؤال وصولاً إلى التواصل والثقافة والاندماج، والبعد الاجتماعي عوامل حقيقية تؤثر في القرار والنجاح. أي رأي من نوع "يستطيع/لا يستطيع" يجب أن يمر عبر معايير اختبارية محددة لا عبر كلام إنشائي فما يناسب الدوري البلجيكي قد لا يناسب البريميرليغ، وملائمة الدور التكتيكي للاعب في المنظومة (جناح عكسي، جناح خط، مهاجم ظل)، وتوقيت انتقاله عمرياً (22–24 سنة مثلاً) يعتبر انتقالا متأخرا بعد الذروة فسعود عبدالحميد كان من الممكن أن يكون أساسياً في دوري متقدم قبل عشرين عاما، ولكن الآن الأندية تبحث عن من هو في عمر 17 إلى 19 لتؤهله ليكون أساسيا في العشرين، وأخيراً قدرة اللاعب على التكيف (وقتياً ونفسياً) وهل النادي مستعد لدفع هذا الثمن الزمني؟ ومن دون هذه الخانات، الحكم يصبح تعميمًا غير قابل للتحقق. الزعم بأن أساطير مثل ماجد والثنيان وسامي "لم يكونوا يستطيعون" الاحتراف في أوروبا، يتجاهل سياق زمانهم (قوانين، حصص، كشّافون، مسارات)، وجاذبية الأندية المحلية وقتها رياضياً ومالياً، وندرة القنوات المؤسسية التي تربط الخليج بالأندية الأوروبية حينئذٍ، وهذه العوامل ليست هامشية؛ فهي التي تصنع سوق الانتقالات وإسقاطها من المعادلة يهدم مهنية الرأي، والحكم المطلق من نوع "لا يوجد لاعب سعودي قادر على الاحتراف في أوروبا" هو تسطيح يتجاوز حقائق الزمان والمكان والسوق والملاءمة التكتيكية والتكيّف الإنساني. أوروبا ليست اختبار موهبة بل منظومة بشروط دخول ونجاح، ومن المؤكد أن بعض اللاعبين سيفشل هناك، وبعضهم سينجح (كأي جنسية أخرى) بحسب الملاءمة، وإذا أردنا نقاشًا يحترم عقل الجمهور، فلنحوّل "ماذا لو" إلى فرضيةٍ قابلة للاختبار: نحدد الدوري، الدور، التوقيت، الجدوى، وخطة التكيّف... ثم نحكم وما عدا ذلك يبقى تعميمًا غير منطقي مهما بدا مثيرًا في مقطع فيديو قصير. يوسف الثنيان سامي الجابر سعود عبدالحميد محمد العمري