أمير مكة يرفع الشكر لولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    وزير الصناعة يبحث تعزيز التكامل الصناعي مع مصر    الفيفا يختار طاقم تحكيم دولي سعودي لإدارة مباريات كأس العالم    الأمير محمد بن سلمان والسيسي يبحثان التطورات في فلسطين    أمير القصيم: تبرع ولي العهد بالدم وإطلاق الحملة الوطنية محطة تاريخية لترسيخ قيم البذل والتكافل الإنساني    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    زيلينسكي: بوتين لا يفهم سوى القوة والضغط    نواف بن سعد يوجه رسالة لجماهير الزعيم    فالكونز السعودي يحسم لقب كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 للمرة الثانية تواليًا    فرص إنقاذ الأرواح في غزة تتضاءل.. المجاعة تفتك بالأطفال    تحدّيات الإبداع: بين ساعات الإمتاع وثواني الاتباع    ولي العهد يتبرع بالدم في بادرة كريمة.. ويُطلق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    تعيين حُكام بطولة كأس العالم تحت 17 سنة FIFA قطر 2025™    منح المواطن ماهر الدلبحي وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير شجاعته في إنقاذ الأرواح    نهائي السوبر السعودي.. عُقدة النصر تُقلق يايسله    الدعم النفسي الأسري والمدرسي وحرص الطلاب.. مثلث لنجاح العودة للدراسة    سمو محافظ الأحساء يرعى توقيع خمس اتفاقيات تعاون ضمن فعاليات معرض "اللومي الحساوي 2025"    بلدية بقيق تدشّن مشروع جمع ونقل النفايات للأعوام 2025 – 2029    المملكة تُدين بأشدّ العبارات إمعان سلطات الاحتلال الإسرائيلي في جرائمها بحقّ الشعب الفلسطيني الشقيق وأرضه المحتلة    مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم.. نجاح متجدد ورسالة عالمية    وفاة الإعلامي فهد بن عبدالرحمن خميس أحد رواد الصحافة السعودية    الهلال الأحمر ينفذ مبادرة المهارات الأساسية للإسعافات الأولية في جمعية الإعاقة السمعية بجازان    موعد مباراة الهلال والفيحاء الودية    انخفاض طفيف للذهب وسط تطورات أسعار الفائدة    بيت الثقافة يفتح أبوابه لدورة "عدستي تحكي" بالتعاون مع نادي فنون جازان    أبطال التجديف السعودي يتألقون في آسيا ب 4 ميداليات    تجمع الرياض الصحي الثالث يطلق حملة تعلم بصحة لتعزيز الصحة المدرسية والوقاية المبكرة    "الأرصاد": أمطار على منطقة جازان    الإحصاء: أكثر من 15 مليون معتمر خلال الربع الأول 2025    التخصصي ينجح في زراعة قلب لطفل بعد نقله من متبرع متوفى دماغيا في الإمارات    ألمانيا تعلن «حاجتها لجواسيس».. والبداية من لعبة كمبيوتر    ارتفاع تكاليف البناء في المملكة بنسبة 0.7% خلال يوليو 2025م    القيادة والمواطن سر التلاحم    أمين الباحة يشرف حفل زواج الزهراني    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    «قوى»: إعادة تشكيل سوق العمل ب 14.5 مليون مستخدم    إرتفاع عدد المنشآت المستفيدة من الصندوق.. «تنمية الموارد» يسهم في توظيف 267 ألف مواطن    «الدارة» تصدر عددها الأول للمجلة في عامها «51»    سعودي يحصد جائزة أفضل مخرج في السويد    نزوات قانونية    وفاة القاضي الرحيم فرانك كابريو بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس    شراحيلي يكرم نخبة من أهل والثقافة والفن والإعلام    أكد أنه يتاجر بالطائفة.. وزير خارجية لبنان: لا رجعة في قرار نزع سلاح حزب الله    الثبات على المبدأ    المشاركون بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يزورون المشاعر المقدسة    لافروف يشدد على أهمية حضور روسيا مناقشة الضمانات الأمنية.. واشنطن تراهن على لقاء بوتين وزيلينسكي    اليمن يقطع شرايين تمويل الحوثي    المرأة السعودية العاملة.. بين القلق والاكتئاب    «الملك عبدالله التخصصي» يُجري أول عملية زراعة قوقعة باستخدام اليد الروبوتية    نائب أمير الشرقية يطّلع على خطط تجمع الأحساء الصحي    تصوراتنا عن الطعام تؤثر أكثر من مكوناته    اجتماع افتراضي لرؤساء دفاع الناتو بشأن أوكرانيا    محافظ الدرب يستقبل رئيس وأعضاء جمعية علماء    أكّد خلال استقباله رئيس جامعة المؤسس أهمية التوسع في التخصصات.. نائب أمير مكة يطلع على خطط سلامة ضيوف الرحمن    طلاق من طرف واحد    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    أمير تبوك يطلع على سير العمل بالمنشآت الصحية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الرقمنة».. شريان الحياة الجديد للاقتصاد السعودي
نشر في الرياض يوم 21 - 08 - 2025

لم تعد الرقمنة مجرد تطور تكنولوجي، بل أصبحت شريان الحياة الذي يغذي نمو الاقتصادات العالمية ويحدد مسارها المستقبلي، ففي المملكة، ومع سعيها الحثيث لتحقيق رؤية 2030، تبرز الرقمنة كقوة دافعة أساسية في رفع كفاءة الإنتاج، وتقليل تكاليف التشغيل، وزيادة القدرة التنافسية على الصعيدين المحلي والعالمي، هذا التقرير يستعرض كيف تحوّل الرقمنة المشهد الاقتصادي السعودي، وتضعه في مصاف الاقتصادات العالمية الأكثر ديناميكية وابتكارًا.
الرقمنة ترفع كفاءة الإنتاج
تغلغلت التقنيات الرقمية المتقدمة في قلب القطاعات الإنتاجية السعودية، مما أحدث ثورة في طرق العمل التقليدية. من خلال دمج الذكاء الاصطناعي (AI)، وإنترنت الأشياء (IoT)، والبيانات الضخمة (Big Data)، والحوسبة السحابية (Cloud Computing)، والبلوكتشين (Blockchain)، تشهد الصناعات تحولًا جذريًا نحو الكفاءة والإنتاجية المحسّنة.
ففي قطاع النفط والغاز تُعد أرامكو السعودية مثالًا عالميًا رائدًا في تبني الرقمنة، حيث تستخدم الشركة شبكات واسعة من مستشعرات إنترنت الأشياء المنتشرة في آبار النفط ومحطات المعالجة، التي تجمع بيانات لحظية عن مستويات الإنتاج، ضغط الأنابيب، درجة الحرارة، وأداء المعدات، تُحلل هذه البيانات بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للتنبؤ بكميات الإنتاج المستقبلية، وتحسين عمليات الحفر والاستخراج، وتحديد أي انحرافات أو أعطال محتملة في المعدات قبل حدوثها (الصيانة التنبؤية)، وهذا التوجه لا يزيد من كفاءة الاستخراج فحسب، بل يقلل أيضًا من الهدر والمخاطر التشغيلية، ويُخفض بشكل كبير تكاليف الصيانة غير المخطط لها، على سبيل المثال، يمكن لبرامج المحاكاة الرقمية (Digital Twins) إنشاء نسخ افتراضية لمنشآت الإنتاج، مما يتيح للمهندسين اختبار سيناريوهات مختلفة وتحسين العمليات دون التأثير على الإنتاج الفعلي.
المصانع الذكية
وفي مجال الصناعات التحويلية والمصانع الذكية تشهد المملكة تحولًا نحو مفهوم "المصانع الذكية" التي تعمل بأقل تدخل بشري، حيث تُستخدم الروبوتات الصناعية والأتمتة في خطوط الإنتاج لزيادة سرعة التصنيع ودقته، وتقليل الأخطاء البشرية. أنظمة إدارة التصنيع (MES) القائمة على البيانات الضخمة تُمكن المصانع من تتبع كل مرحلة من مراحل الإنتاج، من استلام المواد الخام وحتى المنتج النهائي، ويتيح ذلك تحسين سلاسل الإمداد، وتقليل زمن دورة الإنتاج، وضمان جودة المنتج بشكل مستمر، ففي مدينة الجبيل الصناعية، بدأت شركات البتروكيماويات في تطبيق هذه التقنيات لزيادة كفاءة إنتاج المواد الأساسية مثل البوليمرات والأسمدة، مما يعزز قدرتها التصديرية.
أما في مجال الزراعة الذكية والأمن الغذائي، وعلى الرغم من التحديات البيئية، فإن الرقمنة تساهم في تطوير الزراعة السعودية، إذ تُستخدم تقنيات الاستشعار عن بعد والطائرات المسيرة (الدرونز) لمراقبة صحة المحاصيل، وتحليل التربة، وتحديد الاحتياجات الدقيقة للمياه والمغذيات. كما أن أنظمة الري الذكي تستجيب لظروف الطقس ومستويات الرطوبة، مما يقلل بشكل كبير من استهلاك المياه – كمورد حيوي وناقص في المنطقة، وهذا لا يزيد من المحصول فحسب، بل يعزز أيضًا الأمن الغذائي للمملكة على المدى الطويل، وعلى سبيل المثال، يمكن للمزارع استخدام تطبيقات تحليل البيانات لتحديد أفضل أوقات الزراعة والحصاد، مما يرفع من إنتاجية الفدان الواحد.
الرقمنة تقلل تكاليف التشغيل
تُعد الرقمنة استراتيجية مالية حكيمة، حيث تُساهم بشكل مباشر في خفض التكاليف التشغيلية وتحقيق أقصى قدر من الربحية للشركات والمؤسسات، وإذا نظرنا إلى الأتمتة والعمالة، ومن خلال أتمتة المهام المتكررة والروتينية، تقل الحاجة إلى التدخل البشري في العمليات الأساسية، مما لا يعني بالضرورة الاستغناء عن العمالة، بل إعادة توجيهها نحو مهام أكثر قيمة تتطلب التفكير النقدي والإبداع، حيث يقلل هذا التحول من تكاليف الأجور المرتبطة بالمهام الروتينية، ويزيد من كفاءة استخدام الموارد البشرية.
إن أنظمة إدارة الطاقة الذكية المبنية على إنترنت الأشياء يمكنها مراقبة استهلاك الطاقة في المباني والمصانع وتعديله تلقائيًا لتقليل الفاقد. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الصيانة التنبؤية، التي تعتمد على تحليلات البيانات للكشف عن المشكلات المحتملة في المعدات قبل حدوثها، وفي تقليل فواتير الصيانة الطارئة المكلفة وتجنب فترات التوقف غير المخطط لها، والتي قد تكلف الشركات الملايين يوميًا.
كما تُقلل الرقمنة من تكاليف اللوجستيات بشكل كبير، من خلال استخدام تقنيات البلوكتشين، يمكن تتبع المنتجات من المصدر إلى المستهلك بشفافية ودقة، مما يقلل من احتمالات الفساد أو الأخطاء ويُحسن من إدارة المخزون، وهذا يعني تقليل تكاليف التخزين، وتجنب المخزون الزائد أو الناقص، وتقليل الهدر الناتج عن البضائع التالفة أو المنتهية الصلاحية، إضافة إلى أنها توفر القدرة على جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات، مما يُمكّن المديرين والمسؤولين من اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على رؤى دقيقة بدلاً من التخمينات، ومن ثم تؤدي هذه القرارات الدقيقة إلى استثمارات أفضل، وتخصيص موارد أكثر فعالية، وتقليل المخاطر المالية، مما ينعكس إيجابًا على الربحية.
تعزيز القدرة التنافسية في السوق العالمية
ولا تقتصر فوائد الرقمنة على تحسين الكفاءة الداخلية فحسب، بل تمتد لتُعزز من قدرة الشركات السعودية على المنافسة بقوة في السوق العالمية.
وتتيح المراقبة الرقمية لعمليات الإنتاج إمكانية تحقيق معايير جودة عالمية بل وتجاوزها، من خلال التحليل المستمر للبيانات، يمكن للشركات تحديد نقاط الضعف في المنتج أو العملية وتحسينها بشكل فوري، كما تُعزز الرقمنة من قدرة الشركات على الابتكار وتقديم منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات الأسواق العالمية المتغيرة بسرعة، فعلى سبيل المثال، تتيح تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد وتطوير نماذج أولية سريعة ومخصصة للمنتجات، مما يقلل من وقت الوصول إلى السوق.
وفي عالم يتسم بالتقلبات السريعة، تمنح الرقمنة الشركات السعودية ميزة هائلة، بفضل البيانات والتحليلات اللحظية، يمكن للشركات الاستجابة بسرعة للتغيرات في طلبات المستهلكين، أو الاضطرابات في سلاسل الإمداد، أو ظهور منافسين جدد، وهذه المرونة تُمكنها من الحفاظ على حصتها السوقية وتوسيعها.
وتفتح المنصات الرقمية والتجارة الإلكترونية آفاقًا غير مسبوقة للشركات السعودية للوصول إلى عملاء جدد في جميع أنحاء العالم دون الحاجة إلى بنى تحتية مادية ضخمة في كل بلد، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة السعودية الآن المنافسة عالميًا من خلال عرض منتجاتها عبر الإنترنت، مما يزيد من فرص النمو والتوسع. هذا يقلل من حواجز الدخول إلى الأسواق العالمية ويخفض تكاليف التصدير بشكل كبير.
كما تساهم الشفافية التي توفرها الرقمنة في بناء الثقة مع العملاء والشركاء الدوليين، والقدرة على تتبع المنتجات، وضمان جودتها، وتقديم خدمة عملاء فعالة عبر القنوات الرقمية، كل ذلك يعزز من سمعة الشركات السعودية كجهات موثوقة ومبتكرة.
أمثلة عالمية ودروس مستفادة
يمكن للمملكة الاستفادة من تجارب الدول الرائدة في التحول الرقمي مثل ألمانيا والصين في التصنيع الذكي لتعزيز مسيرتها، فقد ركزت ألمانيا على ربط المصانع والآلات والمنتجات رقميًا لخلق "مصانع ذكية" ذاتية التنظيم، وأدت هذه الاستراتيجية إلى زيادة هائلة في الكفاءة وتقليل الأخطاء، مما عزز مكانتها كقوة صناعية عالمية.
أما الصين فقد استثمرت بكثافة في الروبوتات والذكاء الاصطناعي لتحويل قطاع التصنيع لديها، مما جعلها رائدة عالميًا في حجم الإنتاج والجودة، وتستطيع المملكة الاستفادة من هذه النماذج في تطوير استراتيجياتها الخاصة، مع التركيز على التوطين وبناء القدرات المحلية في مجال التكنولوجيا.
تطلعات مستقبلية
لم تعد الرقمنة مجرد اتجاه عابر، بل هي أساس التحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة العربية السعودية، من خلال الاستثمار المستمر في التقنيات، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وبناء الكفاءات البشرية، ستواصل المملكة تعزيز كفاءة إنتاجها، وتقليل تكاليفها، وزيادة قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، هذا التحول سيجعل الاقتصاد السعودي أكثر مرونة، واستدامة، وقدرة على قيادة الابتكار في المستقبل، محققًا بذلك الأهداف الطموحة لرؤية 2030 ليصبح نموذجًا عالميًا للاقتصاد الرقمي المزدهر.

المملكة توظف أدوات التقنية لخدمة المواطن والمقيم
زيادة الإنتاج والتصدير من خلال استخدام تقنيات حديثة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.