العلا السعودية هوليود الشرق

استديوهات الحصن بيغ تايم في الرياض، المملوكة لهيئة الترفيه السعودية، والتي بنيت في 120 يوماً، وبدأت أعمالها في نوفمبر 2024، وكلاهما يحاول استثمار العلاقة العضوية بين السياحة والترفيه وصناعة السينما، ضمن ما يعرف بالسياحة السينمائية..
توجد بمدينة العلا السعودية، منشآت إنتاج فني عالمية، تقدم فيها خدمات متكاملة، ولديها موقع تصوير مساحته ثلاثين ألف متر مربع، وفيه تم تصور فيلم قندهار الأميركي، ومواطنه فيلم محارب الصحراء، والثاني مأخوذ من موقعة ذي قار المعروفة عند المسلمين، وقد وصلت إيراداته إلى 140 مليون دولار، ومعها استديوهات الحصن بيغ تايم في الرياض، المملوكة لهيئة الترفيه السعودية، والتي بنيت في 120 يوماً، وبدأت أعمالها في نوفمبر 2024، وكلاهما يحاول استثمار العلاقة العضوية بين السياحة والترفيه وصناعة السينما، ضمن ما يعرف بالسياحة السينمائية، وهذا يفسر تقديم خصومات مالية لصناع السينما، في الأراضي السعودية، وبنسبة 40%، إضافة إلى الدعم والتسهيلات اللوجستية، والمسألة لا زالت في بداياتها، ومجرد نجاح فيلم واحد بمواصفات عالمية في الداخل السعودي، سيحدث فارقا كبيرا في السياحة، وسيزيد من نجاحاتها الحالية.
الدليل أن مدينة باريس ورغم شهرتها السياحية، زادت السياحة فيها بنسبة 25% عام 2017، نتيجة لتصوير فيلم دانكرك في أراضيها، وتوجد ثلاثة مواقع سياحية في بريطانيا، مداخيلها كل عام 26 مليون دولار، وكلها تأتي من بيع العصي، التي كانت تستخدم في سلسة أفلام هاري بوتر، والمعنى أنه حتى الأدوات المستخدمة في الأفلام والمسلسلات، يمكن استثمارها سياحياً، وبحسب هيئة السياحة البريطانية، فإن سلسة أفلام هاري بوتر لوحدها، رفعت في عامها الأول، أعداد السياح إلى بريطانيا بنسبة 230%، وأفلام القلب الشجاع وسيد الخواتم وصراع العروش، زادت من الإقبال السياحي على اسكتلندا ونيوزلندا وكرواتيا، وبنسب تتراوح مابين 40% و300%.
في المقابل وعلى المستوى العربي، نجد أن السياحة في الأردن تغيرت بعد تصوير فيلم علاء الدين فعلى أراضيها، وبحسب أرقام هيئة السياحة الأردنية عام 2023، فقد رفع السابق أرقام السياح فيها إلى مليون و200 ألف سائح، وهو أعلى من سياحة عام 2022 بحوالي 88%، والأردن رائدة في هذا المجال، وبالأخص مدينة البتراء، التي اختارتها صحيفة يو اس ايه توداي الأميركية في 2015، ضمن أفضل عشرة أماكن للتصوير السينمائي في العالم، وشهرتها السياحية بدأت في عام 1989، بعد عرض فيلم انديانا جونز اند ذا لاست كروسيد، لهاريسون فورد، الذي صور فيها.
علاوة على أفلام مهمة صورت في المغرب، أبرزها، ذا غلادييتر، الذي صورت مشاهدة في قصبة آيت بن حدو المغربية، والقصبة اليوم مزار سياحي عالمي، تنظم فيه جولات سياحية، والبتراء وآيت بن حدو لا تختلفان عن العلا، وكلتاهما مدرجتان في قائمة التراث العالمي باليونسكو.
المسألة مهمة وتحتاج لعناية خاصة من قبل المسؤولين السعوديين، لأن تفاصيل الأفلام والمسلسلات، في بعض الأحيان، قد تحدث تأثيرا سياحياً خاصاً، ومن الأمثلة، أن السلالم التي رقص عليها الجوكر في مدينة نيويورك، في فيلم يحمل الاسم نفسه، وتحديدا سلالم شارعي شكسبير واندرسون، تحولت إلى وجهة سياحية يسمونها: جوكر ستايرز، وكرسي الحديقة الخشبي، الذى كان توم هانكس يجلس عليه، في فيلم فورست غامب، أصبح جزءاً من معرض سياحي في ولاية جورجيا الأميركية، وسلسلة هاري بيتر، حولت رصيفا في محطة كنغز كروس اللندنية، إلى مزار سياحي، لأنه كان يدخل من أحد جدرانه بعربة حقائبه، في طريقة لمدرسة السحرة، وبسبب فيلم أربعة أفراح وجنازة، لهيو غرانت في 1994، تم حجز الفندق الذي صور فيه الفيلم بالكامل، ولمدة ثلاثة أعوام متواصلة، واسمه: ذا كراون هوتيل، وفيلم ميشن ايمبوسيبول في جزئه الثاني، زاد من الزيارات السياحية ل"الناشونال بارك" في سيدني الأسترالية عام 2000، وبنسبة 200%، وفيلم برايد اند بريجيدس المنتج عام 2005، زاد من الزيارات السياحية ل"لايم بارك" في بريطانيا بنسبة 150%.
تقرير اتجاهات السفر لعام 2025، أشار إلى أن 66% من المسافرين أو السياح، تأثروا بالأفلام والبرامج التلفزيونية في اختياراتهم، وبحسب تقرير ريبورت إند إنسايت، فإن حجم سوق السياحة السينمائية، وصل إلى 73 مليارا و400 مليون دولار في 2024، والمتوقع أن ينمو بمعدل 7% سنويا، ليقفز إلى 136 مليار دولار في 2033، واستنادا لبيانات وكالة السياحة والسفر العالمية لعام 2016، فان أكثر من 40 مليون سائح حول العالم، يختارون وجهاتهم السياحية، بالاعتماد على أفلام سينمائية ودعائية، كانوا قد شاهدوها في بلدان مختلفة، و10% من الرجال يعتبرون الأفلام مصدرهم الأول في اختبار وجهات السفر، وأترك كل ما تقدم على طاولة الأجهزة الحكومية المسؤولة عن الثقافة، والترفيه والسياحة، لأنهم أصحاب الخبرة والتجربة في هذه الصناعة.