تُعد أكاديمية الفنون والثقافة إحدى المبادرات التعليمية الوطنية الرائدة التي أطلقتها وزارة الثقافة بالشراكة مع وزارة التعليم، بهدف اكتشاف وتنمية ورعاية المواهب الثقافية والفنية لدى الطلاب والطالبات في التعليم العام، بما يشمل مجالات الرسم، والمسرح والتمثيل، والعزف، والغناء. وتمثل هذه الأكاديميات أول نموذج من نوعه في المملكة يجمع بين التعليم الأكاديمي المعتمد والبرامج الثقافية المتخصصة، ضمن بيئة تعليمية محفزة تدعم الإبداع وتحتفي بالمواهب. ستبدأ المرحلة الأولى للأكاديمية في العام الدراسي المقبل"2026/2025"، مستهدفة طلاب الصف الرابع الابتدائي حتى الصف الثاني المتوسط، مع خطة للتوسع التدريجي لتشمل مختلف المراحل الدراسية في السنوات القادمة. وتفتتح الأكاديمية أول مدرستين في هذه المرحلة؛ إحداهما في حي النخيل بمدينة الرياض مخصصة للبنين، والأخرى في حي الشراع بمدينة جدة مخصصة للبنات، على أن يمتد النشاط مستقبلاً ليغطي مناطق المملكة كافة، ويشمل البنين والبنات في كل المراحل الدراسية. عملية القبول في الأكاديمية تمر بعدة خطوات دقيقة، تبدأ بتعبئة استمارة إلكترونية عبر منصة الأكاديمية، تتضمن رفع الأعمال الفنية، ثم إجراء تقييم أداء ومقابلة شخصية بإشراف لجنة تحكيم متخصصة، وصولاً إلى إشعار الطالب بالقبول أو الاستبعاد. وتُمنح الأولوية للطلاب الذين يظهرون مستوى متميزًا من الموهبة والقدرة على تطويرها. ولا تفرض الأكاديمية أي رسوم تسجيل أو دراسة، كونها مدعومة بالكامل من وزارتي التعليم والثقافة، وهو ما يعكس التزام الدولة بدعم الموهبة وتوفير فرص متكافئة لجميع المستحقين. اليوم الدراسي في الأكاديمية مصمم لتحقيق التوازن بين التحصيل العلمي وتطوير المهارات الإبداعية. ففي الفترة الصباحية، يدرس الطلاب المواد الأساسية وفق منهج وزارة التعليم، فيما تخصص الفترة المسائية للبرامج الثقافية المتخصصة في مجال الموهبة الذي تم قبوله فيه. ويختلف وقت انتهاء اليوم الدراسي بين المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، مع تخصيص وقت للاستراحة والغداء بين الفترتين. كما توفر الأكاديمية خدمة نقل مجانية تغطي جميع أحياء الرياضوجدة لضمان وصول الطلاب بسهولة. يحصل الطالب بنهاية كل عام دراسي على شهادة رسمية صادرة من وزارة التعليم للمرحلة التي يدرس بها، إضافة إلى شهادة تخصصية في المجال الثقافي، إذا اجتاز اختبارات أو تقييمات معيارية معتمدة من جهات رسمية محلية أو دولية. وتشمل الأنشطة الثقافية مزيجًا من المعرفة النظرية والتطبيق العملي، مع تنظيم معارض وفعاليات لعرض أعمال الطلاب بشكل مستمر، مما يمنحهم فرصة للتفاعل مع الجمهور وتطوير خبراتهم. تهدف الأكاديمية إلى إعداد جيل قادر على المنافسة في المسارات الجامعية والمهنية المتخصصة في الفنون والثقافة، سواء داخل المملكة أو خارجها، من خلال مناهج متطورة وشراكات مع جامعات ومعاهد ثقافية عالمية. كما يتيح برنامج الابتعاث الثقافي لخريجي الأكاديمية فرصة استكمال دراساتهم العليا في تخصصات إبداعية غير متوفرة محليًا. وتعمل وزارة الثقافة على توسيع هذه المسارات بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية والفنية في الداخل والخارج. وتُجهز بيئة الأكاديمية بأحدث المرافق والتجهيزات الفنية اللازمة لكل مجال، بما في ذلك المسارح، وأدوات الموسيقى، ومعامل الفنون البصرية، ومرافق التدريب العملي، مما يمنح الطلاب تجربة تعليمية متكاملة تحاكي المعايير العالمية مع الحفاظ على الهوية الثقافية المحلية. كما تشجع المناهج على استكشاف التراث السعودي واستلهامه في الأعمال الفنية، بما يعزز المحتوى المحلي ويسهم في صناعة الثقافة والفنون. ومع خطط التوسع السنوية التي تشمل إضافة صفوف دراسية جديدة حتى الوصول إلى المرحلة الثانوية خلال ثلاث سنوات، وافتتاح فروع للبنين والبنات في مختلف المدن، تمثل أكاديمية الفنون والثقافة خطوة استراتيجية لتعزيز حضور المملكة في مجالات الإبداع الفني وتنمية رأس المال البشري في القطاع الثقافي، بما يتماشى مع مستهدفات "رؤية السعودية 2030". إنها ليست مجرد مدارس، بل منصات لصناعة المستقبل الثقافي للمملكة، وتأهيل جيل جديد من المبدعين القادرين على ترك بصمتهم في الساحة المحلية والعالمية.