تزداد المدن لدينا كبرًا واتساعًا وامتدادًا لمواكبة واستيعاب متطلبات التنمية المتسارعة والامتداد العمراني المتواصل، نتيجة لتزايد المباني السكنية والمقار الحكومية والمراكز التجارية والمدن الصناعية والبنى الأساسية، بالإضافة للمرافق الخدماتية العامة والترفيهية والحدائق العامة، مع تزايد أعداد السكان والوافدين، وتموضع الشركات العالمية، وبروز المملكة كوجهة سياحية محليًا وعالميًا، وجذب الزوار إليها، وتشجيع السياحة فيها، هذا إلى جانب الحدثين العالميين الكبيرين القادمين، وهما: معرض الرياض الدولي إكسبو 2030، واستضافة المملكة لبطولة كأس العالم 2034، وما سيتطلبه هذان الحدثان المهمان من إعداد واستعداد لتوفير كافة الإمكانات والمتطلبات لنجاحهما، وإظهار وجه المملكة مشرقًا متألقًا يليق بمكانتها ومنزلتها وسمعتها بين أمم العالم قاطبة، وكل هذه الأحداث المتعاقبة ستتواكب وتزداد معها وسائل النقل والمواصلات بل وستتضاعف لاستيعاب كل هذه الأعداد الهائلة من المركبات. والذي يراد التركيز عليه وجذب الانتباه إليه في هذا المقال هو إشارة لشيء له من الأهمية وبُعد الأثر، ما يجعله جزءًا مكملًا لهذه المقدمة، وهو أنَّ الطرق تعد قلب المدن النابض وشريانها المتدفق من حيث ضمان سلامة أصحاب المركبات ومركباتهم من جهة، وحرية وانسياب سريان المركبات والحركات المرورية فيها من جهة أخرى. ولقد أسهمت البلديات بجهود حثيثة وإمكانات متطورة في تصميم الطرق من حيث توفير المتطلبات والاعتبارات الهندسية الحديثة المراعية لجودة التصميم والمواد المكونة لها مما يضمن لها الجودة والمتانة والتحمل والاستدامة. ولكن من الملاحظ أن معظم هذه الطرق يفتقر إلى ترسيم مسارات للمركبات، أو ربما أن ترسيم بعض هذه الطرق قد عفا عليه الزمن وأصبح في حالة باهتة لا يمكن رؤيته وتمييزه وتحديد حدوده واتجاهاته. ولعل الكل يدرك أهمية هذه المسارات التي تتمثل في مناحٍٍٍٍٍٍٍٍ كثيرة، منها: أنها تضمن التقيُّد بأصول السلامة والأمان، وتتيح قيادة مريحة لمستخدمي هذا الطرق من أصحاب المركبات، كما أنها تتيح مسارًا آمنًا ومريحًا لسائق المركبة تجعله يقود سيارته بمنتهي الأريحية والشعور بالراحة والأمان، وهذا بالطبع يساعد في تقليل الحوادث واحتمالية التصادم بين السيارات، كما يساعد في زيادة الانضباط وتشجيع السائقين على الالتزام بمساراتهم وعدم الانحراف عنها يمنة ويسرة، كذلك في تحسين الرؤية وتحديد المسارات لتكون واضحة جلية أمام السائقين، خاصة في الليل أو أثناء الأجواء والظروف السيئة غير العادية، كما تساعد السائقين على البقاء والثبات في مساراتهم المحددة، مما يقلل من الازدحام وينظم الحركة المرورية، أيضًا تعمل على المحافظة على سلامة أكتاف الطريق التي تتعرض للتفتت والتلف مما يسهم في خفض تكاليف الصيانة على المدى الطويل. كما تساعد أيضاً في توجيه السائقين في المنحنيات والمنعطفات، خاصة في الظلام أو في ظروف تكون فيها الرؤية غير واضحة أو محدودة، كما تسمح بمسافة تباعد بين السيارات المحاذية في المسارات الأخرى. كما أن علامات الترسيم العاكسة (عيون القطط) تستخدم لتوفير رؤية أفضل ليلا لتحذير السائقين من أيّ تغيير في محاذاة الطريق. كما يجب أن تكون علامات الترسيم متناسقة ومتباعدة بشكل كافٍ لتجنب الازدحام والارتباك والارتطام، كما تُساعد خطوط الحافة الملونة السائقين على تقييم محاذاة الطريق أمامهم، وتفادي حوادث الانحراف عن المسار. كما تُعدّ خطوط تحديد المسار ذات جدوى فعَّالة في جعل القيادة أكثر راحة وأمانًا للجميع كما تضمن تدفقًا سلسًا مريحًا وآمنًا للسائقين ومركباتهم ويمكن أن تكون خطوطًا ملونة ومستمرة أو متقطعة أو عاكسة. ومن المزايا التي يمكن الحصول عليها أن هذه المسارات تساعد على تنظيم حركة المرور وتقلل من احتمالية التصادم بين السيارات، كما تزيد من الانضباط وتشجع السائقين على الالتزام بمساراتهم وتقلل من الاندفاع أو التهور. كما أن هذه المسارات تحسن الرؤية وتساعد على تحديد المسارات وتجعلها واضحة للسائقين، خاصة في الليل أو في ظروف جوية سيئة، كما تقلل من الازدحام على الطرق وتساعد على تنظيم حركة المرور. إذن، تخطيط مسارات الطرق هو عنصر حيوي يلعب دورًا حيويًا من خلال عدة جوانب متكاملة منها توفير الراحة والسلامة وتحسين جودة الحياة وتقليل عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث السير الناتجة عن غياب الترسيم أو ضعف الرؤية أو عدم وضوح المسارات، كما تسهم في تعزيز ثقة السائق وتوقعه للطريق مما يساعد على سرعة رد فعله للتعامل مع الأحداث المفاجئة والمواقف الخطرة. أخيرًا، تخطيط مسارات الطرق عملية هندسية حضارية منظمة تهدف إلى خلق بيئة قيادة آمنة وفعَّالة ومريحة توفر لجميع مستخدمي الطريق الراحة والسلامة والأمان بمشيئة الله. *جامعة الملك سعود