سرعان ما تفرّق الجمع بعد أن هدأت العاصفة المفتعلة بين سندي والحائلي ومناصريهما، الذين خاضوا معركة انتخابية حامية في المنصات الرقمية وأعمدة الصحف حتى حضر صوت العقل والحكمة، وإن جاء متأخرًا بعض الشيء، إذ كان بالإمكان تدارك الأمور وتحقيق اتفاق قبل أن تتفاقم الخلافات وتتسع دوائر الانقسام، ومع أن الأصوات هدأت مؤقتًا في الأوساط الاتحادية إلا أن أصداء هذا الانقسام ستظل حاضرة في النفوس، وستطل برأسها من جديد في الموسم القادم، وستظل تلك الآثار كامنة تظهر كلما احتدم النقاش حول مستقبل النادي أو اتُّخذت قرارات مصيرية بشأنه. ورغم كون الاتحاد خرج من الموسم بطلاً للدوري والكأس إلا أن ما حدث الفترة الأخيرة يكشف عن مفارقة كبيرة، فريق ناجح على أرض الملعب لكنه منقسم خارجها! كان الأجدى بالاتحاديين أن يستثمروا حالة الفرح والإنجاز بتعزيز الاستقرار والالتفاف حول النادي لا أن ينغمسوا في خلافات انتخابية عقيمة تزرع الشقاق وتضيع المكتسبات، والاستقرار الإداري بعد البطولات هو (القاعدة الذهبية) لمواصلة النجاح، أما الانقسامات فهي بداية التراجع مهما كانت البطولات في رصيدك! ولو أن النادي خرج خالي الوفاض من الموسم والعمل يشوبه الأخطاء والتخبط لربما وجدنا العذر لمن يبحث عن مرشح جديد يحقق تطلعات الجمهور والإعلام الاتحادي، أما أن يشتد النزاع والانقسام رغم موسم حافل بالبطولات فهذا أمر يدعو للاستغراب! ويكشف عن أزمة مفاهيم تتجاوز حدود النتائج إلى أعماق ثقافة العمل والانتماء. لا سيما وأن كرسي الإدارة (غير الربحية) لم يعد كما كان في السابق ذا تأثير وحسم، وهو ما كتبه الزميل حسين البراهيم هنا عبر -دنيا الرياضة-، بل صار أقرب إلى موقع تشريفي لا ينعقد فيه القرار منفردًا كما كان الحال في الماضي، حيث باتت السلطة موزعة والمسؤولية مشتركة مما يجعل الانقسام حوله أمرًا أكثر غرابة وأقل مبررًا. وللشفافية، هي ثقافة لا تقتصر على الاتحاد وحده بل تمتد جذورها إلى أندية عريقة كالنصر والأهلي، حيث تتشابه مشاهد الانقسام وتغلب المصالح الضيقة على روح الكيان في أحيان كثيرة، لكن الأهلي حين حقق النخبة أصبح يسوده نوع من الهدوء النسبي وهدنة على مختلف الأصعدة، لكن هذا الهدوء قد لا يدوم طويلاً، وهي سمة واضحة في الأندية ذات المزاج المتقلب، وتبقى حالة الاستقرار مؤقتة وسرعان ما تدور رحى الانقسامات والاختلافات، في المقابل يبدو الهلال مختلفًا في تعاطيه مع الأزمات فما إن يغادر رئيسه حتى يتفق الجميع وتنتقل الرئاسة بسلاسة وبوعي تام نحو مرشح واحد هو الأمير نواف بن سعد، وبانسيابية وهدوء، وتداول الكرسي بروح التوافق والثقة والتناغم، لتستمر المسيرة بلا تعثر ولا انقسام. حمود فالح السبيعي - الرياض