تقف "جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الحدود الشمالية" صرحاً ثقافياً، تعيد تشكيل الثقافة والفنون قوة معرفية واجتماعية وفنية، وقد دعمها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الحدود الشمالية، برؤاه المعرفية الممتدة، العلاقة الوطيدة بين الإنسان والزمن، والمجتمع والمكان، والثقافة والمعرفة والفنون والهوية، ويؤكد دوماً على أهمية قيامها بدورها في إبراز ما تزخر به المنطقة من موروث ثقافي وشعبي وفني ومسرحي وضرورة تأسيس مراكز حاضنة للإبداع، وتوفير منصات للمبدعين للتعبير عن أفكارهم وطموحاتهم، وكذلك إيجاد صناعة ثقافية تعنى بالفن والمسرح والسينما، والأنشطة الفنية والتشكيلية، وتحويل الثقافة إلى عنصر رئيسي للتواصل بين الناس، ورافد للاقتصاد، لتصبح أداة مهمة ومكوناً جوهرياً من المشروع الثقافي والحضاري في إمارة منطقة الحدود الشمالية. بالنسبة لي، ومنذ لحظة تأسيس جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الحدود الشمالية أراها منصة مثالية، تجمع بين كل من الرصد والتوثيق والتحليل والابتكار والمعرفة، وتوظيف الثقافة والفنون في بناء الوعي المجتمعي، وتعزيز الهوية الوطنية، وتعزيز الحوار بين الثقافات، حيث الاهتمام بالثقافة والفنون يأخذ في الجمعية مساحة واسعة، تشمل اللغة، والفن التشكيلي، والفنون الشعبية، والتصوير الفوتوغرافي، والأدب، والكتابة الإبداعية، والتقاليد التي تُشكّل نسيج الحياة اليومية. ولم تكتفِ الجمعية بجمع الحرف أو توثيق المشغولات اليدوية، أو إطلاق المبادرات والأفكار وخططها التشغيلية، بل أسست مدرسة فكرية حقيقية تُعيد قراءة الثقافة والفنون. أخذت الجمعية على كاهلها مهمة كاملة، تتلاءم تماماً مع أروع ما في فلسفة التراث من معنى ومبنى، فكان التركيز على رسم وتخطيط وتشكيل الوعي الثقافي والفني، وتحويل التراث المحلي من مادة أرشيفية إلى منتج ثقافي معاصر ينبض بالحياة، ويعكس تنوّع وثراء الإنسان في الشمال، وربطه بأهداف التنمية المستدامة، تُبحث فيه القصص والحكايات كونه كتابة فلسفية، وتُحلل فيه الذاكرة كونها أداة للتعليم، وتُدرّس فيه الحِرف اليدوية كونها علوماً اجتماعية وإنسانية واقتصادية، وتُدار فيه المعارض والمهرجانات كونها أيقونات لحوار الثقافات والحضارات، ويتم رسم تطبيقات الواقع المعزز لإحياء أصداء الماضي عبر الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة في فترات سابقة، فأصبحت "جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الحدود الشمالية" مدرسة تعلّم الفلسفة من خلال التراث، وتدرس الناشئة كيف يقرأون الزمن في جميع المراحل. أثناء زياراتي للجمعية مؤخراً بناء على الدعوة الكريمة من مدير جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة خلف القاران، أحسست دوماً أنني أدخل فضاء ثقافياً وفنياً مفتوحاً لا أبواب له، ولا يتحكم فيه زمان ولا مكان، بل يتعداهما، ليعيش الثقافة والفنون والتراث في قلب كل مواطن في المنطقة ومقيم، وكل مهتم، وكل دارس وباحث. لا أحتاج الاعتماد على المختصين بالثقافة والفنون لقراءة النشاطات والمنجزات التي أحرزتها الجمعية، فالصديق العزيز خلف القاران، مدير الجمعية خبير ومستشار إعلامي وناشط ثقافي وفني، وهو صاحب رؤية ثابتة أن الثقافة والفنون مادة خام للتعلم، وحقل للبحث، ومساحة للتشارك والتفاعل. ومن خلال الإدارة الثقافية والفنية التي يترأسها تحققت خطوات كبيرة في تحويل الجمعية إلى منصة للفعاليات والبرامج، تُعيد إنتاج الخبرات المتخصصة في الثقافة والفنون، عبر برامج منوعة شملت إقامة المعارض الفنية وورش العمل الفنية والفعاليات التشكيلية والتصوير وورش العمل الخاصة بالمسرح وإقامة الأمسيات الشعرية والمسابقات الشعرية والإشراف على الفرق الشعبية. وإضافة إلى جميع المبادرات والنشاطات، التي يشرف عليها الأخ اخلف القاران شخصياً، فالجميع يعلم حجم مشاركة الجمعية في الأيام والمناسبات الوطنية التي تتكاثف فيها مشاعر حب الوطن وتقدير قيادته الرشيدة، فتقدم الجمعية من خلالها مثالاً متكاملاً لكيفية حب الوطن. بلغ عدد الفعاليات التي نفذتها الجمعية خلال عام 2024م ما يزيد على تأسيس الجمعية في عام 1431 تمت الجمعية وتطورت، ونالت التقدير من وزارة الثقافة، كما يظهر اسم الجمعية من خلال مشاركاتها في المهرجانات، وورش العمل، خارج منطقة الحدود الشمالية. التجربة السعودية، كما تراها "جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الحدود الشمالية"، تُظهر أن الثقافة والفنون السعودية لا تناقض الحداثة، بل تغذيها، وأنها لا تضعف أمام التقدم الرقمي، بل تتساير معه وتحاكيه، فتقدم "جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الحدود الشمالية" مثالاً واعياً لهذا المفهوم، حيث تدمج بين الحفظ والتشارك، بين البحث والوضوح والأصالة والابتكار، ليكون التراث وسيلة لبناء المستقبل، وسردية متاحة، يعاد تفسيرها على شكل متواصل. "جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الحدود الشمالية"، من وجهة نظري، هي أكبر دليل على أن الثقافة والفنون يمكن أن تكون ذات قوة وتأثير في بناء وتشكيل الحضارة المعاصرة، بنعتها منصة للتفكير في المستقبل، لذا فإنه من الأحق لنا أن نهنئ أنفسنا، بصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الحدود الشمالية، وأن نهنئ رئيس الجمعية خلف القاران على هذه الجهود الكبيرة، التي تعيد تعريف الثقافة والفنون كونها صرحاً ثقافياً وإنسانياً، وعلى أن "جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الحدود الشمالية" قد أصبحت مثالاً يقتدى به الجمعيات الثقافية والفنية في وطننا الحبيب، في ظل الرؤية الطموحة 2030، التي تدعم الثقافة كونها عنصراً رئيساً في التنمية الوطنية، في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظهما الله-.