في ظل تسارع الأحداث الاقتصادية عالميًا، تتزايد الإشارات التي تدلّ على أن النظام المالي العالمي يدخل في مرحلة تحوّل قد تكون من الأعمق منذ الحرب العالمية الثانية، والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم بقوة: هل بدأ العالم يتخلّص فعليًا من هيمنة الدولار؟ حسناً.. لننظر إلى الأرقام: * مخزون الذهب العالمي – واقع ومخزن: وفق البيانات المعلنة، فإن المخزون الفعلي والمحتمل للذهب في العالم يُقدّر ب210 آلاف طن متري، أي ما يعادل من حيث القيمة السوقية الحالية تقريبًا 14 تريليون دولار. * التداول السنوي في الأسواق العالمية بالدولار: حجم تداول الدولار سنويًا يُقدّر ب110 تريليونات دولار، وهو رقم ضخم يعكس مدى هيمنة الدولار الورقي على الاقتصاد العالمي، لا سيما في مجالات التجارة، وأسواق المال، والتسويات بين الدول. هنا تظهر المعادلة الخطيرة: قيمة الذهب الحقيقي 14 تريليوناً. قيمة التداول الورقي 110 تريليونات. الفجوة = 70 % على الأقل. أي أن 70 % من الاقتصاد العالمي يعتمد على أموال لا تغطيها أصول حقيقية، بل ثقة في ورقة الدولار، وهذه الثقة بدأت تهتز. * لماذا ترتفع أسعار الذهب؟ ارتفاع الذهب ليس مجرد حركة سوقية، بل هو انعكاس مباشر لتبدّل استراتيجي في سلوك البنوك المركزية حول العالم. الدول الكبرى مثل الصين وروسيا، وحتى بعض دول الخليج وآسيا، بدأت بالفعل في تكديس الذهب بشكل متسارع، والتقليل من اعتمادها على الدولار في احتياطاتها. هذا السلوك يعكس إدراكًا عالميًا عميقًا بأن هناك أزمة مالية قادمة قد تنفجر في أي لحظة، وأن الملاذ الآمن الوحيد لن يكون العملات الرقمية أو الورقية، بل الذهب. * هل يمكن أن يصل الذهب إلى 10 آلاف دولار للأونصة بحلول 2030؟ في ظل السيناريوهات المحتملة، وتنامي «الهجوم الصامت» على الذهب من قبل البنوك المركزية والمستثمرين الكبار، فإن سعر الذهب قد يشهد قفزات غير مسبوقة. تخيل أن يُصبح الذهب هو العمود الفقري للنظام المالي المقبل، في عالم يتخلى تدريجيًا عن الورقة الخضراء. حينها، لن يكون 10 آلاف دولار للأونصة رقمًا خياليًا، بل واقعًا ماليًا جديدًا. الخلاصة: العالم لم يعد يرى الدولار كما كان. الثقة تتآكل، والذهب يعود إلى الصدارة. التحوّل قادم، ببطء لكنه بثبات. وقد يكون من الذكاء، لا التهويل، أن نستعد لذلك الزمن الذي فيه... الذهب ملك، والدولار مجرد ظل باهت لماضٍ. * خبير مالي