لم تكن النجمة مريم حسين، تمر مرور الكرام في الساحة الفنية، عندما كانت ركيزة أولى في مسلسل "خيوط المعازيب"، والتي عرف الجمهور في الخليج العربي، بموهبتها وقيمتها الفنية.. اليوم مريم حسين، تجوب العالم ضمن طاقم مسرحية "طوق" لتحقق منجزات رفيعة على مستوى المسرح. تقول الشابة مريم حسين ل"الرياض": إن مشاركتي في العرض المسرحي "طوق"، ضمن فعاليات مهرجان -أفينيون- الفرنسي، شكّلت محطة مفصلية في تجربتها الفنية، معتبرة أن المسرح هو البداية الحقيقية لأي فنان، ومصدر دائم للإلهام والتجدد والتجريب. واعتبر أن الوقوف لتقديم العرض في المهرجان الفرنسي الأعرق أوروبياً، كأول عرض سعودي في تاريخه لم يكن مجرد مشاركة في مهرجان مسرحي، بل تجربة غنية شكلت لحظة احتكاك مباشرة مع جمهور مختلف وثقافات مسرحية متنوعة. مضيفة مريم أن عرض "طوق" ثماني مرات ضمن المهرجان أمام جمهور متنوع، يمثّل فرصة لاكتشاف ردود الفعل الفورية من مشاهدين يتعاملون مع المسرح كطقس يومي، وليس فقط كفعل ترفيهي. وحول الجمهور العريق في المسرح، قالت: "في كل ليلة كنا نعرض العمل، كنا نلاحظ تفاعلًا مختلفًا، كانت هناك قراءة جديدة للنص وللحركة وللرموز، وهذا وحده شكل بالنسبة لي درسًا عميقًا في قيمة المسرح كفن حيّ ومتجدد". مشيرةً إلى أن التجربة لم تقتصر على الأداء فقط، بل كانت أيضًا مساحة للتعلّم من المسرحيين المشاركين في المهرجان، والاطلاع على تجارب عالمية تقدم أعمالها بجرأة وصدق. واضافت مريم: "إلى أن الاحتكاك لا يكون عبر العروض فقط، بل من خلال النقاشات، والممرات، والندوات، والأحاديث الجانبية مع ممثلين ومخرجين من أنحاء مختلفة من العالم، وهذه الأشياء لا تُشترى ولا تُدرّس، بل تُعاش". مؤكدةً، أن عرض "طوق" لم يكن تجربة فنية فردية، بل جزء من مشروع ثقافي متكامل يعكس رؤية المملكة، تجاه الفنون والمسرح، ويعزز من حضورها في المحافل العالمية. بينما نحن لا نمثل أنفسنا فقط كممثلين سعوديين، بل نمثل رؤية وطنية تشجع الإنتاج الفني، وتؤمن بالمسرح كوسيلة تعبير وتغيير، وتدفع بنا نحو منصات دولية لنحاور العالم بلغتنا الفنية". موضحةً، مريم حسين: أن الدعم المؤسسي المقدم من وزارة الثقافة وهيئة المسرح والفنون الأدائية، كان عنصرًا حاسمًا في تحقيق هذه المشاركة، وهو الذي يوضح الدور الذي تلعبه المؤسسات الرسمية في تمكين الشباب وتمويل التجارب الطموحة. وقالت النجمة مريم حسين: "إن ما حدث في أفينيون لم يكن مصادفة، بل كان ثمرة تخطيط وجهد مشترك بين صنّاع العمل والجهات الداعمة، التي أتاحت لهذه التجربة أن تولد وأن تسافر وتمثلنا خير تمثيل". وبينت مريم أن "طوق" يعكس مشروعًا مسرحيًا جادًا، يقوم على بناء رؤية درامية بصرية وفكرية متماسكة، ولذلك لم يكن من المستغرب فوزه بجائزة أفضل عرض متكامل في مهرجان الرياض للمسرح. بما أن العمل لم يكن مجرد استعراض جمالي، بل حمل في طياته أسئلة وجودية، واشتباكًا مع قضايا إنسانية، مما جعله قادرًا على التحرك بين الثقافات بسلاسة ووضوح. بما أن الفريق يبذل جهدًا كبيرًا في التدريبات المكثفة والتمارين اليومية التي سبقت السفر إلى فرنسا وبعده. ويتطلب انضباطًا عاليًا، ومجهودًا بدنيًا وفكريًا كبيرًا، لكننا في نفس الحال، ندرك منذ اللحظة الأولى أننا نمثل المسرح السعودي، ونقف أمام جمهور لا يعرفنا، ولا يحمل أي خلفيات عنا، وهذا ما أوجب علينا جهدًا مضاعفة وتركيز". وأشارت النجمة مريم حسين إلى الترجمة الحية المصاحبة للعرض، والتي جرت بلغتين –الفرنسية والإنجليزية– ما أتاح لجمهور متنوع التفاعل مع النص ومع معانيه. حيث كان من اللافت أن نرى الأجانب وهم يضحكون أو يتأثرون أو يصفقون في اللحظات الدقيقة، رغم أن العرض ناطق بالعربية، وهذا ما أكد لي أن لغة المسرح أوسع من الكلمات". وشددت ميرم، على أن مشروع "طوق" لم يكن معنيًا فقط بتقديم عرض فني راقٍ، بل بالسفر بصورة الهوية الثقافية السعودية نحو الآخر، والانفتاح على أدواته وتقاليده المسرحية، دون أن نفقد أصالتنا. في تجربة ستتواصل قريبًا عبر المشاركة في مهرجان أدنبرة المسرحي في اسكتلندا، ما يعكس استمرارية المشروع وقدرته على التفاعل مع بيئات فنية متعددة. ورأت أن عرض "طوق" في أدنبرة سيمنح الفريق دفعة جديدة من الزخم، خصوصا أن المهرجان يشكل منصة مركزية للمسرح العالمي، ويستقطب آلاف الفنانين والمتخصصين من مختلف دول العالم. ففي كل محطة نخوضها تمنحنا فرصة لإعادة التفكير في أدواتنا، وتحسين أدائنا، والتقاط ما يمكن تعلمه من الفرق الأخرى التي تشارك في المهرجان". وبيّنت مريم حسين أن الترجمة الحرفية للعرض في السياقات الغربية لم تكن الهدف الأساسي، بل التركيز كان على التواصل عبر الصورة والحركة والإيقاع. وأن في أفينيون، لمسنا كيف يمكن للتعبير الجسدي أن يتجاوز اللغة، وكيف أن الجمهور يفهم النبرة، والإيماءة، والموسيقى، وهذه عناصر نحرص على تطويرها مع كل عرض". وتوقفت عند الأثر الشخصي الذي تركته هذه التجربة في مسيرتها كممثلة، ما منحها ثقة أكبر بنفسها، وأعاد تعريف مفهوم النجاح الفني لديها. وقالت مريم: "النجاح لا يكون بعدد المتابعين على مواقع التواصل، بل في قدرتك على لمس جمهور حيّ في قاعة مظلمة، لا يعرفك، لكنه يخرج من العرض وهو يفكر أو يشعر أو يبكي". وأكدت أن المسرح يظل بالنسبة لها هو الأصل، والمختبر الحقيقي لأي تجربة فنية ناضجة، وأنه المصدر الذي لا ينضب للتعلم والانكشاف على الذات، لأن المسرح لا يكذب، ولا يجامل، فكل لحظة على الخشبة هي اختبار للحقيقة، ولهذا قلت سابقًا وسأكرر: "المسرح هو رفيق التجارب الجديدة، ومفتاح الاكتشاف الحقيقي للفنان". وثمنت مريم حسين الدور المتنامي لوزارة الثقافة وهيئة المسرح في بناء بيئة احترافية تتيح لمواهب شابة مثلها خوض غمار التحدي على خشبات العالم. وأن التمكين لا يعني فقط إعطاء الفرصة، بل توفير الأدوات والدعم والرؤية، وهذا ما وجدناه فعلًا من الجهات الداعمة، سواء من ناحية التدريب أو اللوجستيات أو حتى الاحتضان المعنوي. وبينت مريم حسين ل"الرياض" أن الجهود المبذولة من هيئة المسرح تسير ضمن أهداف وطنية واضحة تتمثل في تعزيز القوة الناعمة للمملكة، وتمكين المبدعين، ودعم التنوع الثقافي، والانفتاح على العالم. وأن ما نقوم به اليوم يتناغم مع رؤية أشمل لما يجب أن تكون عليه الثقافة السعودية في المستقبل، ونحن جيل محظوظ بأن يكون حاضرًا في هذه اللحظة. واختتمت مريم حسين حديثها ل"الرياض" مؤكدة على أهمية "التغذية البصرية" للممثل، وضرورة انفتاح الفنانين السعوديين على التجارب العالمية في مختلف اللغات والثقافات، وهذه الرحلات لا تمنح مساحة للعرض فقط، بل تعزز من الإيمان بقيمة الفن، وتضع الفنان أمام تحديات جديدة تجبره على النمو والتطور، والاحتكاك هو ما يصنع الفنان، والخروج من الدائرة المحلية هو ما يمنحنا الأفق، والمسرح هو وسيلتنا الأولى لتحقيق هذا الطموح".