توطين صناعة الأدوية بنسبة 40 % بحلول العام 2030 شهد القطاع الصحي في المملكة العربية السعودية خلال الأعوام الأخيرة تحولات جوهرية، قادت إلى بناء منظومة صحية متكاملة تستند إلى الابتكار، وتحقق التغطية الشاملة، وتعزز التنمية البشرية والاجتماعية في مختلف مناطق المملكة. وتأتي هذه الإنجازات في إطار "رؤية المملكة 2030"، التي جعلت من الرعاية الصحية أولوية وطنية، وركيزة للتنمية المستدامة. وأظهرت إحصائيات وزارة الصحة بالمملكة أن عدد المستفيدين من الخدمات الصحية تجاوز 33 مليون مستفيد خلال عام 2024، بزيادة نسبتها 145% مقارنة بعام 2020، ما يعكس فعالية نموذج الرعاية الصحية المعتمد حديثًا، والذي يقوم على الوقاية والتكامل، ويهدف إلى تسهيل الوصول للخدمات الصحية في كل مكان. وتمكّنت المملكة من تغطية 97.4% من السكان بالخدمات الصحية الأساسية. كما تم بناء وتطوير أكثر من 25 منشأة صحية في مناطق كانت تعاني سابقًا من ضعف في البنية التحتية، بما في ذلك المناطق الريفية والنائية. وضمن خطة التحول الوطني، تم إطلاق مشاريع بنية تحتية عملاقة، شملت تطوير المستشفيات القائمة، وبناء مستشفيات تخصصية جديدة، وزيادة السعة السريرية. وارتفع عدد الأسرة في المستشفيات الحكومية والخاصة إلى أكثر من 95 ألف سرير، منها أكثر من 6,000 سرير عناية مركزة مجهز بأحدث التقنيات. وفي الجانب البشري، شهدت المملكة توسعًا غير مسبوق في برامج تأهيل وتدريب الكوادر الصحية. وبلغ عدد خريجي برامج التدريب التخصصي المعتمدة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أكثر من 30,000 طبيب وممارس صحي في الأعوام الثلاثة الماضية، مع زيادة بنسبة 71% في عدد المقاعد التدريبية منذ عام 2021. كما تم إطلاق برنامج "طبيب لكل أسرة" الذي يهدف إلى توفير طبيب رعاية أولية لكل 2000 مواطن، وارتفعت نسبة التغطية بهذا البرنامج إلى أكثر من 78% بحلول منتصف 2025. «منصات رقمية» والتحول الرقمي الصحي قفز بالمملكة من الورق إلى الذكاء الاصطناعي، ويمثل التحول الرقمي أحد أبرز ملامح القفزة النوعية في القطاع الصحي. وسبق أن أطلقت وزارة الصحة مجموعة من المنصات الرقمية مثل تطبيق «صحتي»، و»موعد»، و»تطمن»، والتي مكّنت المواطنين والمقيمين من الوصول إلى الخدمات بسهولة. وبلغ عدد مستخدمي التطبيقات الصحية الرسمية أكثر من 25 مليون مستخدم نشط، فيما نُفذت أكثر من 150 مليون خدمة إلكترونية عبر تلك المنصات خلال عام 2024 فقط. وبحسب هيئة الإحصاء، أفاد 24.3% من السكان بأنهم راجعوا سجلهم الطبي إلكترونيًا، و20.5% استخدموا الإنترنت للبحث عن معلومات صحية. كما أُجريت أكثر من 10 ملايين استشارة طبية عن بُعد، وهو ما ساهم في تخفيف الضغط على المراكز الصحية وتحسين جودة الخدمة. وتُعد المملكة من الدول القليلة في المنطقة التي اقتربت من تحقيق تغطية صحية شاملة لجميع المواطنين والمقيمين. فقد وصلت نسبة المشمولين بالتأمين الصحي إلى 95.9% من السكان بنهاية 2024، تشمل جميع المواطنين بنسبة 100%. وشهد القطاع الخاص نموا في عدد شركات التأمين الصحي المعتمدة، وزادت حصة القطاع من تقديم الخدمات بنسبة 19%، مما أسهم في تعزيز المنافسة وتحسين جودة الرعاية. وبالنسبة للاعتماد والجودة، فقد حققت مستشفيات سعودية في قائمة الأفضل عالميًا في إنجاز غير مسبوق، ودخلت 10 مستشفيات سعودية قائمة أفضل 250 مستشفى عالميًا وفق تصنيف Newsweek–Statista لعام 2025. كما حصلت أكثر من 120 منشأة صحية سعودية على اعتماد CBAHI أو JCI العالمي. وتم اعتماد 40 منشأة صحية كمراكز تميز وطنية في تخصصات مثل القلب، الأورام، الكلى، وجراحة الأعصاب. والأبعاد الاجتماعية لهذه الخدمات جعلت صحة المواطن أولًا، ويُعد تحسين الحالة الصحية العامة للمواطنين من أبرز الأهداف الاجتماعية التي ركزت عليها السياسات الصحية الجديدة. «تحول صحي» ويهتم برنامج تحول القطاع الصحي بالصحة العامة بكافة مكوناتها، ويعمل لتسهيل الوصول للخدمات الصحية والرفع من جودتها، عبر تطوير وتحسين المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية والخدمات الإسعافية وتعزيز التحول الرقمي الصحي، مع التركيز على الوقاية قبل العلاج، والحفاظ على صحة الإنسان داخل وخارج أسوار المستشفى، وتعزيز مستوى السلامة على الطرق». الوقاية والصحة العامة والابتكار والاستدامة، أربع أولويات يضعها برنامج تحول القطاع الصحي في مقدمة أهدافه، إذ يعمل على توسيع تقديم خدمات الصحة الإلكترونية والحلول الرقمية، فضلًا عن تحسين جودة الخدمات الصحية، ويعمل على تحويل نظام الرعاية الصحية في المملكة ليكون أكثر شمولية وتكاملًا، ويلتزم بأعلى المعايير الدولية في تقديم الخدمات. أثمر تعاون البرنامج وتكامله مع الجهات والهيئات الحكومية، والجهود المبذولة في القطاع الصحي، في التصدي بشكل ناجح لجائحة كورونا «كوفيد 19»، من خلال الدعم اللامحدود وتسخير التقنية وبروتوكولات الوقاية والعلاج الصحيحة وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية، كما أدى التحول الصحي ومبادراته دورًا محوريًا في التخفيف من الأزمة وتجاوز تحدياتها لتكون المملكة نموذجًا عالميًا ناجحًا يحتذى به. من خلال التحول الرقمي الصحي يستطيع جراح يبعد عنك آلاف الأميال الإشراف على عمليتك الجراحية وأيضاً تصلك وصفتك العلاجية دون الحاجة لزيارة طبيبك، وبذلك تصبح المملكة في مقدمة دول العالم من حيث تسخير التقنية وتوفير الخدمة الصحية بيسر وكفاءة عالية. «الصحة النفسية» وانتقلت الصحة النفسية من التهميش إلى الأولوية، حيث شهدت خدمات الصحة النفسية تطورًا كبيرًا، حيث افتُتحت أكثر من 30 عيادة للصحة النفسية في المستشفيات العامة، إلى جانب توفير خطوط دعم نفسي مجانية على مدار الساعة. وبلغ عدد الجلسات النفسية المقدمة عن بُعد أكثر من 1.2 مليون جلسة في 2024. وفي مجال الأبحاث والابتكار تم إنشاء "المركز الوطني للبحوث الصحية" لدعم البحوث الطبية والسريرية، وزاد عدد الأبحاث المنشورة من قبل الممارسين الصحيين السعوديين بنسبة 120% منذ 2020. كما دخلت المملكة شراكات دولية لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في التشخيص والتطبيب عن بُعد. وتعمل وزارة الصحة حاليًا على مشاريع مستقبلية تشمل إطلاق نظام «السجل الصحي الموحد» لتسهيل ربط جميع المنشآت الصحية الحكومية والخاصة. وتوسيع المستشفيات الافتراضية لتصل إلى مليون جلسة شهريًا. وتوطين صناعة الأدوية بنسبة 40% بحلول عام 2030. وتعكس هذه المنجزات أن الرعاية الصحية في المملكة لم تعد مجرد خدمة، بل أداة فعالة لتحقيق تنمية شاملة، وبيئة داعمة للاستثمار، ومجتمع أكثر صحة واستقرارًا. ومع استمرار التوسع في الرقمنة، ورفع كفاءة الكوادر، وضمان التغطية الشاملة، تتجه السعودية بثقة نحو مستقبل صحي مستدام يضع الإنسان في قلب التنمية. وتجسد هذه الإنجازات نجاح المملكة في بناء نظام صحي يعتمد على الشمولية، الجودة، الابتكار، وتعزيز التنمية البشرية. وقد أسهمت في تحسين جودة الحياة وزيادة الثقة بين المواطنين، مسهمة في تحقيق أهداف رؤية 2030 نحو رعاية صحية مستدامة ومتكافئة. «مواجهة التحديات» وقد أظهرت بيانات هيئة الإحصاء أن97.4% من السكان البالغين قيّموا حالتهم الصحية بأنها جيدة أوجيدة جدًا، و18.95% من السكان يعانون من أمراض مزمنة، أبرزها: السكري (9.1%)، ارتفاع ضغط الدم (7.9%)، وارتفاع الكوليسترول (3.6%) ولمواجهة هذه التحديات، أطلقت المملكة برامج توعوية وغذائية ورياضية على مستوى المدارس والأحياء، أبرزها صحة قلبك»، و»رشاقة»، و»نمط حياة صحي»، والتي استهدفت أكثر من 5 ملايين مستفيد خلال عام واحد. وبالنسبة لرعاية الطفولة اانخفض معدل وفيات الأطفال الرضع إلى 5.3 لكل 1000 مولود حي، وهو من أدنى المعدلات في المنطقة. كما بلغت نسبة الولادات تحت إشراف طبي متخصص أكثر من 99%، وتم إدخال خدمات فحص حديثي الولادة للأمراض الوراثية بشكل إلزامي. وعن كبار السن وذوو الإعاقة فقد خصصت وزارة الصحة برامج موجهة لكبار السن وذوي الإعاقة، شملت تقديم الرعاية المنزلية لأكثر من 70 ألف مستفيد، وتوفير عيادات متنقلة، وخدمات صحية مجانية في المنازل للمسنين. كما أُدرجت خدمات الصحة النفسية ضمن منظومة الرعاية الأولية. والأبعاد التنموية التي انعكست على الخدمات الصحية بالمملكة والمقدمة للأطفال وذوي الإعاقة وكبار السن في المملكة العربية السعودية، خاصة في ظل رؤية السعودية 2030، تعكس تحولًا كبيرًا نحو العدالة الصحية، والتمكين المجتمعي، وتحسين جودة الحياة. ففي البُعد الصحي والوقائي تم التركيز على الرعاية الوقائية، كحملات التطعيم الموسعة للأطفال، والفحص المبكر للإعاقات، والكشف المبكر عن الأمراض المزمنة لدى كبار السن. وتم تطوير برامج الصحة العامة مثل التغذية السليمة، وصحة الفم والأسنان، والصحة النفسية لتلك الفئات.. وفي البُعد التقني والرقمي تم إدخال الصحة الرقمية مثل المستشفى الافتراضي وخدمة الرعاية الصحية عن بعد، ما يسهل على كبار السن وذوي الإعاقة الوصول للعلاج من منازلهم. وتوفير السجلات الصحية الإلكترونية لجميع الفئات، وتخصيص بيانات لمتابعة تطور الحالات الصحية للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.. وفي البُعد الاجتماعي والإنساني تم إنشاء وحدات رعاية شاملة تراعي الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية، مثل العيادات المتخصصة في صحة المسنين. ودعم برامج الدمج المجتمعي للأطفال ذوي الإعاقة في مراكز الرعاية الصحية والتعليمية. وفي البُعد الاقتصادي تم إتاحة خدمات العلاج مجانًا أو برسوم رمزية لهذه الفئات ضمن مظلة التأمين الصحي أو من خلال وزارة الصحة. وتم دعم الأجهزة الطبية المساعدة (مثل الكراسي المتحركة، السماعات، الأطراف الصناعية) عبر برامج تمويل ودعم مباشر. وفي البُعد التشريعي والسياساتي تم سن أنظمة متخصصة مثل: نظام حماية الطفل، ونظام حقوق كبار السن، ونظام رعاية المعاقين، التي تضمن لهم خدمات صحية عادلة ومناسبة. وإلزام المؤسسات الصحية بتوفير البيئة المناسبة لتلك الفئات، من حيث البنية التحتية والتجهيزات والكادر الطبي المدرب. أما في البُعد التنموي ضمن رؤية 2030 فقد تم إدراج الصحة كعنصر محوري في برنامج جودة الحياة الذي يهدف إلى رفع مستوى الخدمات المقدمة للفئات الأكثر حاجة. واستراتيجية الرعاية الصحية الحديثة التي تنقل الخدمات من مراكز العلاج إلى أنظمة رعاية شاملة ومتكاملة تبدأ من المنزل والمجتمع. وهناك أمثلة واقعية مثل: عيادات نمو الطفل لمتابعة حالات التأخر النمائي والتوحد ، ومراكز الرعاية النهارية الطبية لذوي الإعاقة ، وبرامج الرعاية الممتدة لكبار السن داخل المستشفيات وبعد الخروج منها ، ومبادرة فحص الإعاقة المبكر للأطفال حديثي الولادة.