بين قمم جبال شاهقة وسفوح منحدرة، تكسوها الخضرة من أشجار العرعر، وبأودية عملاقة، بجغرافيا صعبة، لم تصعب أمام إرادة التنمية والتطوير، يتسلل الطريق السياحي الرابط بين ميسان وبين مدينة الباحة مروراً بعشرات القرى والهجر الحالمة في أحضان الجبال الخضراء، والمطلة على أودية تحتفظ ببقايا أمطار الصيف هذه الأيام، وتلفها النسائم الباردة، في مشاهد باعثة للفخر والاعتزاز بمثل هذه المشاريع النوعية، التي ربطت المدن والقرى، وحققت التنمية المستدامة. ثلاث ساعات بالتمام والكمال، قضتها الرياض، متنقلة بين أكثر من مائة قرية ومدينة، يربطها الطريق الذي يمتد بطول يزيد عن 190 كم، ويعيش حالة واضحة من الحراك بفعل أرتال مركبات المصطافين من المواطنين والسياح من دول الخليج العربي. «جولة الرياض» التي شملت محافظات وقرى ميسان وبني سعد وثقيف وبني مالك والمندق والباحة، خرجت بحزمة مشاهدات، منها انتشار الطبيعة الزراعية، وبقايا أطلال قرى وأسواق ومحطات، وسدود ماء تاريخية، وأطلال مدرجات زراعية، ومزارع منتجة لثمار العنب والمشمش والرمان والخوخ، فيما كانت مناظر الغابات واضحة بجلاء ما بين بني مالك ومدينة المندق حيث الغابات الكثيفة، الجاذبة لهواة التخييم والكشتات، والتوقف القصير. ملمح أخر كشفت عنه «جولة الرياض»، وهو تغطية شبكات، الطرق، الكهرباء، وخدمات التعليم، والصحة، والمياه، لمئات القرى المعلقة على قمم وسفوح الجبال وعلى ضفاف الأودية. ولا أدل على المقومات والبنى التحتية للطريق من أن توقف الرياض للاستراحة، جاء في حديقة المئوية، التي ظهرت وكأنها مجمع شاليهات مجاني، يضم غرف بواجهات زجاجية، ونوافير ومسطحات خضراء، ودورات مياه وألعاب أطفال، ومواقف سيارات وعمالة للصيانة، في الطريق السياحي، أبهرتنا الجسور المعلقة، وعشرات الأنفاق الضخمة، التي تم فتحتها في وسط جبال سامقة، وكأن الطريق متحف مفتوح، يظهر تفوق التنمية السعودية، لتحقيق الاستدامة بكل أنواعها. وقد ودعنا الطريق السياحي، بعد جولة ماتعة، ووسط حزمة من الأسئلة، أبرزها، كيف نحول الطريق لملتقى صيفي يجمع مصطافي المملكة والخليج ؟، وما المنطلقات التي يجب توفيرها، كي يستوعب الطريق بكل مكوناته من قرى ومدن قوافل المصطافين في شهور معدودة ؟ وماهي الفرص الاستثمارية التي ينبغي الاعتناء بها لتحقيق التنمية السياحية والاقتصادية؟.