إذا كان مرض السرطان -وقانا الله وإياكم منه-، لم يجد له الأطباء علاج ناجعا سوى التخفيف بالكيماويات، ومرض السكري سيبقى مزمناً مدى الحياة، ويكمن علاجه على حسب المرضى، فإن مرض التعصب الرياضي عند الجماهير علاجه التشفي والسخرية والازدراء بالفريق الذي لا يحبه ولا يطيقه البتة، خاصةً وقت خسارته، وتجده يظهر الفرحة والوناسة المبالغ فيهما بعد المباراة مباشرة. في قناعتي الشخصية أن التعصب ليس سببه الفوز والخسارة، فهما حتميان بالنهاية بعد التسعين دقيقة، ولكن لو نأتي بالتفاصيل الدقيقة والمملة يرجع سببها ردة الفعل الإعلامية خاصةً في البرامج الرياضية المثيرة والتصيد على الأندية بكل صغيرة وكبيرة من قبل الجماهير في التواصل الاجتماعي، جميع هذه الأمور يختزنها المشجع ومن ثم ينتظر الفرصة ليبلور حقده الدفين على من تنمروا على فريقه. إذاً لا تخلطوا الحابل بالنابل، وتضعوا سطوة وقوة فريق من الفرق الفنية، وتحقيقه لنتائج مستحقة للفوز، وهذه حقوق مشروعة في لعبة محمودة المنافسة في أساسها، وتجعلونها سبباً رئيساً للتعصب الرياضي، والسبب الحقيقي هو ما يسبقه الفعل ويخلف بعده ردة فعل. تريدون أن تعرفوا الموعد الرسمي للتعصب، شاهدوا الفرق الجماهيرية أتحدث عن الاتحاد، والهلال، والنصر، والأهلي، عندما يخسرون في مباراة من المباريات، أو عندما يخرجون من بطولة، وكأنك ترى حفلة شماتة من إعلام وجماهير على حد سواء، وكل هذا مدخر في القلوب، ومحفوظ في العقول، ومكنون في الخاطر لردها في التوقيت المناسب. لذلك أقول إن التعصب الرياضي لا علاج له إلا بوعي الشخص الذاتي، أي يعني من الصعب أن تهدي مجتمعا رياضيا بالكامل مبتلى بداء التعصب، مثل بعض الأمراض المزمنة؛ فأنها تبقى موجودة ولكن لا تخف سوى بتجنب الأشياء المثيرة لها. في مبدأ شهير بالرياضة، وهو: تواضع عند الفوز، وابتسم عند الهزيمة، يبدو أنه تغير في هذا الزمن، وأصبح هايط عند الفوز، وانجرح وقت الهزيمة! وللأسف هذه هي الحقيقة المرة، وواقع لا يغفل عنه. ختاماً: لا يوجد دخان من غير نار، ولا يوجد مرض من غير أسباب. حسين البراهيم