هناك الكثير من العبارات الخالدة الجميلة التي تبقى في الذاكرة كعبارة ملهمة "مللنا البقاء في العالم الثالث وعلينا التوجه نحو العالم الأول" قال صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل -حفظه الله- هذه العبارة ليست مجرد تصريح عابر إنما هي بيان حضاري يحث على التحرر من التصنيفات الضعيفة والدفع نحو فضاء يتسع للفكر والكرامة والوعي وفي هذا المضمار، لم يكن للرجل وحده أن يسير نحو هذا الأفق.. بل سارت معه المرأة المثقفة، شقيقة الفكر والقرار، لا في موقع التمكين المجازي بل في موضع الفعل الحي والمشاركة الأصيلة، فالمرأة العربية اليوم لا تخرج للعلن لتثبت شيئاً بل لتجسد هويتها كما هي امرأة عربية بين العالم وسعودية الجذور تعرف قيمتها ومكانتها. نعم، نحن لا نطالب بمكان لنا بل نُعرف بأسلوبنا وفكرنا وموقفنا لقد صعدت المرأة السعودية المثقفة إلى المنابر وتقدمت إلى طاولات القرار وكتبت بمدادها ملامح وطن الذي يتسع للجميع، ولنا في ذلك الكثير والكثير من المثقفات القائدات حملن هم المعرفة والقيادة تترأسهن الأميرة ريما بنت بندر -حفظها الله- التي لم تمثل المرأة السعودية في المحافل الدولية فحسب، بل أعادت تعريفها على أسس القوة الناعمة، والوعي المتقد والهوية التي لا تنسلخ بل تتألق. أن تكون المرأة المثقفة اليوم في موقعها، ليس محض منحة ولا صدفة زمان.. بل هو نتيجة وعي متراكم، وتاريخ من المحاولات، وصبر لم يكن ناعمًا.. ولذا، وصولها للعالم الأول لم يكن ترفاً فكرياً بل استحقاق معرفي. وهي لا تقف اليوم في المنتصف بين التقاليد والتجديد، بل تتجاوزهما نحو ما تصنعه بوعيها، لا بما يُفرض عليها. أثمن ما يحب أن نعرفه أن المثقف الحقيقي لا يقاس بنوعه إنما بمحتواه، لقد تجاوزنا تلك الثنائيات السطحية التي تضع المثقف الرجل في موضع "الأصل" والمثقفة في موضع "التأثّر"، العالم الأول لا يعترف بجندر العقل، بل بمن يطرح سؤالًا، أو يحرّك وعياً أو يكتب نصاً لا يُنسى. اليوم، نجد مثقفات سعوديات يكتبن المقال، ويقدن المبادرات، ويشاركن في بناء الوعي العام.. من الصحافة إلى الفلسفة، من السرد إلى الحوار، من الفكر الأكاديمي إلى التأثير المجتمعي. المرأة المثقفة السعودية اليوم لا تحتاج إلى شهادة من أحد، بل إلى من يصغي. فهي تمشي نحو العالم الأول لا لتلحق بأحد، بل لتكون مع من يسير نحو المعنى. تأخذ من جذورها عمقها، ومن حاضرها قوتها، ومن لغتها هويتها. وحين تصل... لا تفعل ذلك بمفردها، بل تفتح الطريق لمن بعدها.. تماماً كما تفعل الريادة الحقيقية: لا تتباهى بل تبني. وكما قال خالد الفيصل :"مللنا البقاء في العالم الثالث...." فإن المرأة المثقفة اليوم تقول بلسانها الواعي: "أنا لست امتداداً لأحد، بل امتداد لوطن يسير نحو العالم الأول بي ومعي".