ليس السؤال هل ينجح موسم الحج أم لا؟ بل السؤال الصحيح ما هو قدر النجاح؟ وإلى أي مستوى نتقدم كل عام؟ أحمد الله أن منّ علي بالمشاركة مرات عديدة -مثل عشرات الآلاف من السعوديين والسعوديات- ضمن جهود بلادنا المباركة في خدمة ضيوف الرحمن، وأعلم عن يقينٍ تام أن قيادة بلادنا لا تتردد في بذل الغالي والنفيس لتطوير المشاعر المقدسة، وتسهيل رحلة العمر لقاصدي بيت الله، وكم مرة شهدت الميزانيات الضخمة التي تنفق بسخاء، دون الالتفات لأي عائد مهما كان ضئيلاً! بالإضافة إلى التخطيط المنهجي بعيد المدى لتحسين التجربة وتطويرها. من الحفاظ على الأمن، إلى العناية الصحية، إلى المشاريع الجبارة في كل مكان شواهد تؤكد ثبات منهج الدولة السعودية في رعايتها الكريمة لركن الإسلام الأكبر، والاستمرار المتواصل في تسخير كل الإمكانات وجهود الدولة لنجاح موسم الحج، ولله الحمد. تطورات متلاحقة، وتنافسٌ ملاحظ بين الجهات الحكومية والخاصة، لتقديم الجديد والمتطور، من مراقبة الحشود وتحليل البيانات، إلى الطائرات المسيرة والبوابات الذكية، وذلك لضمان سلامة الحجاج وانسيابية تنقلاتهم، ومن المرشد التوعوي الرقمي الذي يتوفر بخمسة عشر لغة مختلفة، إلى تطبيق "نسك" الذي أضحى بوابة الحاج والمعتمر، دون إغفال السوار الإلكتروني، الذي حُدث ليحفظ البيانات الشخصية والصحية للحاج، ما يسهل تقديم الخدمات الصحية والإرشادية لهم، وغيرها من المبادرات والأفكار. أما المنظومة الصحية فهي فخر ما نقدم من خدمات، من مستشفيات ومراكز صحية متنقلة وفرق إسعافية، بطاقة استيعابية ضخمة، ناهيك عن الخدمات الطبية المتقدمة، حيث أجريت مئات عمليات القلب المفتوح، وجلسات الغسيل الكلوي، وغيرها من العمليات والإجراءات الصحية المختلفة. وبالطبع لا يمكن أن نغفل استنفار المنظومة الأمنية، التي تسهر على حماية وسلامة الحجاج، منذ دخولهم أرض المملكة، ومروراً بالمشاعر المقدسة، حتى مغادرتهم محملين بالرائع من ذكريات الركن الخامس، وهي جهود جليلة يشهد بها القاصي والداني. واليوم تعتبر المملكة من أنجح الدول في إدارة الحشود، خاصة مع التطور العلمي والتنظيمي لهذه الخطط المحكمة، وبالذات التكامل والتعاون بين المؤسسات الحكومية، ما مكننا من تحقيق النجاحات المسجلة، والعمل على ابتكار الطرق والوسائل الأفضل، وبالذات تقنيات الذكاء الاصطناعي. لا يكاد يخلو منزل سعودي من مشاركة أحد أبنائه أو بناته في خدمة ضيوف الرحمن، وهو تقليد متجذر في مجتمعنا المبارك، يعكس القيم الإسلامية الأصيلة، ويجسد روح الكرم والإيثار، خاصة أن لقب قائدنا هو خادم الحرمين الشريفين، ونحن نشرف أن نحتذي بقائدنا ونكون خدام ضيوف الرحمن. والحمد الله أولاً وأخيراً أن شرفنا بذلك.