ولي العهد يتلقى اتصالا من رئيس الإمارات    البسامي: 213 ألفا من القطاعات الأمنية أشرفوا على سلامة الحجاج    ولي العهد: سنواصل بذل جميع الجهود لتوفير سبل الراحة لضيوف الرحمن    النقل: جاهزون لمغادرة الحجاج عبر 6 مطارات    متحدث وزارة الداخلية: تم ضبط 436 حملة حج غير مرخصة    762.5 ألف مكالمة كل ساعة في يوم عرفة    روسيا تعلن قتل شخص كان يستعد لشنّ هجوم بمسيّرات على موقع عسكري    وكيل محافظة صبيا يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    الأهلي يعلن ضم زيزو من الزمالك في صفقة انتقال حر    أمير حائل يستقبل المهنئين بعيد الأضحى    الروبوت الجراحي يجري استبدال صمام للقلب بمكة المكرمة    موعد مباراة منتخب السعودية أمام أستراليا    العيد في قرية المدرك.. شغف لا يُغيّره الزمن    الحجاج يؤدون طواف الإفاضة في أجواء إيمانية وخدمات متكاملة    النفط يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية قوية مع استئناف محادثات التجارة    ضيوف برنامج خادم الحرمين للحج يحطّون رحالهم في مشعر منى لرمي جمرة العقبة    أمير منطقة جازان يعايد الشيخ العامري    "الصحة" تحذر من التعرض للشمس في الفترة ما بين العاشرة صباحًا إلى الرابعة عصرًا    أسباب الإجهاد العضلي في الحج وطرق الوقاية منه    تعاون مع مؤسسة سنغافورية.. روشن تعزز الابتكار لمستقبل العقار    التقى القيادات الأمنية والعسكرية.. وزير الداخلية: القيادة حريصة على تقديم أرقى الخدمات للحجاج    اتفاق لإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة وبسط سلطة الدولة    رغم تمزق أوتار القدم.. كشاف يواصل خدمته في موسم الحج بعزيمة لا تعرف الانكسار    "في عيدهم.. كشافو المملكة يكتبون قصة الوفاء لخدمة ضيوف الرحمن"    بعد تراجع هجمات الحوثيين.. الملاحة تعود تدريجياً للبحر الأحمر    بيئة متكاملة تساهم في إنجاز التغطيات بأحدث التقنيات.. اختتام «ملتقى إعلام الحج» بحضور 10 آلاف كادر    وزارة الداخلية تختتم مشاركتها في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    "المطبات" الهوائية تصيب ركاب طائرة ألمانية    نائب أمير تبوك يهني القيادة الرشيدة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    15.6 مليار ريال تسوق ببطاقات الدفع    نجاح خطط التصعيد والنفرة وبدء أيام التشريق.. آمنون مطمئنون.. لله خاشعون    "الرياض" يستهل مشواره أمام زيوريخ في بطولة تشيسترز توينز للبولو    أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه يؤديان صلاة عيد الأضحى بجامع خادم الحرمين الشريفين بالدمام    الذهب يتجه لمكاسب أسبوعية بفضل بيانات أمريكية ضعيفة وتراجع الدولار    الحجيج يتوافدون لرمي جمرة العقبة في أول أيام عيد الأضحى    رصد حالات إجهاد حراري في عرفة.. وتحذير من التعرض للشمس    نيابة عن الملك.. ولي العهد يصل إلى منى للإشراف على راحة الحجاج    وزير الداخلية: القيادة تقدم أرقى الخدمات للحجاج    96.12 % من عمليات البحث عن السفر خلال عيد الاضحى تركز على الوجهات العالمية    وزير الداخلية يتفقد قوات الأمن الخاصة برئاسة أمن الدولة المشاركة في الحج    خلاف واتهامات بين ترمب وماسك.. ماذا يحدث في البيت الأبيض؟    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الألماني والأمين العام للأمم المتحدة التطورات الإقليمية والدولية    21.5 % من السعوديين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي    العناية الفائقة    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    الزمالك يتوج بطلًا لكأس مصر 2025    ريال مدريد يضم جوهرة الأرجنتين    «سلمان للإغاثة» يوزّع 1.150 سلة غذائية في محلية كرري بولاية الخرطوم في السودان    صندوق الاستثمارات العامة والاتحاد الدولي لكرة القدم يوقعان شراكة ضمن بطولة كأس العالم للأندية FIFA 2025™    المملكة تدشن توزيع كسوة عيد الأضحى في حضرموت لعام 1446ه    الولايات المتحدة تستخدم «الفيتو» ضدّ مشروع وقف إطلاق النار في غزة    وأذن في الناس بالحج    المسرح وإشكالية التواصل!    وزير الإعلام يُدشّن منصة الصور السعودية للعالم    الصحة: رصد حالات إجهاد حراري في يوم عرفة وتحذر من التعرض للشمس حتى ال 4 عصرًا    الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    "اعتدال": الوئام الوطني درع ضد التطرف وخطابه الهدام    حلل يصف الحج شعراً بثلوثية الحميد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرح وإشكالية التواصل!
نشر في الرياض يوم 05 - 06 - 2025

لقد جاءت كل محاولات المسرح المعاصر من مسرح العبث، والغضب، والمسرح الحي، للتأكيد على أن النفس البشرية حياة كامنة وثرية مليئة بالمتناقضات ومخاطبة اللاوعي الإنساني الجماعي والتركيز عليه بدلاً من اللاوعي الفردي ورغبتها في التواصل..
منذ بدايات المسرح العالمي وبعد أن خرج من عباءة الدين في عصر النهضة، أصبح يعالج مشكلاته الاجتماعية والسياسية، حيث شعر القائمون عليه بحالة من النقص أو عدم الاكتمال.
هذا الشعور هو الذي دفعهم نحو التجديد والابتكار، فهناك حالة دفينة، بشيء يحرك الأحاسيس والوجدان، فانتفاء القدر الإغريقي في كتابات الكلاسيكيين الجدد جعلهم يبحثون عن قوى أخرى تحرك الأحداث والشخصيات، حيث كانت أفكار مسرحياتهم مستمدة من آلهة وأبطال الأساطير الإغريقية، ولكن الصراع أخذ فيها بعداً آخر فيما بعد، فأصبح بين العاطفة والواجب بدلاً من التصارع البشرى مع الآلهة. ومثلما حاول كتاب اليونان في القرن الرابع قبل الميلاد الإيحاء بأن هناك قوى مسيطرة تنظم حركة الصراع وأسموها القوة القدرية أو (الأنا نكى)، حاول الكلاسيكيون الجدد الإيحاء بها أيضاً، ولكن بشيء من العدالة الشعرية، وجعلوا مصير البشر متعلق بخطاياهم مثلما نرى في كتابات (جان راسين 1639-1699) و(بيير كورني 1606-1684)، كما أن هذه الفترة شهدت تغييرات جوهرية استمد منها العالم روح التجديد والابتكار، فنرى "كورني" في مسرحية "السيد" يضرب بالقواعد الكلاسيكية عرض الحائط ليثير الرأي العام في ذلك الوقت ويحدث ضجة فكرية حتى عرض الأمر على الأكاديمية الفرنسية لتفصل في الخصومة، فألف المجمع اللغوي لجنة برئاسة الأديب الفرنسي "شابلان" لتقد يم تقرير مفصل عن مسرحية "السيد" أدانت فيه "كورني" بما أسموه الشطحات الفكرية والتمرد، الأمر الذي دعا "كورني" لكتابة بعض المقالات دفاعاً عن مسرحيته ويفند فيها رأي الأكاديمية.
ولقد أصبحت هذه المقالات وهذا التقرير أحد أبرع المراجع النقدية؛ والذي يثير التساؤل: ما الذي أوحى إلى "كورني" بالخروج عن هذه القواعد الكلاسيكية؟ إنه ذلك الإحساس بالنقص وعدم الاكتمال!
ثم يتلوه تساؤل آخر، وهو ما الذي يدفع كاتباً مثل برانديللو أن يحاول جذب المتفرج إلى داخل الواقع من خلال التقاطع مع بعض مستويات الحقيقة، ويصبح المتفرج جزءاً من تكعيبية الطرح الفكري؟
إنه يجعل المتفرج جزءاً من الواقع المسرحي المعاش في لعبة المسرح داخل المسرحية، ذلك لأن "لويجي برانديللو 1867-1936"، لم يعد يشعر بذلك الدفء الذي يتواصل من خلاله مع الجمهور!
وبعيداً عن الخواء الذي أحدثته الحرب العالمية الثانية، نجد بر يخت يقدم لنا المذهب الملحمي الذي يسعي إلى دمج المرسل والمتلقي في حالة وجدانية واحدة، أو في حالة تفاعل جمعي، إنهم جميعاً يشعرون بهذا الإحساس بعدم الاكتمال الذي حاول كل رجال المسرح الغربي البحث عنه ومحاولة الوصول إلى حله.
ومن هنا شهد القرن العشرين محاولات عديدة لجعل المتفرج جزءاً إيجابياً في العرض المسرحي، وذلك لأغراض متعددة، وكانت معظم تلك المحاولات تقليداً لهذا التكنيك التكعيبي – أي تكنيك يحطم الحاجز الوهمي بين العمل الفني وواقعه المباشر دون أن تكون ترجمة لفلسفة التكعيبية.
ولقد حاول الكاتب الألماني بر يخت استثارة فكر المتفرج عن طريق تقنيات المسرح الملحمي الذي ألغي فيه عنصر التعاطف مع الشخصيات المسرحية أي التركيز على العقل، مما يشعرناً بتجاهله للوجدان إلا أن الملكات الوجدانية كالعواطف والمشاعر والانفعالات فرضت نفسها على هذا المسرح، فالملكات المعرفية كالذكاء والأحاسيس تضافرت مع الإرادة والحوافز والغرائز!
فالسكولاسيون -وهم فلاسفة العصور الوسطى- ليس لديهم تصنيف منفصل للظواهر الوجدانية، لأنهم يعتبرونها مجرد تحويرات للنشاطات المعرفية والنشاطات المثيرة، فعلى سبيل المثال لاحظوا بعض الخطر (المعرفي) فحاولوا تجنبه؛ أثناء الإدراك وكافحوا حتى لا نصبح متأثرين بالخوف. فتجربة مثل مسرحية (ست شخصيات تبحث عن مؤلف) التي قدم فيها فلسفة أسلوب المدرسة التكعيبية، ويحاول أن يحطم التصور الفوتوغرافي للواقع ويعمل فيه فكره ليكشف لنا مستوياته المتعددة وعلاقاته المتشابكة، مؤكداً فكرة نسبية كل شيء، وفكرة استحالة المعني المطلق لأي شيء، فقدمها في صورة كوميديا تثير مشاعر الضحك كما تعمل على صدم المشاهد في واقعه مما يجعله يتعاطف وينفعل.
وفي محاولات (الفريد جاري) في البعد عن عرض الأفكار والقضايا الجادة لهدف تفريغ جميع الأفكار والقضايا من جديتها وإظهار عبثيتها، كان يرى عالم ما وراء الطبيعة كعالم مجهول من الظواهر العارضة، التي تفتقر إلى منطق ساخر من كل الفلسفات الميتافزيقية، وتأثر فيها إلى حد كبير بالرمزيين ولكنه يتميز عن الرمزيين بافتقاده للمعنى الكلي خلف ظواهر الطبيعة أي الإيمان بوجود عالم روحي!، "إنك عندما تقص قصة مفهومة فإنك تلقي عبئاً على العقل المتلقي وتفسد الذاكرة، ولكنك عندما تقص قصة لا تخضع لقواعد المنطق المألوفة فإنك تعطي العقل والذاكرة فرصة للتفكير الخلاق".
وهو رأي يدحض فلسفة الباتافيزيقا من حيث بعدها عن هذا العالم الروحي، لأنها تقدم ما لا يخضع لقواعد المنطق وبالتالي فإنها تعمل على إثارة فكر المتلقي.
ولقد انتفع (يوجين يونسكو 1909-1994) بالكثير من عناصر (السريالية) وإن كان يدين بالفضل ل(ألفريد جاري 1873-1907) والباتافيزيقين، فنجده يقول "إنني أؤمن بأن الفنان لا بد أن يمتلك خليطاً من التلقائية والدوافع اللاواعية وقدرة على الوصول إلى رؤية واضحة لا تخاف أي شيء، فيسمح الفنان لطوفان اللاوعي للانطلاق، ولكن بعد ذلك يأتي دور الفحص والتنظيم والفهم والاختيار لتحقيق العمل الفني الناجح. إنه يخاطب الملكات المعرفية والغرائزية الحسية محاولاً إعادة صياغة الواقع كما حاول الرمزيون أمثال (موريس ميترلنك 1862-1949) الإيحاء بتوقف وتعطيل الحركة الخارجية ونقل الحدث إلى الداخل إلى الوجدان كما في مسرحياته (الدخيل أو ولياس أو العميان).
لقد جاءت كل محاولات المسرح المعاصر من مسرح العبث، والغضب، والمسرح الحي، للتأكيد على أن النفس البشرية حياة كامنة وثريه مليئة بالمتناقضات ومخاطبة اللاوعي الإنساني الجماعي والتركيز عليه بدلاً من اللاوعي الفردي ورغبتها في التواصل، ولذا لجؤوا إلى التاريخ والعالم السحري والأسطورة وبكل أشكال التراث لتحدث هذه الحالة من التواصل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.