نيابةً عن الملك... ولي العهد يشرّف نهائي كأس خادم الحرمين    حرس الحدود بجازان يحبط تهريب 30.1 كجم "حشيش"    «وقاء» يواصل أعماله الميدانية في منطقتي مكة والمدينة    ترمب يلمّح إلى تجدد التوترات التجارية مع الصين    ريال مدريد يتعاقد مع أرنولد من ليفربول لست سنوات    وزارة الإعلام تستعد لإقامة النسخة الثانية من "ملتقى إعلام الحج"    حضورٌ رائعٌ لسيرةِ الحج في نادي جازان الأدبي جازان    محمد بن علي آل رضي يُعيَّن نائبًا للأمين العام وعضوًا في مجلس إدارة المنظمة العربية للأسرة    ‏سماحة مفتي عام المملكة يشكر تعليم جازان    نافذة أمل جديدة تؤخّر السكري وتُعيد تعريف الطب الوقائي    علاج مناعي جديد يؤخر ظهور السكري    وكيله في الرياض.. برونو يحسم قراره بشأن الهلال    الدكتور أحمد علوش… قصة كفاح وسيرة أكاديمية ملهمة تجاوزت التحديات بالصبر والمعرفة    من بوابة ال PLAY-OFF.. الحزم يعود إلى روشن    ترقية الحكومي للمرتبة السابعة في بلدية وادي جازان    القادسية أمام الاتحاد.. إنجاز وتحدي الذهب    الرياض وجدة تتصدران حركة المسافرين    إمام المسجد النبوي يحث على اغتنام عشر ذي الحجة ويبيّن فضلها وعِظم شعائرها    ضيوف "خادم الحرمين الشريفين" يشيدون بجهود المملكة ويعبّرون عن شكرهم للقيادة الرشيدة    جمعية شفيعًا تحتفي بطلابها من ذوي الإعاقة في حفل قرآني مميز بمنتجع ديراب الريفي    وزير الداخلية ينقل تحيات القيادة لأهالي الطائف ويؤكد استمرار دعم التنمية والأمن في المحافظة    أمين الطائف يفتتح مخيماً مجهزاً في السيل الكبير لاستقبال وخدمة ضيوف الرحمن.    هند كيلاني تحصل على الدكتوراة في القيادة والسياسات التربوية من جامعة الملك خالد    منظمة التعاون الإسلامي تدين قرار الاحتلال الاسرائيلي إنشاء 22 مستوطنة استعمارية جديدة    جامعة الإمام تحتضن برنامج "موهبة" الإثرائي الأكاديمي 2025    استشهاد تسعة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    روسيا تشن هجوما بمسيرات    "التجارة": استمرار تقديم جميع الخدمات لجميع العملاء خلال إجازة عيد الأضحى المبارك    عبدالعزيز بن سعود يتفقد نقطة الفرز بمركز الشميسي ومركز المراقبة الميدانية    أمير القصيم يوجه باستمرار العمل خلال إجازة عيد الأضحى    عبدالعزيز بن سعود يلتقي نائب أمير منطقة مكة المكرمة وأعضاء اللجنة الدائمة للحج والعمرة بإمارة المنطقة    اللجنة المنظمة لبطولة حائل للدرفت 2025 تختتم اجتماعها الأول    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق (11) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    اليحيى: تدشين مبادرة طريق مكة في المالديف يجسد تاريخًا من التعاون    الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي والصحي لانتشار قرود البابون على المجتمعات المحلية    شعبية الأهلي تتزايد في جازان وتبهر ملوك المدرجات    دي ماريا يعود إلى نادي طفولته روساريو سنترال    الدرعية هوية سعودية في قلب شنغهاي    أمير حائل يوجّه باستمرار العمل في الإمارة والمحافظات والمراكز خلال إجازة عيد الأضحى    أمير منطقة جازان يتفقد محافظة الحُرَّثْ    مستشفى خميس مشيط العام يُنفّذ عدداً من الفعاليات    شيخ شمل المخلاف يستقبل أعيان ومشايخ الخلاف    إعادة تعيين سعادة الأمين العام الأستاذة ديمة بنت يحيى اليحيى لقيادة منظمة التعاون الرقمي في مرحلة محورية تُركز على تعزيز مرونة الاقتصاد الرقمي والازدهار الاجتماعي    طلبة يقولون لبي بي سي: "نادمون" على التقديم لجامعات أمريكية بعد خطط إدارة ترامب بتعليق طلبات تأشيراتهم    تحذيرات من تفاقم المجاعة.. الأمم المتحدة: استمرار العدوان على غزة يخلف أضرارًا مروعة    تل أبيب تتوعد بحصار وجولات متتالية.. إسرائيل تصعد ضد الحوثيين وتقصف مطار صنعاء    موسكو تصر على "حياد كييف".. لافروف: جولة مفاوضات روسية – أوكرانية.. قريباً    "الداخلية: الالتزام بالأنظمة يحافظ على سلامة ضيوف الرحمن    أكد دعمه المتواصل لمبادرات رفع كفاءة خدمات الحجاج.. أمير المدينة يدشن أربع نقاط إسعافية جديدة    "التخصصات": 5,125 خريجاً من البورد السعودي    منظومة متكاملة لهيئة مكة المكرمة.. والرشيد: خطة تشغيلية لنقل 2.1 مليون حاج خلال أيام معدودة    يدعم إنتاج التقنية العالية.. إطلاق مركز التصنيع المتقدم في الرياض    التقي نائب أمير مكة ودشن عدداً من المشاريع.. وزير الداخلية: القيادة حريصة على تعزيز أمن وسلامة الحجاج    أزمة ثقة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يفتتح اليوم فعاليات المؤتمر الدولي للأمراض الجلدية    صمود الصحافة بوجه التحديات بالاندماج مع البدائل الرقمية    الدكتورة سميرة إسلام.. سيرة حياة حافلة بالعطاء والريادة العلمية    شَبَه الكتابة بالطبخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حج آمن وميسر
نشر في الرياض يوم 29 - 05 - 2025

المملكة العربية السعودية تقف شامخة كمنارة من منارات الخير تسخر إمكاناتها كافة لخدمة ضيوف الرحمن وتبذل جهود عظيمة من أجل راحة الحجاج، فهذه البلد، التي شرفها الله باحتضان أطهر بقاع الأرض لا تنظر إلى خدمة الحجاج والمعتمرين والزوار كواجب فقط بل تراها رسالة إيمانية ومصدر فخر واعتزاز متجذر في وجدان قادتنا والشعب.
منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن – طيب الله ثراه – وحتى اليوم تتواصل المسيرة، ويتواصل العطاء جيلا بعد جيل تحت راية التوحيد وقيادة حكيمة جعلت من خدمة ضيوف الرحمن أولوية وطنية في كل عام ومع كل موسم حج، تكشف المملكة عن المزيد من الخطط الطموحة، والمشاريع المتطورة، والتقنيات الحديثة التي تسهم في تسهيل أداء الشعائر وضمان الأمن والطمأنينة والراحة للملايين من المسلمين القادمين من جميع أنحاء العالم.
كما أصبحت المملكة العربية السعودية نموذجا في التنظيم والإدارة وقدوة في الكرم والرعاية والعطاء، فالمملكة لا تكتفي بتوفير الخدمات الأساسية فحسب إنما تسعى دائما إلى الارتقاء بالتجربة الروحية والإنسانية للحاج والمعتمر، بدءا من استقبالهم حتى إقامتهم وتنقلاتهم، وانتهاء بعودتهم سالمين إلى وطنهم.
وقد جسدت المملكة هذا الاهتمام عبر مشاريع ضخمة شملت كل ركن من أركان المشاعر المقدسة مثل توسعة الحرمين الشريفين لتستوعب الأعداد المتزايدة من الحجاج، وتطوير منشأة الجمرات متعددة الأدوار لتنظيم حركة الحجاج وتيسير مناسك الحج بالإضافة إلى تنفيذ قطار المشاعر الذي يختصر الزمن والجهد في تنقلات الحجاج بين منى وعرفات ومزدلفة، فضلا عن الخيام الحديثة المقاومة للحرارة في مشعر منى وتوفير أنظمة التبريد المتقدمة والممرات الواسعة التي تسهل الوصول والتنقل.
وفي هذا السياق، حرصت المملكة على الجوانب الصحية والأمنية إذ تنتشر المستشفيات والمراكز الطبية المجهزة في كل موقع مدعومة بكوادر متخصصة تعمل على مدار الساعة، إلى جانب فرق الطوارئ والإسعاف وفرق التطوع التي لها دور مهم في خدمة الحجاج والحرص على سلامتهم.
هذه الجهود المتكاملة والخدمات الإنسانية تبين التزام المملكة العربية السعودية تجاه ضيوف الرحمن، وتعبر للعالم صورة مشرقة عن الإسلام في أبهى معانيه الرحمة والكرم، والاحترام الإنساني.
الجهود الجبارة في المشاعر المقدسة
ضمن الجهود التي تبذلها المملكة لخدمة ضيوف الرحمن، تظهر الخدمات الطبية والإسعافية كأحد الركائز الأساسية للحفاظ على صحة وسلامة الحجاج خاصة في ظل الزحام وكثافة الأعداد في المشاعر المقدسة، وفي هذا السياق يتحدث أخصائي الخدمات الطبية الطارئة فيصل بن عبدالله عن طبيعة هذه الخدمات ومستوى التطور الذي شهدته المملكة خلال موسم الحج، وآليات الاستعداد والتنسيق المبكر.
يصف الأخصائي فيصل الخدمات المقدمة من قبل الهيئة بأنها شاملة تبدأ من الكشف الطبي وفحص العلامات الحيوية وتمتد إلى تقديم الإسعافات الأولية من تطبيب الجروح وإيقاف النزيف، بالإضافة إلى ذلك تقديم الرعاية الطبية المتخصصة في معالجة الحالات التي تهدد الحياة، ويشير إلى أن التعامل مع مثل هذه الحالات يتطلب خبرة عالية ودقة في التشخيص، موضحا أن مسار الجلطات القلبية على سبيل المثال يستدعي الوصول إلى التشخيص الدقيق بسرعة مع إعطاء علاجات عاجلة من شأنها المحافظة على حياة المريض، حيث يتم إجراء تخطيط قلب 12 قطبا وبعدها يتم تصعيد الحالة مباشرة إلى أطباء واستشاريين قلب مناوبون على مدار الساعة.
ويضيف فيصل: «الزمن المستهدف لوصول المريض إلى معمل قسطرة القلب لا يتجاوز الساعة وعلى الرغم من تعدد المتغيرات إلا أن نجاح الهيئة مع شركائها في هذا المسار كان محط الأنظار.»
كما تحدث عن مسارات جديدة لازالت قيد التطوير مثل مسار «الصدمة الإنتانية» (Sepsis)، بالإضافة إلى ما توفره الهيئة من أسطول إسعافي متنوع وذو كفاءة عالية، يشمل:
(دراجات هوائية – سكوترات – دراجات نارية – عربات قولف – فرق راجلة – باصات ذو سعة – عناية بلس – مركبات دفع رباعي – مركبات دعم لوجستي – مروحيات هيلكوبتر وطائرات الإخلاء الطبي)، وكل ذلك بهدف تعزيز سرعة الاستجابة ومرونة الوصول للحالات الطارئة مهما كانت الظروف، إضافة إلى تفعيل المشاركة المجتمعية المتمثلة ضمن المبادرات من فرق الهيئة التطوعية لخدمة الحجاج.
تطور ملحوظ في الأداء الإسعافي
وعند سؤال الأخصائي فيصل بن عبدالله عن تطور الخدمات مقارنة بالسنوات الماضية يرى أن هناك نقلة نوعية يشهدها كل موسم، حيث قال: «لا يخفى عن الكل التطور الملحوظ والمشهود في مواسم الحج والعمرة وأن الجانب الطبي والإسعافي في تطور كبير مستمر وكل سنة نشهد تحسن ملحوظ في معدل زمن الاستجابة ومؤشرات الأداء، على سبيل المثال تم نشر أجهزة إنقاذ الحياة (جهاز إيقاف الرجفان البطيني AED ) في كل من الحرمين مما يسهل سرعة الوصول إلى الأجهزة وتوظيفها في حالات توقف القلب والتنفس، بالإضافة العمل الدؤوب والمستمر مع شراكئنا من القطاعات الحكومية حيث أصبح مستوى التناغم والانسجام يضرب به المثل عالميا، والشاهد على ذلك ما تم التوصل إليه من تفعيل عدة مسارات إنقاذ الحياة ( الجلطات القلبية- الجلطات الدماغية - الإصابات والحوادث ) مع جميع مستشفيات وزراة الصحة على مستوى المملكة.»
استعدادات دقيقة وخطط متكاملة
فيما يتعلق بالتجهيز المسبق لموسم الحج، يوضح فيصل أن الهيئة تعمل على توفير أفضل الخدمات الطبية لمواجهة الحالات الطارئة في المشاعر المقدسة على مدار العام، كما يتم مضاعفة الجهود بداية من شهر رمضان المبارك حتى نهاية موسم الحج.
في سياق الحديث عن الحالات الطارئة، يشير فيصل إلى أن الهيئة لديها العديد من البرامج التي تعمل معا لتوفير أفضل خدمة طبية طارئة ويعمل عليها الكثير من المختصين، من أبرزها برنامج الترحيل الطبي الذي يقوم بفرز الحالات الطارئة وبرنامج البروكا هو برنامج تم تصميمه لإعطاء الأولوية القصوى لحالات إنقاذ الحياة، ومن عمل المرحلين إعطاء تعليمات إسعافية لحظية من شأنها تخفيف أو احتواء الضرر حتى وصول الفرق الطبية المختصة، بالإضافة إلى توجيه الفرق المتقدمة مثل فرق التدخل السريع لمواقع الحالات أيضا توظيف فرق الإسعاف التطوعية والفرق الأساسية ونشرها بالمشاعر المقدسة بما تتوافق مع خطط التفويج مع وزارة الداخلية.
إلى جانب ذلك تحدث الأخصائي فيصل عن الاستعداد والتنسيق المسبق للهيئة، والذي يتم من خلال ورش عمل تنتهي من أعمالها واعتماد الخطط قبل بداية الموسم وتبدأ مباشرة بعد انتهاء الموسم تحضيرا للعام المقبل، حيث يتم الاستفادة بشكل كامل من التحديات والصعوبات التي واجهت الفرق والعمل على إيجاد حلول إبداعية وجذرية نظرا إلى اختلاف كل موسم عن سابقه.
ويختم فيصل حديثه، « لذلك المملكة العربية السعودية تعد الدولة الأولى عالميا في طب الحشود.»
وتعكس هذه الجهود الطبية والإسعافية حجم الاهتمام الذي توليه المملكة لضمان سلامة ضيوف الرحمن عبر منظومة متكاملة من الخدمات يقف خلفها كوادر مؤهلة واستعدادات دقيقة، وتقنيات حديثة، كما تجسد مستوى العمل الميداني المنظم خلال موسم الحج لجعله تجربة إيمانية آمنة وميسرة، وتظهر في الوقت ذاته مكانة المملكة الريادية في إدارة الحشود والخدمة الإنسانية.
العمل التطوعي في موسم الحج
يعد العمل التطوعي من العوامل التي تعتمد عليها المملكة العربية السعودية في تنظيم موسم الحج، ويبرز كأداة مهمة لتعزيز المشاركة المجتمعية إضافة إلى رفع جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، فقد عملت المملكة على توفير بيئة تنظيمية متميزة تهدف إلى تأهيل المتطوعين والمتطوعات من مختلف التخصصات بما يضمن لهم أداء الأعمال بكفاءة عالية في خدمة الحجاج.
ويأتي التطوع الصحي في مقدمة مجالات التطوع خلال موسم الحج نظرا لما يتطلبه من جاهزية واستعداد للتعامل مع مختلف الحالات الطارئة والظروف الاستثنائية، وذلك لمساهمة الكوادر الصحية المتطوعة بدور فعال في دعم الجانب الطبي.
وفي هذا الإطار، تبرز تجربة المتطوعة الصحية زينب تكروني، التي شاركت خلال موسم الحج ضمن فريق ميداني تطوعي بوصفها قائدة فرقة صحية. وتصف زينب مشاركتها بأنها "شرف ومسؤولية عظيمة"، مؤكدة أن ما تقدمه من خدمة لضيوف الرحمن يتجاوز كونه مجرد عمل تطوعي بل يمثل رسالة سامية تنبع من الإخلاص والتفاني، وتكمل حديثها قائلة:
«من خلال هذا الدور، أسهم في دعم رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى رفع جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وتيسير أدائهم لمناسكهم بروحانية وطمأنينة. كما أن المشاركة والتطوع يعزز في داخلي قيم العمل الجماعي، والرحمة، والاحترام، وهي فرصة ثمينة لتقديم صورة مشرفة عن المملكة وأبنائها في خدمة الإسلام والمسلمين.»
التنظيم والتسهيلات المقدمة للحجاج
أشارت المتطوعة زينب تكروني إلى أن أبرز ما لفت انتباهها خلال مشاركتها الميدانية هو "التكامل الكبير بين مختلف الجهات لخدمة ضيوف الرحمن"، سواء من حيث التنظيم الأمني أو الرعاية الصحية، أو الخدمات التقنية، والذي يوضح مدى حرص المملكة على سلامة وراحة الحجاج، وتضيف زينب أن «وجود مسارات مخصصة للحشود والاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتحليل حركة الحجاج وتنظيمها يعكس حرص المملكة على استخدام أحدث الوسائل لتحقيق أعلى درجات التنظيم.»
ولم تغفل زينب الجانب الإنساني، حيث تؤكد أن الاهتمام الإنساني هو ما ميز تجربتها موضحة أن من بين هذه التفاصيل "توزيع المياه والوجبات، وتوفير مترجمين، بالاضافة إلى الخدمات المخصصة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة"، مايبين جهود المملكة العربية السعوية في خدمة ضيوف الرحمن.
التطوع الصحي في الحج
وعن تجربتها كمتطوعة، تصفها زينب بأنها تجربة استثنائية جمعت بين العمل الإنساني والمهني، قائلة:
"كان لي شرف المساهمة في تقديم الرعاية الصحية المباشرة للحجاج من إسعافات أولية وتوعية صحية، إلى متابعة الحالات المزمنة والتعامل مع حالات الإجهاد والإنهاك الحراري، وقد تطلب ذلك مني جاهزية عالية ومهارات في التعامل مع مواقف متنوعة وثقافات متعددة، كما أن هذه التجربة زادت من إحساسي بالمسؤولية ومنحتني شعورا عظيما بالرضا، لأني كنت جزءا من منظومة تهدف إلى تيسير أداء المناسك في أجواء آمنة وصحية."، مع تأكيدها على أن خدمة الحجاج تمثل بالنسبة لها أكثر من مجرد تطوع، إنما هي رسالة دينية ووطنية تفتخر وتعتز بها من أعماق قلبها.
في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتوفير بيئة آمنة ومريحة لضيوف الرحمن تم تنفيذ عدد من المبادرات والخدمات التي تهدف إلى تحسين تجربة الحجاج خلال موسم الحج.
التسهيلات للحجاج
من ضمن التسهيلات التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن تخصيص مرشات مياه على الطرقات لرش رذاذ الماء التي تساعد في تقليل درجات الحرارة والتخفيف من اثار ضربات الشمس على الحجاج، كما تم توزيع مياه الشرب والمرطبات بالإضافة إلى وجبات الغداء لضمان راحة الحجاج وتلبية احتياجاتهم الأساسية أثناء أدائهم مناسك الحج. مع توفير برادات مياه على الطرقات خاصة في يوم التروية (8 ذو الحجة)، لتزويد الحجاج بالمياة الباردة خلال تنقلاتهم بين المشاعر المقدسة.
مبادرة نحو منى
مع تزاحم ملايين الحجاج في المشاعر المقدسة سنويا، تواصل جميع الجهات العمل على ابتكار حلول تنظيمية تسهم في تسهيل حركة الحشود والحد من الازدحام، كما تعد إدارة حركة الحجاج نحو مخيماتهم من أبرز التحديات التي تتطلب خططا دقيقة ومنهجيات مدروسة لضمان انسيابية الحركة وسلامة الجميع.
وفي هذا الإطار، أشار المهندس المستشار بجامعة ام القرى هاني سراج وزان إلى أن الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أطلقت مبادرة تحت اسم "نحو منى"، تعنى بإدارة الحشود لإيصال الحجاج إلى مخيماتهم وفق منهجية استخدام الألوان للتعرف على مكان سكن الحجاج في منى، كما ذكر أن تلك الطريقة كانت مستخدمة في المشاعر المقدسة ولكن تم تطويرها وفق منهجية أكثر كفاءة لادارة الحشود.
تنظيم موسم الحج
أشادت مرشدة الحج والعمرة، د. فطيمة خوشي، بالتطور الملحوظ في تنظيم رحلات الحج هذا العام، حيث قالت: «رحلاتي هذا العام كمرشدة كانت أكثر راحة وسهولة من حيث الأمن و الأمان في شوارع المملكة بالإضافة إلى الراحة التي توفرها وسائل النقل من طائرات وحافلات بمعايير أفضل.». كما لاحظت اهتماما أكبر من رجال الأمن ومن المشرفين على مصليات الحرم، وأحد أبرز ما لفت انتباه د. فطيمة هو النظافة المتواصلة في الشوارع التي تؤكد حرص المملكة على تأمين راحة وسلامة ضيوف الرحمن.
وأضافت: «ما تم ذكره من إجراءات هو جزء من المساعي المستمرة لكل شركاء القطاعين العام والخاص للارتقاء بمستوى خدمة المملكة للحجاج، ضمن رؤية المملكة 2030 التي تضمن الابتكار والتطور التقني من جهة والإحسان للإنسان من جهة أخرى، وهذا ليس غريبا عن المملكة.»
الاستعداد المبكر
أوضح أيمن عبدالمنعم بانه، مدير إثراء التجربة والمسؤولية المجتمعية بشركة رواف منى لخدمات الحجاج، أن جهود كافة الجهات تتضافر في خدمة ضيوف الرحمن في أعلى المستويات والأصعدة، وتعمل الجهات الحكومية والقطاع غير الربحي والقطاع الخاص في تقديم الخدمات للحجاج سواء كانوا حجاج الخارج أو الداخل بشكل لا متناهي.
وأضاف: تبدأ الاستعدادات لموسم الحج بعد نهاية أداء مناسك الحج في الموسم الذي قبله، ويستمر العمل على قدم وساق لتقييم الأعمال ورصد الفجوات، ووضع الخطط التطويرية لتحسين الخدمات المقدمة للحجاج في موسم الحج الذي يليه. كما تطلق مبادرات تخدم الحجاج، منها مبادرة طريق مكة ومبادرات التوعية للحجاج في بلادهم، أيضا تطوير الأنظمة التقنية والمنصات المختلفة، وأبرزها منصة نسك.
بالإضافة إلى أن الجهات غير الربحية تستعد بتصميم البرامج المقدمة لخدمة ضيوف الرحمن وطرحها للموافقة وجمع الدعم للتنفيذ من خلال المنصات المختلفة وكذلك الجهات الداعمة المانحة.
ويؤكد أن الشركات تقوم بتقديم الخدمات للحجاج، بوضع الخطط وتعيين الكوادر البشرية المؤهلة، إضافة إلى المبادرات لتحسين وإثراء تجربة الحجاج على كافة مستويات الخدمات في جميع المراحل التي يمر بها الحجاج حتى الانتهاء من أداء مناسكهم بيسر وطمأنينة.
واختتم أيمن حديثه قائلا: «حقيقة الجميع مسؤول، والجميع يهتم ويستعد ويبادر لتقديم الخدمات وإبراز الصورة الذهنية الإيجابية لتقديم الخدمات والعناية بالحجاج، كما تعتبر الشراكات المجتمعية بين القطاعات المختلفة هي القلب النابض والمحرك لتحقيق المستهدفات لكافة الجهات، حيث تتضافر كافة الجهود لإنجاح موسم الحج وترك أثر لرحلة لاتنسى لضيف الرحمن الذي يعد محور الاهتمام.»
تيسير رحلة الحج والشعور بالطمأنينة
من قلب المشاعر المقدسة، يروي ماجد فيصل الخمعلي أحد أفراد فريق الجوالة في جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز تجربته في خدمة الحجاج، والتي وصفها بأنها "رحلة إنسانية وروحية عميقة غيّرت الكثير في داخله". ويؤكد ماجد أن خدمة ضيوف الرحمن ليست مجرد مشاركة موسمية بل شرف يُعلّق على القلب مدى الحياة.يبرز ماجد الدور الكبير للتأهيل المسبق حيث خضع وزملاؤه لتدريبات مكثفة في معسكر عرفات التابع لجمعية الكشافة العربية السعودية، تحت إشراف نخبة من القادة ذوي الخبرة الطويلة في خدمة الحجاج وإدارة الحشود، وقد صممت التدريبات بعناية لتأهيلهم ميدانيا حيث شملت مهارات التعامل مع الحشود، واستخدام الخرائط، بالإضافة إلى مسح عرفات ميدانيا وطريقة التعامل مع الحالات الطارئة في حال ضياع حاج أو نسيانه اسم الحملة وموقع السكن، كما تم تدريب المتطوعين على تقديم الدعم النفسي والتعامل مع الحجاج من مختلف الفئات واللغات.
تقنية مسخرة للحجاج
يسلط الضوء ماجد على التنظيم والانسيابية في تنقل الحجاج بين المشاعر بشكل رائع، رغم كثافة الأعداد والازدحام، وذلك بفضل التعاون بين الجهات الأمنية والخدمية إلى جانب جهود المتطوعين في كل زاوية.من أكثر الأمور التي نالت إعجاب ماجد الخمعلي هو الاستخدام الواسع للتقنية في تسهيل رحلة الحاج من خلال تطبيق "نسك"، إضافة إلى البطاقات الذكية التي تحمل بيانات الحاج وتنظيم تحركاته. كما تحدث الخمعلي إلى خدمات الجهات المختصة في أهمية الخرائط الرقمية والإشعارات الفورية وخدمة الدعم عن بعد التي ساهمت في تقليل التوتر ورفع جودة التجربة للحجاج.
أدوار متعددة والتحديات
وقد أشار إلى تعدد الأدوار التي يقومون بها المتطوعين من دليلا ومترجما وأيضا طبيبا في بعض الأحيان، حيث استخدموا تطبيقات الترجمة وتبادل العبارات الأساسية بلغات متعددة، مشيرا إلى التحديات الميدانية من حرارة الجو والزحام، بالإضافة إلى اختلاف الثقافات الذي تطلب منهم صبرا ومرونة كبيرة، إلا أن شعور الفخر بخدمة ضيوف الرحمن والدعاء الصادق من الحجاج كانت دافعا للاستمرار.
تبذل المملكة العربية السعودية جهودا جبارة لضمان راحة الحجاج وسهولة تأديتهم لمناسك الحج في أجواء يسودها الأمن والطمأنينة. وقد عبّر الحجاج من مختلف أنحاء العالم عن مشاعرهم حول التجربة التي عاشوها، مؤكدين أن الخدمات المتكاملة المقدمة لهم من الرعاية الصحية وتوفير وسائل النقل إلى التنسيق الأمني الدقيق، جميع هذه الجهود شكلت منظومة احترافية تسهم في انسيابية الموسم دون مشكلات تذكر، كما أن انتشار الفرق الطبية في كل مكان واستعدادها للتعامل مع أي طارئ كان له أثر بالغ في تعزيز شعور الحجاج بالراحة والأمان.
وتسعى المملكة عبر رؤية 2030 إلى تطوير كل ما من شأنه خدمة ضيوف الرحمن، مع إيمانها العميق بأن خدمة الحاج شرف لا يضاهى ومسؤولية تتجدد عاما بعد عام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.