وسط التحولات التي يشهدها القطاع العقاري السعودي، وما يصاحبها من مراجعات تنظيمية شاملة، تبرز الأراضي البيضاء كإحدى الأدوات التي تشكل حيزاً كبيرا من الآراضي غير المستثمرة رغم أهميتها، التي تُعوّل عليها سياسة التنمية الاقتصادية بالمملكة بما يخدم رؤية المملكة 2030؛ لتحقيق التوازن في الاستثمار العقاري، وتعزيز استثمار الأصول غير النشطة. ومن خلال التعديلات التي أصدرها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأخيرة على نظام رسوم الأراضي البيضاء، وما تبعها من توسّع في التطبيق ليشمل العقارات الشاغرة، تتضح ملامح مرحلة جديدة ومهمه تركز على تفعيل الاستخدام الأمثل للأراضي داخل المدن، وتحفيز الحركة الاستثمارية على أسس أكثر خلق سوق متوازنة سعراً وعرضاً. ومن منظور اقتصادي بحت، تُعد الأراضي البيضاء موردًا غير مستغل يمثل عبئًا على كفاءة المدن وأيضا في ارتفاع الأسعار، فبقاء هذه الأراضي دون تطوير يجمّد رؤوس المال ويؤثر على توازن الأسعار، وهو ما يخلق فجوة بين القيمة الحقيقية للعقار وسعره في السوق وفجوة عرض. من المتوقع أن يسهم نظام رسوم الأراضي البيضاء المحدث في تحريك دورة السوق بشكل أعمق من مجرد زيادة المعروض، وذلك من خلال تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز الشفافية، وهذا يفتح المجال أمام دخول مطورين جدد، ويتيح للمشاريع الصغيرة والمتوسطة فرصًا أكبر للوصول إلى أراضٍ بأسعار متوازنة، وتعد الأراضي البيضاء لها دوراً محوريًا في ضبط المشهد العقاري لسبب وفرتها، حيث تعكس واقعًا جديدًا تتجه فيه السياسات التنظيمية نحو كبح الممارسات الاحتكارية، وتفعّل دور كافة الأطراف لكي تستفيد من استثمار الأصول بصورة أكثر كفاءة. إن أثر هذه التحولات على السوق العقاري والاقتصاد الوطني، يكمن في تحفيز قطاعات حيوية أخرى مهمه وحيوية مثل البناء والخدمات والهندسة والتمويل، وهذا - بلا شك - يوفر فرص عمل جديدة، ويرفع مساهمات العقار في الناتج المحلي، وصولًا إلى تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030. من وجهة نظري؛ فإن الرهان الحقيقي يكون في ترسيخ قواعد مستدامة تضمن استمرارية التوازن في السوق وهو ما نتوقع أنه سيكون واقعا خلال فترة قريبة في المرحلة المقبلة، وتحويل المساحات غير المستغلة إلى مشروعات فاعلة، تنتج أثرًا ملموسًا على جودة الحياة، وتسهم في بناء مدن أكثر مرونةً وتطورًا.