وقف على تلك العتبة الصغيرة.. مرتديًا وشاحًا أسود.. منذ أن وطأت قدمه هذا الصرح وهو يحلم كل ليلة بهذه الوقفة مرتديًا هذا اللباس.. وفي داخله مشاعر متوهجة اختلطت بين الفخر والاعتزاز، وبين فرحة الوصول.. وتحقيق الإنجاز.. وقف يتأمل الجموع الذين علت على محياهم بسمة ممزوجة بدموع السعادة.. وأهازيج الفرح تطرب المكان.. نظر إلى آخر مدى يقف عنده بصره ليتجاوز حدود نافذة المكان إلى أفق المستقبل.. الآن سأحلق بعيدًا.. الآن سأرمي بكل تلك الهموم التي تشبّثت بي عمرًا طويلًا.. عاد فكره إلى الماضي.. كم من الأعوام مضت.. وتسارعت أيامها.. وارتسمت بالذاكرة مُنذ أن سمعتُ لأول مرة كلمة (المدرسة).. تتابعت الفصول.. وتنقلت المراحل حتى وصلتُ إلى أبواب الجامعة.. وكَبُرَتْ عندها الأحلام.. وتضاعف الجهد وتكالبت الأزمات والشدائد.. عانقتُ اليأس.. وتجرعتُ الألم.. ولازمتُ مع أصدقائي السهر فكانت الدروس والمحاضرات عنوان السمر.. لكن كل ذلك لم يذهب سدى... فها نحن اليوم نقطف الصَّبِر تمرا.. نُسابق خُطواتنا لنحتضنَ حُلمَ الطفولةِ، ونعيش الأمنيات التي كانت تُرفرف في سمائنا.. ها هو حلم الطفولة يرتسم مع السحاب.. وكأن كل منا طائر صغير يتنقل بين جنباته.. لينطلق منه إلى أفق أوسع.. ويدور في فلك الحياة. التخرج ليس نهاية، بل هو نقطة تحول في مسار الشخص، ينتقل به من جمود التعليم المصمت إلى أفق العطاء والبناء المرتسم بتطبيق دروس الدراسة، مع تطويرها بالتعليم العملي، والتدريب على تنمية المهارات واستثمارها، فالخروج من باب الجامعة هو بدء المرحلة الحقيقية لحياة الشخص، مرحلة بناء المستقبل من القواعد التي نهلها الطالب من الجامعة. إن نيل التعليم الجامعي الجيد، وفق مخرجات مبنية دقيقة متوافقة مع متطلبات السوق، هو أحد روافد تطور المجتمعات، وبالتالي ارتقاء الدول في كافة مجالاتها السياسية والاقتصادية؛ إذ تحرص الدول على توفير التعليم اللازم لمجتمعاتها لأنها تعلم أن التعليم هو السلاح الأقوى في مواجهة المستقبل. والتعليم من الأولويات التي قام عليها نظام الحكم السعودي، بتوفير التعليم المناسب للأبناء منذ سنوات عمرهم الأولى، وحرصها على دعم جميع القطاعات التعليمية، من أجل تحقيق رؤى المملكة العربية السعودية وتطلعاتها، لتكون خطواته المستقبلية مرسومة بدقة، فالهدف ليس التعلم فقط، بل تكوين سلاح بشري يقف في وجه الصعوبات وتحديات المستقبل، ويسهم في دفع عجلة الاقتصاد للدولة، لذا سعت المملكة في رؤيتها المستقبلية إلى تطوير التعليم بأن وجهت الطلاب "نحو الخيارات الوظيفية والمهنية المناسبة، وإتاحة الفرصة لإعادة تأهيلهم والمرونة في التنقل بين مختلف المسارات التعليمية. سنهدف إلى أن تصبح خمس جامعات سعودية على الأقل من أفضل (200) جامعة دولية"، وهو ما نراه اليوم من تقدم الجامعات السعودية ودخولها في تصنيفات عالمية، فمع إطلالة عام 2025 صُنفت ثلاث جامعات سعودية ضمن أفضل 200 جامعة دولية. كم تسابقت الجامعات في الحصول على التصنيفات العالمية، وارتفاع عدد الخريجين الذين أكملوا برنامج الابتعاث في الجامعات العالمية.. إن حمل وثيقة تحمل اسم جامعة في وطن جعل التعليم أساسًا، وبناء المواطن اهتمامًا.. هو شهادة عبور تفتح بوابة لمستقبل مزهر.