الله عز وجل لما خلق البشر وزع بينهم الفكر والذكاء والفطنة والدهاء فقَلّ أن تجد شخصيتين تتطابقان في الفكر والمعرفة وهذا من رحمة الله بعباده أن جعل الفكر تشاركياً بين الجميع ويعضد بعضهم بعضًا، وعليه فتجد من البشر من رزقه الله بمواهب وقدرات إدارية تفوق غيره في مجاله ويكون له من بعد النظر والجد والاجتهاد ما لا يكون في غيره فهؤلاء يعيشون ويكبرون في البيئات المحفزة بكل أنواع التحفيز ويتم استقطابهم وتطويرهم والاحتفاظ بهم والاعتراف من إدارة الموارد البشرية التي تهتم بإدارة المواهب، عرفت إدارة المواهب بأنها «عملية اجتذاب الموظفين ذوي المهارات العالية وإدماجهم، وتطوير والحفاظ على الموظفين الحاليين لتحقيق أهداف العمل الحالية والمستقبلية» كما عُرفت بأنها «كل ما تقوم به المنظمة لجذب المواهب والاحتفاظ بها وتحفيزها وتنميتها». إن الإدارة المميزة هي التي تحرص على استبقاء الموظفين الموهوبين وتهيئة البيئة المناسبة لهم فهم الثروة الحقيقية والأصول الاستثمارية للمنظمة، قلَّ أن تجد منظمة ناجحة ليس لديها كوادر موهوبة، بل أصبحت المنظمات تقاس قوتها بالمواهب البشرية العاملة فكلما كانت القدرات البشرية عالية كانت قدرتها التنافسية قوية بين منافسيها والكل يضع لها اعتبارًا، فالمال وحده لا يكفي لنجاح المنظمات ما لم يكن يقودها قدرات بشرية عالية ذات فكر وقادة، فهم من يشعل فتيل النجاح والإبداع والرقي. إن النظرة الضيقة من بعض القادة في المنظمات الذين يرون أن المال هو مفتاح النجاح وأن القدرات البشرية الموهوبة يمكن استبدالها، هؤلاء تجد منظماتهم دوماً في تغيرات وتقلبات سريعة ولا يهتمون بالكوادر ذات الأثر المستدام فيعتقدون أنهم يستطيعون أن يملكوا كل شيء بالمال ويبدؤون في تغيير القادة والموهوبين بحسب أمزجتهم ورضاهم ولا يهمهم مصلحة العمل، وبالنظر إلى الإدارة الحديثة الرشيقة ذات النظرة واسعة الأفق ترى أن نجاحها يكمن في الحفاظ على تلك الكوادر الموهوبة التي تساعدها في الصعود على سلم النجاح والإبداع، فهذه المنظمات هي دوماً في ابتكار وإبداع وسابقة لغيرها، عندما نطبق قاعدة باريتو نجد أن 20 % من الموظفين (الموهوبين) هم سبب تحقيق نجاحات 80 % للمنظمة، إن الموهوبين لا يمكن استبقاؤهم بالأجر الشهري فقط فالامتيازات التي يحصل عليها المبدعون الموهوبون تزيد من عطائهم، كتقدير لذاتهم وأسرهم ووالديهم وإعطائهم أسهماً في المنظمة والحوافز المجزية المعنوية وتمكينهم بصلاحيات والمرونة معهم في العمل وغيرها من الامتيازات التي تخلق عندهم الولاء للمنظمة وتجعلهم يعملون بشغف ولا نقارنهم بالموظف التقليدي محدود الإبداع، وصيتي للقادة في المنظمات حافظوا على الثروة البشرية التي لديكم وهيئوا لهم البيئة الإبداعية المناسبة، ومقترحي أن تكون في كل منظمة فئات للامتيازات تبدأ من الفئة الخضراء ثم الفضية ثم الذهبية ثم البلاتينية، وكل فئة يحصل عليها الموظف ينتقل للأخرى بناءً على معايير تضعها المنظمة كالشهادات العلمية والخبرات الوظيفية وسنوات العمل والتقييم السنوي والأفكار الإبداعية والابتكارية وحل المشكلات والمساهمة في نمو المنظمة وغيرها من المعايير الاستثنائية، هي فكرة أولية أزعم أن المنظمة التي ستطبقها سوف تتربع بين المنظمات في أدائها وتكون مطمعاً لكل موهوب.