تحولات لبنان المنتظرة: البداية من جلسة الثلاثاء    القيادة تهنئ ممثل الملك في جزر كوك بذكرى يوم الدستور لبلاده    لأول مرة..إيرادات دله الصحية الربعية تتجاوز المليار ريال سعودي    إسقاط 61 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    انخفاض اسعار النفط    وثيقة تاريخية تكشف تواصل الملك عبدالعزيز مع رجالات الدولة    دعم الجماهير كان حاسمًا.. ونطمح لحصد المزيد من البطولات    توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية    تصعيد إسرائيلي.. ورفض فلسطيني قاطع.. عدوان منظم لإعادة احتلال غزة    مقتل عنصر أمني وسط خروقات لوقف النار.. هجوم مسلح يعيد التوتر للسويداء    غارات جوية تثير موجة غضب في ليبيا    جددت التزامها باستقرار السوق.."أوبك+": 547 ألف برميل زيادة إنتاج الدول الثماني    استمرار الأثر الإيجابي لتوجيه سمو ولي العهد.. 3.2 % ارتفاع أسعار العقارات نزولاً من 4.3 %    وزير الداخلية وسفير سنغافورة يبحثان الموضوعات المشتركة    بمشاركة 268 لاعباً ولاعبة.. انطلاق معسكر "فريق السعودية" في كازاخستان    إحباط تهريب مخدرات في جازان وعسير    استعرضا سبل تبادل الخبرات والتجارب.. وزير العدل ونظيره العراقي يوقعان برنامج تعاون تشريعي    رفقًا بهم… إنهم أمانة الوطن فينا    رئيس هيئة الترفيه يعلن طرح تذاكر مهرجان الكوميديا    مسرحية «طوق» السعودية تنطلق في «فرينج» الدولي    تأهيل وتمكين الطلاب للمنافسة في المحافل العالمية.. المنتخب السعودي يحصد 3 جوائز في أولمبياد المعلوماتية الدولي    تدشين كتاب "حراك وأثر" للكاتبة أمل بنت حمدان وسط حضور لافت في معرض المدينة المنورة للكتاب 2025    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    "سعود عبدالحميد" إلى لانس الفرنسي بنظام الإعارة لمدة موسم واحد    نادي الحريق يتصدر تايكوندو المملكة ب87 منافساً    الملك سلمان للإغاثة.. جهود إنسانية حول العالم    مؤتمر «حل الدولتين».. موقف دولي لتجديد الأمل بالسلام والعدالة    حرائق أوروبا تسبب خسائر وتلوثا بيئيا واسعا    جبال المدينة.. أسرار الأرض    عدم ترك مسافة بين المركبات أبرز مسببات حوادث المرور    الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في (18) موقعاً    جامعة القصيم تحقق الفئات الأعلى في اختبار "مزاولة المهنة"    اشتراطات جديدة للمختبرات الغذائية    فرع وقاء بتبوك يختتم مشاركته في مهرجان العسل والمنتجات الزراعية الثالث بمنطقة تبوك    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    استعراض أنشطة التراث أمام سعود بن جلوي    اعتماد أكاديمي كامل لبرنامج نظم المعلومات في جامعة حائل    المدينة المنورة.. صحية مليونية للمرة الثانية    جبل السمراء.. إطلالة بانورامية في حائل    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    15 مهمة لمركز الإحالات الطبية تشمل الإجازات والعجز والإخلاء الطبي    تأثير الأمل في مسار الحياة    آل الصميلي يحتفلون بزواج الشاب محمد عبدالرحمن صميلي    الفيحاء يخسر أمام أم صلال القطري برباعية في أولى ودياته    فريق قوة عطاء التطوعي يشارك في مبادرة "اليوم العالمي للرضاعة الطبيعية"    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    طرح تذاكر مهرجان الرياض للكوميديا    قربان: المعيار المهني للجوالين يعزز ريادة المملكة في حماية البيئة    مجمع إرادة بالدمام ينفذ مبادرة سقيا كرام    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران عضو مجلس الشورى المدخلي    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ممثلاً بإدارة المساجد في الريث يتابع أعمال الصيانة والتشغيل في الجوامع والمساجد    الفخر بقيادتنا    البكيرية.. مشروعات نوعية وتنمية شاملة    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    إمام المسجد النبوي: الدنيا سريعة فاستغلوها بالأعمال الصالحة    خطيب المسجد الحرام: التقنية نِعمة عظيمة إذا وُجهت للخير    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القومية ومفهوم القوة.. مزيج خطير يهدد النظام العالمي
نشر في الرياض يوم 02 - 02 - 2025

تراجع النظرة الدولية حول أميركا ودورها العالمي سيجعل الدول تراجع أفكارها حول الصيغة العالمية المنتظرة والارتباك الأميركي مهما كان تعريفه؛ سواءً عرف بالقومية أو الحمائية أو الانعزالية، فهو مرشح أن يخلق حقبة دولية أكثر غموضًا تغلفها سياسات القوة غير الخاضعة للرقابة في ظل ارتباك يسيطر عليه اقتصاد متعثر وأيديولوجيات متنافسة..
عودة القومية بصورتها القائمة إلى المسرح السياسي الأميركي تشكل نقطة تحول جذري وتطرح أسئلة قاسية ليس على المستوى الأميركي فقط وإنما على المستوى العالمي الذي تعج دوله بالفتن التي لا يمكن إيقاضها إلا من خلال الأفكار القومية وإعادة تعريف الإنسان بشكل مختلف، مستقبل العالم في ظل تصاعد فكرة القومية في أميركا مجادلة حساسة في أكبر دول العالم وأهمها، حيث تشكل القومية الأميركية اليوم صورة من أيديولوجيا جماعية تتعارض بشكل واضح مع المبادئ والمؤسسات التأسيسية لأميركا وتنوعها السكاني واقتصادها التقليدي الليبرالي.
طبيعة المحافظة الأميركية بمفهومها السائد هي مسار ديناميكي لم يغب عن الساحة السياسية الأميركية عبر التاريخ، وكانت دائما ما تشكل هاجساً تتفاوت الحوارات حوله وفقا للمواقف السياسية التي تمر بها أميركا، فمثلا كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م أحد أهم الفرص لصعود الأفكار القومية والمحافظة، وبعد أكثر من عقدين من الزمان على تلك الحادثة يصعد الرئيس ترمب الذي تعتبر فترته الرئاسية الأولى والثانية تحولا أيديولوجيًا ولكن هذه المرة نحو قومية ذات مفهوم غامض في تفسيراته وأهدافه، أو لنقل المستهدفين فيه، في دولة يتوقع أن يسود فيها تفوق حاسم لقوميات غير بيضاء بحلول منتصف هذا القرن.
خطورة المسار القومي -كما تطرحه أميركا ترمب- تكمن في رغبة جامحة لدى الأيديولوجيا القومية لتغيير المفاهيم والعودة إلى نقطة البداية التاريخية لتصحيح الوضع الأميركي قبل الانطلاق إلى العالم من جديد، بمعنى دقيق أميركا ترمب هي محاولة جادة للتخلي أو على الأقل التراجع المؤقت عن الأهداف الأميركية العالمية التي تدعم الاقتصاد الحر وتتبنى فكرة قيادة العالم وفق قواعد سياسية ليبرالية، قومية أميركا ترغب في تغيير قواعد المغناطيس حيث أميركا المعتادة كقوة جذب لكل البشر في العالم ومن جميع الدول.
السؤال هنا مرتبط بتلك الفكرة الخطيرة حول تغيير قواعد المغناطيس الأميركي عبر إعادة إثارة فكرة القومية ودمجها بمسار سياسي تدور فكرته "بجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" من خلال حصر هذه الفكرة في أقلية ينسب إليها تأسيس أميركا وضرورة استمرارها في السيطرة الديمغرافية، التعريف الذي تطرحه قومية المحافظين الجدد يفرّق بعمق بين فكرة الوطنية والقومية، وفي الحقيقة فإن الترمبية التي تسعى إلى إعادة تعريف القومية الأميركية تواجه ذات الأسئلة التاريخية في الأحقية الوطنية والقومية على أرض هاجر إليها معظم سكانها إن لم يكن كلهم.
أحداث الحادي عشر من سبتمبر والأزمة المالية في العام 2008م كلها تحولات جذرية غيرت مفاهيم العصر الأميركي الذي أطلقه الرئيس روزفلت وسعى إلى اكتماله الرئيس ريغان، فالترمبية تدفع بالفكرة الانعزالية وترسخ فكرة الحمائية، وإعادة تعريف قوميتها، فالرئيس ترمب وفريقه السياسي يعتقدون بكل قوة أن فكرة النظام العالمي ودور أميركا في مراقبة العالم هي فكرة مرهقة لأميركا، وهذا ما قاله وزير الخارجية ماركو روبيو في جلسة التثبيت بمجلس الشيوخ حيث قال حرفيا: "إن النظام العالمي الآن سلاح يستخدم ضدنا لأنه بعد الحرب لم يعد هذا النظام موجودا فقد عفا عليه الزمن فقط".
أميركا اليوم تشعر بالإنهاك من دورها الدولي وهذا ما تطرحه بقوة إدارة الرئيس ترمب، فهل تصبح فكرة الانعزالية مصدرا مقلقا للعالم، وخاصة ما يتعلق بتعريفات النظام الدولي التي ينتظرها العالم، هل هناك حقيقة واضحة حول تشكل نظام دولي جديد؟ وهل هو ممكن الحدوث وفق نظرتنا التقليدية القائمة على أن العالم يتطلب أقوياء يديرونه؟
المؤشرات الدولية ضبابية بشكل لافت للنظر والقومية الأميركية التي تطرح اليوم، فهي في النهاية مزيج خطير لا يهدد أميركا وحدها بل العالم أجمع، تراجع النظرة الدولية حول أميركا ودورها العالمي سيجعل الدول تراجع أفكارها حول الصيغة العالمية المنتظرة والارتباك الأميركي مهما كان تعريفه، سواء عرف بالقومية أو الحمائية أو الانعزالية، فهو مرشح أن يخلق حقبة دولية أكثر غموضا تغلفها سياسات القوة غير الخاضعة للرقابة في ظل ارتباك يسيطر عليه اقتصاد متعثر وأيديولوجيات متنافسة.
الأكثر قلقاً في المستقبل الدولي هو السماح للمصلحة الذاتية الضيقة للدول أن تفوز على المبادئ الإنسانية، فالدول الكبرى التي تمتلك القوة والنفوذ سواء الاقتصادي أو السياسي أو العسكري أو كلها جميعا، ستكون مسؤولة عن التطورات التي يمكن أن تحدث في العالم وخاصة مع تقدم مفهوم القوة والنفوذ إلى المقدمة، حيث أصبحت السياسات تنفذ عبر مفهوم القوة وتفرض عبر واقع لا يحتمل سوى خيارات محدودة للتنفيذ أهمها مفهوم القوة والاستجابة المباشرة وغير المشروطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.