أقامت جمعية الأدب المهنية عبر سفرائها في منطقة الرياض أمسية ثقافية للدكتور نايف الرشيدات عنوانها: (مستويات المتلقي بين اللغة والقراءة).. حديث في جماليات العربية. أدارت المحاضرة بكل تميز الأستاذة الشاعرة فاطمة الشهري التي نجحت باقتدار في التقديم. بدأ المحاضر الحديث عن برنامج حقول الإبداع في المعارف والعلوم، ثم تحدث عن عنوان المحاضرة (مستويات المتلقي بين اللغة والقراءة)، حيث أشار إلى أن المتلقي يتجه إلى مسارات تحددها المواقف الانفعالية والمساقات التفاعلية التي تمثّل الفروقات الجهوية المرتبطة بالتوجه الفني والثقافي للمستقبل. ويحكم ذلك إقبال المتلقي على النص، كما أن ثقافته تلعب دوراً كبيراً في تحديد المستوى مع عدم إغفال الخبرات والتجارب والقدرات. ثم قدم رصداً للفصل النقدي واهتمامات هانس روبرت ياوس، أهم من أسّس التوجه الجديد للعملية النقدية، ومن فتح تأريخاً جديداً للأدب التفاعلي، عارضًا لجهود فولنغانغ ايزر مؤسس آليات القراءة الجديدة للنص، مع تناول المحاضر للنقد القديم ودوره في العناية بالمتلقي الذي تحققت معه جمالية التلقي وأفق الاستجابة واللذة والمتعة الفنية والذوق الأدبي. وقسم المحاضر المستويات على تلك الأسس إلى ثلاثة مستويات: مُجاور - مُحاور - مُجاوز، مبيناً أن المحاور يقوم بالمحاولات والسعي إلى تقليب النصوص إلى احتمالاتها متلمّساً الأبعاد الجمالية والمعرفية. لذلك الغاية الجمالية لدى المتلقي تقوم بها الحواس والثقافة والتأمل والمخيال، وأشار إلى أنه بإمكان المتلقي إعادة الأثر المعرفي للنص مع تذوقه. ثم تحدث الدكتور الرشدان عن (اللذة) وقال: اللذاذة حالة تمثل التكافؤ بين المتلقي والنص، وتعبّر عن الارتياح والاستمتاع الذي يجده المتلقي في حضرة النص، مشيراً إلى أن سيغموند فرويد عالم التحليل النفسي قد قسّم في كتاب (ما وراء اللذة) تصوّره عن النفس من حيث الوعي واللاوعي ومن حيث الغرائز إلى: (أنا، هو، أنا العليا)، على حين يرى أن مبدأ اللذة هو القوة الأساسية الموجهة للهو. واستعرض الرشدان اهتمام فرويد بشخصيتين قام بتحليلهما ضمن النقد الأدبي التحليلي عبر أنساق الظواهر الثقافية، هما دستويفسكي - ليونارد دافنشي. ثم استعرض الرشدان دور رولان بارت في كتابه (لذة النص) الذي يرى فيه النص غير الثابت، النص المستحيل مع الكاتب أي مع قارئه، وذكر الرشدان أن القراءة تجعل المكتوب بدايات لا تنتهي، ولذا القراءة هي نصوص البدايات المفتوحة. ورأى المحاضر أن (بارت) ربط اللذة بالقراءة، فهي ليست استهلاكاً وإنما إعادة اكتشاف لا بحث عن معاني النصوص. وأشار إلى أن رولان طالب الفعل القرائي أن يتم عبر القراءة الارستقراطية وليس الالتهام السريع. واللذة تقتضي وجود القارئ الجيد ليصل حد الدهشة والإغراء. اللذة الحارقة تسكن تحت جلد النص، ويرى الرشدان أن التفريق بين اللذة والمتعة عند بارت ليس واضحاً، إذ يتطابقان حيناً ويتفارقان حيناً آخر. اللذة قابلة للوصف وأما المتعة توصف من داخلها، ويمكن قولها بين السطور. وختم الرشدان حديثه عن العنوان بأن الإنشاء الجيد يوجد قراءة جيدة. وحول اللذة في التراث العربي والقرآن الكريم لفت الرشدان بأنه شكلت اللذة معادلاً موضوعياً لمظاهر الجنون والألم والفهم، لذا الجانب الإبداعي في اللذة متحقق عبر الشعر والنصوص لدى المتلقي. ولفت الرشدان إلى أن هناك بواعث نفسية وحياتية مشتركة من المبدع والمتلقي. أما في التراث العربي والقرآن الكريم؛ فشكّلت اللذة معادلة موضوعية لمظاهر الجنون والأمم والفهم؛ لذا الجانب الإبداعي للذة متحققة عبر الشعر والنصوص لدى المتلقي، هناك بواعث نفسية وحياتية مشتركة بن المبدع والمتلقي، وهو ما يتجلى في ارتباط بعض النصوص بعناصر الرحمة والاستمتاع والتأثر، ولن تغيب هذه العناصر سلطة العقل العرفية. ومضى الرشدان في سبر ماتع وجميل لتفاعل النصوص، والفعل القرائي باعتبار أن القراءة محكومة بمجموعة من العلميات النفسية والذهنية، مشيراً للعلاقة بين القارئ والنص، وأشار لنظرية المتلقي عند القراءة، ومنظومة من المعايير والمفاهيم والقواعد النظرية التي تساعد على عملية الاستجابة والتذوق. ثم تطرق المحاضر إلى كثير من موضوعات تخص اللغة العربية على اعتبار أنها وسيلة وليست غاية كيما تتمدد مناطق الاستثمار فيها وتعرض لمواقف وقصص وأحداث، مشيراً إلى قيمة الإبداع عند السؤال وعند الإجابة المكثفة، وعبر قراءة الحدث والصورة وما ينجم عنها من دلالات وإشارات ذكية، ثم ختم محاضرته بمواطن إبداعية في النصوص التراثية ومواقف بلاغية في الآيات القرآنية المحاضرة كانت قد أخذت بألباب الحضور الذين عدّوها محاضرة ماتعة ومشوقة، ثم دارت المداخلات من عدد كبير من الحضور الذين تقدمهم سمو الأميرة الجوهرة، وعدد كبير من المثقفين والمثقفات والإعلاميين يتقدمهم الأستاذ عبدالله الحسني مدير تحرير الشؤون الثقافية بجريدة «الرياض»، أما المداخلون فهم: أحمد مجثل، محمد عابس، سهم الدعجاني، د. محمد السليمان، د. منصور أبو ضجر، سعود اليمني، د. نوير العنزي، ابتسام التميمي، محمد الشنقيطي، سامي العريفي، عيسى المرشدي، سعد الثنيان، حمزة الأنصاري، د. دلال المالكي، الأميرة د. الجوهرة آل سعود، د. البندري المطيري، عبدالله مفتاح، الذين أبدوا غبطتهم وارتياحهم واستمتاعهم بالمحاضرة، وتمنوا لو فاض الوقت للمزيد من التطواف الثقافي المشوق. د. نايف الرشدان خلال المحاضرة ومديرة الحوار فاطمة الشهري