الرياض تدشّن النسخة الافتتاحية من منتدى TOURISE    نائب أمير مكة المكرمة يفتتح مؤتمر ومعرض الحج 1447ه    وزير الحج: موسم الحج الماضي كان الأفضل خلال 50 عاما    إنفاذًا لأمر الملك.. تقليد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    وزير التعليم: وصول مبادرة "سماي" إلى مليون سعودي وسعودية يجسد نجاح الاستثمار في رأس المال البشري وبناء جيل رقمي مبتكر    50 عاما مع العلاقات بين المملكة وسريلانكا    200 سفيرة للسلامة المرورية في الشرقية بجهود لجنة أمهات ضحايا الحوادث    ورشة عمل لدعم وتطوير الباعة الجائلين بحضور سمو الأميرة نجود بنت هذلول    أمير تبوك يشيد بحصول إمارة المنطقة على المركز الأول على مستوى إمارات المناطق في المملكة في قياس التحول الرقمي    (إثراء) يشارك في أسبوع دبي للتصميم 2025 بجناح الخزامى    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة توثق ركن الحج والرحلات إلى الحرمين    تهنئة كمبوديا بذكرى الاستقلال    "أشرقت" الشريك الاستراتيجي للنسخة الخامسة من مؤتمر ومعرض الحج 2025    أمير منطقة جازان يكرم 82 مدرسة بتعليم جازان حازت على التميز المدرسي على مستوى المملكة    شركة الصندوق الصناعي للاستثمار تعلن عن استثمارٍ استراتيجي في "عاجل"    إنقاذ حياة خمسيني من جلطة دماغية حادة في مستشفي الوجه العام    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    أكثر من 11 ألف أسرة محتضنة في المملكة    توظيف 147 ألف مواطن ومواطنة في قطاع السياحة    رئيس وزراء جمهورية النيجر يُغادر جدة    ترتيب هدافي دوري روشن بعد الجولة الثامنة    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة في ديربي جدة    ملتقى الحكومة الرقمية 2025 يؤكد ريادة المملكة في التحول الرقمي عالميًا    انطلاق أعمال مؤتمر ومعرض الحج والعمرة 2025 في جدة بمشاركة 150 دولة.. مساء اليوم    محمد الحبيب العقارية راع ماسي في سيتي سكيب الرياض 2025 وتستعد للكشف عن أحدث مشاريعها الكبرى    وزير الإعلام سلمان الدوسري يقدّم العزاء للمستشار فهد الجميعة في وفاة والده    مبادرة تصنع أجيالا تفتخر    الشرع يصل واشنطن في أول زيارة رسمية لرئيس سوري.. يلتقي مع ترامب غدًا    الفلبين تستعد لعاصفة جديدة بعد إعصار كالمايجي    اختتام فعاليات ملتقى الترجمة الدولي 2025    قوات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل في الجنوب السوري    285 مليار دولار استثمارات أوروبية بدول «التعاون»    الإطاحة ب«لص» نام أثناء السرقة    «المنافذ الجمركية» تسجل 1441 حالة ضبط    83 قضية تجارية يوميا    التسجيل في «ألف ميل»    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ صباح جابر فهد المالك الصباح    في المرحلة ال 11 من الدوري الإيطالي.. نابولي ضيفاً على بولونيا.. وروما وإنتر في مواجهة أودينيزي ولاتسيو    إحالة طليقة السقا للمحاكمة ب«تهمة السرقة»    السجن لبريطاني مفتون ب«أفلام التجسس»    قصص الرياضيين العظماء.. حين تتحوّل السيرة إلى مدرسة    مجتمع متسامح    تحت رعاية الملك ونيابةً عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر دورة ألعاب التضامن الإسلامي    عمليات نسف واسعة في خان يونس.. تجدد القصف الإسرائيلي على غزة    واتساب يطلق ميزة لوقف الرسائل المزعجة    العراق يدخل الصمت الانتخابي تمهيداً لاقتراع نيابي    المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    ديوانية الأطباء تكرم القحطاني    كيسي نجم الأهلي: مباريات الديربي تكسب ولا تلعب    بالأرقام.. دفاع الأهلي كلمة السر في فوزه على الاتحاد في ديربي جدة    مدرب الأهلي: فخور بجميع اللاعبين والانتصار يُنسب للجميع    موسم الزيتون ملطخ بالدم    الشؤون الإسلامية في جازان تنفّذ أكثر من (40) ألف جولة رقابية على الجوامع والمساجد خلال شهر ربيع الثاني 1447ه    «أمن الحج والعمرة».. الإنسانية بكل اللغات    دفعة جديدة من المساعدات السعودية لقطاع غزة    وحدة الأورام المتنقلة.. نقلة نوعية في الرعاية الصحية المتنقلة بوزارة الداخلية    محافظ القطيف يدشّن مبادرة «سكرك بأمان» للتوعية بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستلزام في منطق اللغة الطبيعية
نشر في الرياض يوم 26 - 09 - 2024

إذا كان الاستلزام في المنطق الصوري يمثّل متواليات تبنى على قواعد صارمة كنقيض الثبوت ونقيض الاختيار؛ حيث تقود الجملة المنطقية إلى استلزامات مبنية على مقدمات تتطلبها عملية الاستنتاج الصحيح من خلال جدول الصدق (true/false)، فإنَّ منطق اللغة الطبيعية يبدو أكثر مرونة لتخطّيه شكلانيّة المنطق باتجاهه نحو مراعاة الحمولات الاجتماعية والثقافية والخلفيات المعرفية الخاصّة بوعاء لغة ما. وقد جاءت الإسهامات الأساسية الأولى لنظرية الاستلزام في منطق اللغة الطبيعية على يد الفيلسوف البريطاني بول غرايس 1975م بهدف تحديد ما هو أبعد ممّا يُقال عند إنجاز فعل كلامي معين بصدق في سياق تلفظي معين حيث توسّع في توصيف العمليات الذهنية اللازمة لفهم الملفوظات وتأويلها، وعلى اعتبار أن الملفوظات تُنتج معانٍ ضمنية لا تظهر على السطح ولكنّها تستلزمها. ويعمل الاستلزام في المنطق الطبيعي على استنتاج مقاصد المتكلم ومقترحاته ضمنياً. فهو يؤدّي إلى استنتاجات تداولية عبر مقارنة ملفوظ ما مع بدائله من المعاني الضمنية لا الحرفية بحيث تسمح للمتلقي بتتبع الاحتمالات المقبولة التي يقصدها منتج الملفوظ.
ويقسّمه غرايس إلى استلزام تخاطبي واستلزام عُرفي. حيث أضافت مقاربته الفلسفية أبعادًا ثرية لدراسة الاستعمال اللغوي عن طريق إدخال مفهوم الاستلزام التخاطبي، فلكي يتمكّن المتلقّي من تحقيق الاستدلال فإنَّه لا يحتاج إلى معرفة العالم أو القضية المطروحة فحسب، بل إنّه يحتاج أيضًا إلى خلفية موسوعية، ولذا تعالج مقاربة غرايس مشكلتين أساسيتين للتفاعلات اللغوية في وقت واحد، فالمشكلة الأولى تتعلق (بالصريح) أي كيف يمكننا التمييز بين الخطاب الطبيعي وغير الطبيعي؟ هنا يرى غرايس أنَّ المتحاورين يلتزمون أولاً وقبل كل شيء بالمبدأ التعاوني؛ حيث يُملي عليهم رفع المساهمة التخاطبية وفق المطلوب بافتراض أنّه عقد مسبق بينهم للالتزام بأربعة قوانين؛ قانون الكم: اجعل مساهمتك وفق المطلوب. وقانون الكيف: لا تقل ما تعتقد أنّه كذب. وقانون العلاقة: يجب أن تكون المساهمات مناسبة للأهداف الراهنة. وقانون الطريقة: يجب أن تكون ألفاظك واضحة. فتكون هذه القوانين أساس التفاعل التواصلي الصريح والمعوّل عليها لضمان استمرار الكلام واضحًا وبعيدًا عن الاستهلاك التأويلي. ومع ذلك يتّضح مدى صعوبة التقيد بهذه القوانين إلى حد كبير، إذ يبدو أنَّ غرايس وإن افترض أنّ أطراف الخطاب يحترمون مبدأ التعاون إلا أنّه بقي مفترضاً مع علمه المسبق عدم إمكانية إقامة هذا الشكل من الالتزام في كلامنا سوى بشكل محدود، لذا فهذا الطرح يقود إلى المشكلة الثانية المتعلقة ب(الضمني)؛ حيث تعالج التساؤل التالي: كيف يمكن للمتكلّم أن ينقل أكثر مما يرمز إليه صراحة؟ هنا اقترح غرايس أنَّ طرفي الخطاب لا يحتاجان دائماً إلى الالتزام بهذه القوانين من أجل التعاون. وقدّم آلية توليد الاستلزام التخاطبي لرصد هذه الحالات؛ حيث تقوم على خرق أحد قوانين مبدأ التعاون، والفكرة أنّ المتكلّم يوجّه المتلقي لاستخلاص معاني أكثر تتجاوز ملفوظاته المشفرة في الواقع؛ إذ إنَّ الاستلزامات التخاطبية قد تكون مولدة بانتظام للتأكد من الالتزام بالمبدأ أو تبرير خرقه. فهي استنتاجات تستند إلى معايير استعمال اللغة بوصفها اتفاقًا عاماً. أي قد تقود قوانين مبدأ التعاون إلى اكتشاف الاستدلالات غير المنطقية في الملفوظ على افتراض أنّ المتكلّم متعاون في الواقع؛ ولذا فإنَّ أي خرق للمبدأ سيحث المتلقي على إيجاد سبب أو احتمال للحفاظ على الافتراض الأصلي للتعاون. ويشير غرايس إلى أنّ قوانين مبدأ التعاون غالباً ما تخرق عن قصد، وليس عن تضليل، لأنَّ هذا الخرق يمنح اللغة الطبيعية ثراءً وتنوعًا. إذ إنَّ هذه القوانين موضوعة للاستعمال اللغوي الفردي، وهي قوانين مفرطة في المثالية لا تتّخذ من حرفية المعنى منطلقاً لها، وتأكيدًا لذلك، يقول روبول وموشلار: «إنَّ الفائدة الكبرى من قواعد غرايس لا تكمن في وجوب احترامها، بل يتمثل وجه طرافتها في قدرة المتخاطبين على استغلالها. وبالتالي فإنَّ المتكلم يعمد إلى خرق هذه القوانين ليتمكن أطراف الخطاب من التواصل بشكل طبيعي؛ ولتسمح هذه الخروقات بالإدلاء بتبليغات مقحمة بشكل مهذب، بالإضافة إلى أنّها تمنح السلطة للمتلقي كي يصبح مشاركًا نشيطًا بتأويله للسياق الموسّع. كذلك صاغ غرايس الاستلزام العرفي بحيث لا يرتكز على قواعد التخاطب فقط، بل على أعراف تحكم استعمال تعبيرات معينة؛ حيث تنطوي بعض المفردات والتراكيب على قوى إنجازية ذاتية توجّه اللغة استعماليًّا، كاستعمال الواصلة (لكن) في التباين أو التعارض الذي منشؤه قوة إنجازية ذاتية.
فالاستلزامات العرفية لا تُبنى على المعاني الدلالية ولا تنتمي إلى ما يُقال، ولا تُحسب على المعاني التقليدية الخاضعة لشروط الحقيقة، وهي وإن كانت تقع في السياقات المختلفة إلا أنّها لا تُحسب من حيث المبدأ على افتراض السلوك التخاطبي والمنطقي، بل على السلوك العرفي للغة. لذا يمكننا أن نصف الاستلزام الطبيعي بأنّه روح اللغة والمعوّل عليه في تحديد مدى إتقاننا لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.