جاء استحواذ شركة أرامكو السعودية على أسهم إضافية في شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات "شركة بترورابغ" من شريكتها اليابانية، شركة سوميتومو كيميكال، تأكيد لسعي أرامكو لفرض هيمنتها في قطاع الكيميائيات في العالم وانفاذا لإستراتيجيتها لدمج اعمال التكرير والكيميائيات، إذ استطاعت أرامكو السعودية، عبر الشراكات الدولية والمشاريع المشتركة القيّمة، دمج معظم مصافيها مع مرافق الكيميائيات، الأمر الذي شكل منظومة أعمال ومشاريع تتضمن إمداد النفط الخام، والتكرير، والبتروكيميائيات، وزيوت التشحيم، وصولًا إلى قنوات تسويق وتوزيع وثيقة الترابط. وبالنظر للصفقة ستستحوذ أرامكو على حصة إضافية تبلغ 22.5% بقيمة 702 مليون دولار أمريكي لتصبح أرامكو السعودية المساهم الأكبر في شركة بترورابغ بحصة تعادل حوالي 60% من رأس مال شركة بترورابغ، بينما ستصبح نسبة ملكية شركة سوميتومو كيميكال 15% من رأس مال شركة بترورابغ. وهذا يعني ان أرامكو ماضية قدما لرفع أسهمها في محفظة الكيميائيات، إضافة إلى تحسين السيولة النقدية والمركز المالي لشركة بترورابغ وتخليصها من خسائرها المتتالية حيث ستضخ أرامكو مبلغ مماثل في شركة بترورابغ، مع إعفاء شركة بترورابغ من قروض المساهمين المتجددة بشكل تدريجي، والتي تبلغ قيمتها 750 مليون دولار أمريكي وضخ جميع عائدات بيع الأسهم البالغة 702 مليون دولار أمريكي في شركة بترورابغ، مما سيؤدي إلى خفض مباشر بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي في التزامات شركة بترورابغ، وبالتالي تحسين المركز المالي ودعم الإستراتيجية المستقبلية للشركة. وبلغت الخسائر المتراكمة للفترة المنتهية في 30 يونيو 2024 مبلغ 8,871 مليون ريال سعودي تمثل نسبة 53.09% من رأس مال الشركة والبالغ 16,710 مليون ريال سعودي. وسيقوم مجلس إدارة الشركة بإعداد خطة علاجية لمعالجة حالة الخسائر المتراكمة وإعلان هذه الخطة خلال 60 يوماً من هذا الإعلان وفقاً لقانون الشركات وتعليمات هيئة السوق المالية. وتعود الأسباب الرئيسية التي أدت إلى بلوغ هذه الخسائر المتراكمة إلى ظروف السوق الغير مواتية التي نجم عنها هوامش ربح منخفضة أو سلبية للمنتجات المكررة والبتروكيماوية والزيادة الحادة في أسعار الفائدة التي أدت إلى ارتفاع تكاليف التمويل بالإضافة الى إيقاف التشغيل المجدول لوحدات المرحلة الثانية من مجمع بترورابغ وإيقاف التشغيل غير المجدول لوحدة تكسير السوائل التحفيزية عالية الأوليفينات ووحدة تكسير الإيثان لإجراء الإصلاحات والصيانة الضرورية. علاوة على ذلك الزيادة في تكلفة المواد الخام بما في ذلك الإيثان وزيت الوقود وغاز البيع اعتبارا من يناير 2024 وزيادة تكلفة الشحن بسبب اضطرابات الشحن في البحر الأحمر. وانخفض حجم مبيعات بترورابغ للنصف الأول 2024 إلى 18 مليار ريال، من 21.7 مليار ريال لفترة العام الماضي وكان السبب بشكل رئيسي لانخفاض حجم المبيعات والإيقاف غير المجدول لوحدة تكسير السوائل التحفيزية عالية الأوليفينات لإجراء الإصلاحات والصيانة الضرورية. هذا دفع الشركتان للاتفاق على آلية لتحسين الوضع المالي لشركة بترورابغ وتسهيل إستراتيجية تحوّلها ومن المتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تحسين السيولة النقدية والمركز المالي لشركة بترورابغ، حيث تُعد جزءًا من خطة تصحيحية تعتزم أرامكو السعودية وشركة سوميتومو كيميكال بحثها مع شركة بترورابغ، والتي تتضمن أيضًا مبادرات تهدف إلى تطوير المصفاة بهدف المساعدة في تحسين الأداء المالي للأعمال. وتتماشى هذه الاتفاقية أيضًا مع جهود أرامكو السعودية للتوسع في قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق، وتوجُّه شركة سوميتومو كيميكال نحو المواد الكيميائية المتخصصة بدلًا من المواد الكيميائية السلعية. وتعكف أرامكو لاستكشاف المزيد من الفرص المتاحة التي تسهم في تعزيز سلسلة القيمة في قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق، وضمان تكرير نفطها الخام في مصافٍ تابعة لها، وتحويل المزيد من المواد الهيدروكربونية إلى مواد عالية القيمة. ومن خلال زيادة حصة أسهمها، تتوقع أرامكو تحقيق تكامل أوثق مع شركة بترورابغ، وتسهيل إستراتيجية تحوّلها. وفي غمرة تطور مشهد الأعمال في كل من قطاعي التكرير والبتروكيماويات، تعمل كلٌ من أرامكو السعودية وشركة سوميتومو كيميكال على مراجعة الخيارات لإيجاد إستراتيجية تحول مناسبة لشركة بترورابغ، وتحديد الإطار الأمثل لضمان النمو المستقبلي لشركة بترورابغ. ومن شأن هذه الاتفاقية التي تتماشى مع التوجهات الإستراتيجية التي تسعى إليها كل من أرامكو السعودية وشركة سوميتومو كيميكال، أن تعزز المركز المالي لشركة بترورابغ بشكل أكبر. ونجحت شراكة سوميتومو كيمكل مع أرامكو السعودية في تطوير مشروع بترورابغ باعتباره أكبر مجمع تكرير وبتروكيميائيات في العالم يُبنى ضمن مشروع واحد عام 2005م. وعكف الشريكان على إنجاز المرحلة الثانية من مشروع التوسعة، في 2016. وكما هو الحال مع مجمع الصناعات الكيميائية والتحويلية (بلاس كيم بارك) وصدارة فإن الشركتين تعكفان على تطوير مجمع رابغ التقني (بلاس تك بارك) في بترورابغ، الذي سيدفع عجلة نمو الصناعات الجديدة، التي ستعزز بدورها تنافسية المملكة ككل، ويحفز النمو الصناعي ضمن العديد من القطاعات ويوفر الآلاف من فرص العمل الجديدة للأعداد المتزايدة من السكان في المملكة. وبرغم خسائرها، إلا ان بترورابغ لم توقف مشاريعها المخططة لتعزيز أعمالها، حيث افتتحت أواخر العام الماضي منشأة جديدة لاستخلاص الكربون واستخدامه، تتمثل في تشغيل مصنع متطور لاستخلاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من مصنع أحادي جلايكول الإيثيلين التابع لشركة بترورابغ. وتستخلص المنشأة الجديدة 300 طن متري من ثاني أكسيد الكربون يوميًا مباشرةً من المصنع المذكور، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 85% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية من هذا المصنع. ويعادل ثاني أكسيد الكربون الملتقط قدرة امتصاص ما يقرب من 360 ألف شجرة مانجروف. ومن خلال منع إطلاق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، يدعم المشروع هدف المملكة العربية السعودية المتمثل في تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060 في إطار رؤية 2030 والمواءمة مع أهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة. وستتم تنقية ثاني أكسيد الكربون المستخلص إلى درجة عالية النقاء للاستخدام في الصناعات الأخرى بما في ذلك تحلية المياه، وكربنة الأغذية والمشروبات، والزراعة، والخرسانة الجاهزة. وهناك ميزة انه بفضل موقعها الاستراتيجي المتميز، تستفيد بترورابغ بشكل مباشر من البنية التحتية القائمة للإمداد والتصدير في محطتها البحرية، التي تسهّل الوصول إلى الأسواق الآسيوية والإفريقية والأوروبية. ونتِج شركة بترورابغ الوقود والمواد البلاستيكية والتي هي هامّة وحيويّة للحياة المعاصرة، فمُشتقاتنا النفطية حيويّة لِقطاع النقل، في حين تستخدم مُنتجاتنا البتروكيميائية في كل شيء بدءً من تغليف المواد الغذائية والملابس ومواد البناء إلى اللوازم الطبية وقطع غيار الكمبيوتر. وتميز منتجات بترورابغ بتشكيلة واسعة من التطبيقات التي توفر للمستثمرين المبتدئين فرصة كبيرة لتأسيس صناعات جديدة في المنطقة، مما يضيف ويجلب المهارات المتميزة والمزيد من فرص العمل الجديدة. كما تقدم بترورابغ أيضًا العديد من الفرص الاستثمارية المثيرة من خلال مجمع رابغ لتقنيات البلاستيك حيث يُعد أول مجمع صناعي خاص للصناعات التحويلية في المملكة العربية السعودية، وهو مصمم لاستيعاب مشاريع مركبات البوليمر من الطرف الثالث. وهو يقع بجوار المصفاة حيث تُستخدم صناعات بترو رابغ التحويلية كمواد خام لإنتاج المركبات الكيميائية مثل البوليولات، ومثبتات البوليمر، والزيلين والمذيبات. كما يوجد مركز رابغ الفني لتقنيات البلاستيك، وهي منشأة حديثة تديرها شركة سوميتومو كيميكال، التي تقوم بدور التدريب والدعم الفني في مجال تقنية معالجة البلاستيك.