بعنوان شاعري ورهيف حمل اسم " كائن الفرح والشعر"؛ وفي صورة من صور الوفاء والبِرّ أطلقت أ. د. هند تركي العبدالله السديري كتابها الذي جمعت فيه مقالات والدها الأستاذ تركي السديري أو ملك الصحافة كما هو معروف. الكتاب يأتي ضمن جهود أسرة الراحل لنشر فكر وإبداع هذه القامة الفكرية والثقافية والإعلامية الفذة التي قدمت للفكر وللإعلام خدمات جليلة، وكان يتعاطى مع الشؤون السياسية والثقافية المختلفة بشكل لحظي، لكنه في غمرة مهامه الصحفية لم ينشر مقالاته؛ ربما بسبب كثرتها وكذلك انشغالاته المختلفة؛ لكنها مقالات تكتسب راهنيتها وقيمتها باعتبارها فكر إنساني يتلمّس هموم وقضايا مجتمعه المحلي وكذلك محيطه العربي. الوسط الإعلامي والثقافي أبدى سعادة كبيرة بأن فكر الراحل الكبير وأفكاره التنويرية والثقافية لم يطلها الضياع أو الإهمال؛ وأن جهد أسرة الراحل في توثيق أعمال والدهم سترفد المكتبة العربية بأعمال ومقالات ذات أثر مستدام لا يخضع للحظوي أو الآني؛ وإنما أفكار تنويرية ورؤى مثقف مستنير طالما خدم وطنه ومحيطه العربي. تقول المحررة هند السديري في مقدمة الكتاب: "محتويات هذا الكتاب في معظمها؛ مقالات في الأدب والشعر، والتاريخ، وانعكاسات للتطورات المجتمعية. تأخذنا بعض هذه المقالات إلى الماضي البعيد إلى بيت شعر لماح يحمل الكثير من الحكمة بين شطريه، أو طرفة تاريخية تحمل معها درسًا إنسانيا. تحمل هذه المختارات صورًا ثقافية لأزمنة إسلامية مختلفة، وتذوقاً رفيع المستوى وهي إضافة تاريخية لأحداث لا تدرس في المدارس، ولكن تحملها طيات كتب الأدب. وترى السديري بأن الكتابات الأدبية تعيد صورًا موغلة في القدم، تعيدها حية بكل امتداداتها الثقافية والاجتماعية والسياسية في ذهن القارئ، هذه القراءات تربطنا بتجارب أدبية سابقة، معيدة إياها في وهج أدبي مترف وتربطنا بتجارب سابقة للإنسانية، بحيث يمكن للقارئ التواصل مع تاريخه المتغير عبر العصور. هذا الكتاب هو إعادة نشر لبعض مقالات الوالد تركي العبدالله السديري؛ مقالات لا ترتبط بزمن معين؛ فموضوعها أبدي، يستهوي القارئ المثقف الباحث عن الأدب والتاريخ والشعر في طرح لطيف راقي. وتكشف السديري بأن الترتيب ليس من انتقائها ولا ترتيبها، ولكنه ترتيب الراحل الكبير، وأنها تدخّلت فقط في سحب بعض الكتابات التي تميل إلى أن تكون خاطرة أكثر منها مقال، أو قد تكون قصة، ولكنها جمعتها، وطبعتها، ووضعت لها ذات العنوان الذي اختاره لها. ومن حق القارئ أن يعرف كيف وصل هذا الكتاب إليه، وهذه هي القصة فتقول: حين عملت على نشر إنتاجه القصصي تواردت عليَّ رسائل وتساؤلات شتى، وماذا عن مقالاته؟! احترت كيف سأجمع المقالات؟ وكيف سأرتبها؟ وهو كتب على مدى أكثر من أربعين عاما، ليست فقط كتاباته اليومية، ولكن أيضًا هناك الأسبوعية. ولكن القرار جاء بسيطًا وواضحا، وكأنه -رحمه الله- كان سيعرف بحيرتي حين أبلغني أ. بدر المخضب من "جريدة الرياض" بأن المقالات موجودة، وقد أشرف الوالد بنفسه على ترتيبها، وتقسيمها إلى أربعة كتب؛ اثنين منها يحملان ذات العنوان، فكأنه جزأين. بعد ذلك تحدثت مع الدكتور أمين سيدو، والذي شجعني على العودة لها، وأكد أنه راجعها، ورتبها مع الوالد، وبذل جهدًا في ذلك. حينها قررت الاطلاع عليها، وطلبتها من جريدة الرياض، وتم إرسالها لي، ولهم جزيل الشكر راجعتها جميعا، وأبقيت عناوينها، ولكن تدخلت تدخلا طفيفا بسحب القصة والخاطرة لنشرهما في كتابين مستقلين. وتلفت إلى أن حرص الوالد في الترتيب واضح؛ فهو يلغي أجزاء من صفحة، وينتقي النص المراد، وإن كان قد أبقى معظمها كما هي. حرصت جدا أن أعيد طباعتها، وبذلت جهدا في كتابتها لأنها جميعها كانت صورًا فقط، وقد ساعدني الأستاذ محمد حداد - مشكورا في بعض منها. وقدمت في الختام شكرها لدار تشكيل على اهتمامهم ومتابعتهم المستمرة معي وخصت بالذكر الأستاذ أحمد سالم الذي بقي على تواصل حتى لحظة إنهاء طباعة الكتاب.