القبض على 4 إندونيسيين لارتكابهم عمليات نصب واحتيال وإيوائهم 14 مخالفًا لا يحملون تصاريح حج    حرس الحدود يحبط تهريب (13) كجم "حشيش" و(20) كجم "قات" في عسير    إطلاق منتدى TOURISE لإعادة رسم ملامح مستقبل قطاع السياحة العالمي    "التجارة": تحديث بيانات مالك السجل التجاري إلكترونياً للاستفادة من كافة الخدمات الإلكترونية    تكريم الخزيم    رسميًا.. لوكا مودريتش يرحل عن ريال مدريد في هذا الموعد    نائب وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية كوستاريكا    قدوم (755,344) حاجًّا من خارج المملكة عبر المنافذ الدولية حتى نهاية يوم الأربعاء    3 آلاف متفاعل بملتقى ومعرض التوعية بالأمن السيبراني    تركي بن محمد بن فهد يستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء في تركمانستان    الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تستعد لاستقبال موسم الحج ب50 ألف سلة غذائية و50 ألف كيس دقيق فاخر    زامر الحي لا يطرب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر بغزة إلى 53,762 شهيدًا    مركز الملك سلمان يُشارك في اجتماع للمسؤولين الإنسانيين حول اليمن في بروكسل    في سبق طبي بالشرق الأوسط.. "التخصصي" يزرع أول جهاز ذكي داخل الدماغ لتحسين التحكم بالأمراض العصبية    الجمعة.. قمتان من أجل نهائي "البلاي أوف" في يلو    أرامكو تحقق أول إنجاز عالمي بتشغيل نظام تخزين متطور للطاقة المتجددة في أعمال الغاز    تدشين صالة جديدة للغسيل الكلوي للحجاج بالمدينة    أمير منطقة جازان يستقبل المهنئين بتعيينه أميرًا للمنطقة    "مستشفى المانع بالخُبَر" ينجح في استئصال ورم دماغي كبير لمريض عجزت مستشفيات عدة عن علاجه    ريدنجتون تفتتح مكتبها الجديد في الرياض    الذهب يرتفع لأعلى مستوى في أسبوعين وسط مخاوف الديون الأمريكية    السكري تحت المجهر: فهم الحالة والوقاية    مركز الملك سلمان للإغاثة يُسيّر الدفعة ال17 من الجسر البري الإغاثي السعودي لمساعدة الشعب السوري    علامة HONOR تكشف عن سلسلة HONOR 400 Series بكاميرا 200 ميجابكسل مدعومة بالذكاء الاصطناعي و AI Creative Editor الرائد    المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة يلتقي مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي    اتصال أم تواصل مؤسسي..؟    تحقيق الاستقرار عبر سلطة شرعية موحدة.. توافق لبناني فلسطيني على إنهاء السلاح خارج الدولة    القيادة تعزي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان في وفاة حمد النعيمي    إقفال طرح الصكوك المحلية    أفراح عشقي وشاولي بعقد قران ماهر    إغلاق مستودع لتكرير "الزيوت المستعملة" في جدة    هيئة النقل تحذر: لا تشوهوا المشهد بالحواجز العشوائية    إصدار ضوابط تصنيف الخدمات الحكومية الرقمية الحساسة    أمير الرياض يطلع على الأعمال الميدانية والرقابية ل" الأمانة"    إبداعات" إثراء" تسطع في" داون تاون ديزاين الرياض"    تزامنا مع العام الثقافي الصيني- السعودي الأول .. افتتاح الصالون الإعلامي «الزيارة الودية على خطى تشنغ خه»    تدشين إصدار أحمد فلمبان.. «الفن التشكيلي السعودي في ذكرى التسعين»    في ختام الجولة ال 33 من دوري روشن: الأهلي يواجه الاتفاق.. وضمك يستضيف الفتح    الأندية السعودية تتصدر تصنيف الاتحاد الآسيوي    فلسطين تتهم إسرائيليين بإطلاق النار على وفد دبلوماسي    تحرك سعودي فاعل.. وضغط غربي على إسرائيل.. صرخات أطفال غزة توقظ العالم    ملابس للاستخدام المتكرر بنكهة البرتقال    أمير تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38    حفاظ وحافظات جمعية خيركم يشكرون نائب أمير منقطة مكة وسمو محافظ جدة    المكانة لمن يستحقّها    غوميز: سنلعب أمام ضمك "مباراة الموسم"    المكافأة على المعروف    نائب أمير مكة يتفقد صالة مبادرة " طريق مكة" بمطار جدة    الضب لا ينام ولا يرعى صغاره!    أمير المدينة يشيد بدور مركز 911 في دعم الأمن وخدمة ضيوف الرحمن    "هيئة المتاحف" ومتحف طارق رجب يوقعان مذكرة المستقبل    «النفس والرواية».. المفهوم عبر الزمن    نجاح عملية روبوت في جراحة الصدر بطبية مكة    حطين يتوج بكأس دوري الدرجة الأولى لكرة القدم الشاطئية    أمير تبوك يستقبل مدير عام الجوازات    بحضور محافظ الطائف ..العدواني يحتفل بتخرج نجله    أمام خادم الحرمين الشريفين.. أمراء يؤدون القسم عقب صدور الأوامر الملكية بتعيينهم في مناصبهم الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن العبور إلى الآخر
نشر في الرياض يوم 28 - 05 - 2023

عندما وُصف الإنسان بأنه "كائن اجتماعي"، كان ذلك تعبير مختصر عن كونه كائن قادر على "التواصل" مع الآخر أيّ كان نوعه أو لسانه أو طبعه. كان تعبير عن انتفاء سمة "الانعزالية" عنه وعن خصائصه.
بيد أن هذا "التواصل"، تطور بمرور الوقت حتى أمسى "فنًا" قائمًا بحد ذاته، يعكس مدى فاعلية المرء ودرجة تأثيره بل ونجاحه في حياته. ولعل إطلاق سمة "فن" على التواصل ليس به من المبالغة في شيء، لأن الناس تختلف طبائعهم، وتتباين أمزجتهم ما يجعل من القدرة على الاقتراب من الآخرين ومخالطتهم والنجاح في التفاعل مع هذا التنوع الهائل في الطباع أمرًا يتطلب مهارة عالية، وتمرّس عميق، لأن أهم ما يكمن في التواصل ليس تكوين العلاقات أو بناء الصداقات فحسب، بل الأهم كسب احترام الآخر وانتزاع تقديره، وتحويل التعامل معه إلى متعة حقيقية تمنح صاحبها درجة الرضا والثقة بالنفس.
صحيح أن الفطرة السليمة للإنسان ترفض الانطواء والانعزال عن الآخرين، لكنها بالمقابل تفرض على الإنسان ما هو أبعد من ذلك بأن يكون مؤثرًا وفاعلًا في مجتمعه، إيجابيًا ليس بسلبيٍ، مقبولًا وليس منبوذًا، وأن يسعى دومًا إلى بناء سمعة طيبة بسلوكياته تمنع تكوين أي صورة انطباعية سلبية مسبقة حياله، ولعل عليه أن يبقي السؤال التالي دائم نصب عينيه: كيف أحبّ أن أكون في أعين الآخرين؟ عندها فقط سيستشعر أهمية تطوير مهارات تواصله مع الآخرين سواء ممن هم في محيط أسرته أم عمله أم مجتمعه.
وعلى الرغم من أن عناصر المعادلة الاتصالية تتكون من مرسل ومستقبل ووسيلة ورسالة، إلا أن المُرسل يبقى هو الأساس في هذه المعادلة، لأن على عاتقه تقع مسؤولية اختيار الرسالة والوسيلة وعلى أسلوبه ومهارته ردة فعل المُستقبل.
ومهما بلغت ثقافته كمرسل أو علا شأنه فإن ذلك لن يمنحه تأشيرة عبور نحو الآخر ما لم يمتلك أدوات الاتصال السليم الذي يجعل منه جديرًا باختراق الآخر والاستحواذ على قبوله والتأثير فيه والاستجابة له.
ولعل بداية الحكاية في أي اتصال سواء كان شخصي أو مؤسسي أو اجتماعي أو حتى تربوي وأسري تكمن بفهم الناس والتحدث معهم والاستماع إليهم وتقديرهم وعدم إهمالهم، وهي محاور تشكّل في مجملها مكونات الوعاء الاتصالي الناجح.
وإذا ما ذهبنا إلى التفاصيل فإن التعاطف مع الآخر، وحُسن اللقاء، والمصداقية، والتواضع، والوضوح، والوفاء بالوعود، والتبسّم واللباقة في التعامل، والتحلّي بثقافة التعبير عن الأفكار بهدوء والابتعاد عن التحيز والاندفاعية في الحديث تبقى من العناصر المعززة للوصول إلى اتصال ناجح وبناء علاقات إنسانية متينة تشكّل قاعدة صلبة لأي علاقة لاحقة سواء اجتماعية أو مهنية.
ويبقى هناك مراعاة الفوارق الذهنية والثقافية والتعليمية والاجتماعية للمتلقّي، والتي تستدعي انتقاء اللغة والمصطلحات وأدوات التعبير الملائمة لضمان الوصول إلى درجة التأثير المنشودة، وإحداث ذاك التفاعل المطلوب والذي من شأنه أن يثري حوار الطرفين ويبني رسالة اتصالية واضحة وخالية من الشوائب والعوائق.
وعلينا أن نقول أن عدم الالتفات إلى الاتصال باعتباره مهارة وفن، وعدم إيلائه الاهتمام اللازم على اعتباره نوعًا من الرفاهية الزائدة عن الحاجة، أمر ينطوي عليه العديد من الأزمات والآفات التي يمكنها أن تنعكس بآثارها على سلامة وصحة الأسرة وبيئة العمل أو المجتمع، وأن تخلق أجواء يسودها الخلافات والاختناقات وسوء الفهم بل والتناحر والبغضاء.
إنسانيًا؛ فإن التواصل الناجح والمثمر يتوافق مع جوهر وغاية المجتمعات الإنسانية الداعية إلى الترابط ومد جسور التعاون والتآلف والتعاضد وتقبّل الآخر واحترامه باعتباره منطلقًا أساسيًا لإعمار الكون.
أما وطنيًا؛ فإن الالتزام بمبادئ الاتصال السليم والناجح من شأنه يساهم في مسيرة التقدّم، ويعزز من تماسك الجبهة الداخلية التي تمثّل الضمانة الرئيسة لحركة النهضة المستدامة، فضلًا عن أن الممارسات الاتصالية الناجحة ستسهم في رفع المنجزات باعتبارها موردًا هامًا من موارد القوى الناعمة التي ترتكز عليها الاستراتيجيات الوطنية للتعبير عنها وبناء سمعتها وتعزيز حضورها، ليبقى الاتصال دعامة لمستهدفات الرؤية، ومصونًا من العشوائية، مدعومًا بالاحترافية وبالكفاءة.
والأمر ذاته يسري على العمل المؤسسي الذي يتطلب حتمًا قيادات مؤهلة "إتصاليًا" وقادرة على صناعة صورة ذهنية إيجابية عن مؤسساتها لدى جمهورها المستهدف، والبناء على سمعتها الإيجابية بدلًا من زعزعتها لتحفّز الإنجاز لا أن تعرقله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.