القرآن الكريم كتاب منزل ليهدي البشر ويصلح حياة الفرد والجماعة المسلمة في كل نواحي الحياة، ويحظى بمنزلة عظيمة في نفوس المسلمين بوصفه كلام رب العالمين القادر العظيم والحكيم، والمسلم يعلم أن قراءة القرآن سبب في علو درجته في الملأ الأعلى عند رب العالمين، وتلاوة القرآن سنة من سنن الإسلام والإكثار منها مستحبّ، لأنها وسيلة إلى فهم كتاب الله والعمل به، وفضلها ثابت في القرآن الكريم والسنة الشريفة، ولم يتركِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أمرًا فيه تشجيع وحثٌّ على حفظ القرآن الكريم إلاّ سلكه، فكان يُفَاضِل بين أصحابه -رضي الله عنهم- بحفظ القرآن، فيعقد الراية لأكثرهم حفظًا، وإذا بعث بعثًا جعل أميرهم أحفظَهم للقرآن، وإمامَهم في الصلاة أكثرَهم قراءة للقرآن، ويقدِّم للَّحْدِ في القبر أكثرَهم أخذًا للقرآن، وربما زوَّج الرجل على ما يحفظه في صدرِه من القرآن، كما وأخبر صلى الله عليه وسلم عن علوِّ درجة الحافظ، وأن المؤمنين حين يدخلون الجنة، فإن حافظ القرآن له شأن آخر، حيث يعلو غيرَه في درجات الجنة لتعلوَ منزلتُه، وترتفع درجته في الآخرة كما ارتفعت في الدنيا، لكن ذلك مشروطٌ بالإخلاص، فإن وُجِد الإخلاص أنعم الله -سبحانه وتعالى- عليه بعدة كرامات، منها: الإنعام عليه بتاج الكرامة، وحُلَّة الكرامة، فهو يُعرَف بها يوم القيامة بين الخلائق، وهي علامة على كرامة لابسِها ومكانته عند الله -سبحانه وتعالى- وغير ذلك من الكرامات التي أعلاها رضا الله سبحانه وتعالى، وفي بلادنا ومنذ القدم فقد كان الاهتمام بكتاب الله حفظاً وتلاوة ونشراً هم كل من عاش على ثراها إلى اليوم. دعم وتشجيع وقد كان الأمر فيما مضى وقبل توحيد مملكتنا الغالية على يد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه– عن طريق المبادرات الفردية في كافة البلدات والقرى، حيث كان في كل بلدة وقرية أفراداً هيأوا أنفسهم لتعليم القرآن الكريم تلاوة وحفظاً للناشئة من الأطفال حتى يشبوا على ذلك، وكان غالب من يتولى ذلك هو إمام الجامع في البلد الذي يكون أجره مما يجود به عليه أولياء أمور الطلاب من أجرة كنقود وطعام ولباس، وظل الأمر على ذلك ردحاً من الزمن حتى منَّ الله على هذه البلاد بالتوحيد على يد الملك عبدالعزيز الذي أولى العلم عموماً وتعليم القرآن الكريم خصوصاً جل اهتمامه ورعايته، وكانت الكتاتيب هي المرحلة الأولى، وتقوم الحلقات العلمية على تجميع الطلاب حول أحد العلماء في داخل المسجد على شكل حلقات، وتكون الدراسة في هذه المرحلة أكثر تركيزًا على العلم المراد دراسته، سواء في علوم الشريعة وبخاصة علوم القرآن الكريم أو اللغة العربية، وقد وجدت الحلقات العلمية دعمًا وتشجيعاً من المؤسس، حيث كان يحث على طلب العلم فيها في خطبه ورسائله حتى أنه وافق في عام 1352ه/1933م على رأي بعض العلماء بجعل عقاب على من كان يستطيع طلب العلم ولم يطلبه يتمثل في إبعاده عن محله إلى محل لا يرضاه، كما كان لا يتوانى عن الدعم المادي لجهود بعض العلماء العلمية الذين لهم حلقات علمية يكثر طلابها. جمعية ومجمّع بعد ذلك افتتحت المدارس التي كان جل عنايتها تعليم القرآن الكريم وعلوم الشريعة وكان هذا النوع من التعليم منتشرًا في المملكة في عهد المؤسس، خاصةً في الفترة التي سبقت ظهور التعليم الحديث في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وتعتبر الحلقات العلمية هي المرحلة الثانية من التعليم التقليدي الموجود حينذاك، وقد ورد في دليل مدارس وزارة المعارف أن أول مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم كانت في المدينةالمنورة وهي مدرسة ابتدائية أنشئت عام 1367ه، وبعدها بأربع سنوات أنشأت ثاني مدرسة ابتدائية لتحفيظ القرآن في مكةالمكرمة عام 1371ه، ومعنى ذلك أن عهد الملك عبدالعزيز شهد أول بدايات تأسيس مدارس لتحفيظ القرآن الكريم بالمرحلة الابتدائية تركز مناهجها على مواد القرآن الكريم وعلومه من تفسير وحديث وفقه وتوحيد ولغة عربية وتاريخ إسلامي وبخاصة السيرة النبوية، ويمكن أن نعد مدارس الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي -1389ه- في جنوب غرب المملكة -في عسير وتهامة- من هذا النوع من المدارس والتي بدأت عام 1358ه/1939م وكانت تركز على القرآن الكريم وعلومه المختلفة، وفي عصرنا الحاضر وامتداداً للعناية بالقرآن الكريم طباعة وحفظاً فقد شهدت البلاد افتتاح الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم والتي كان أولها افتتاحاً بالمملكة جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمكةالمكرمة التي أسست عام 1382ه حتى وصل عددها اليوم إلى نحو 212 جمعية منتشرة في مختلف مناطق المملكة، كما يُعدّ إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة من أجلِّ صور عناية المملكة بالقرآن الكريم حفظاً وطباعة وتوزيعاً على المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة، وقد وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله - حجر الأساس للمجمع سنة 1403ه، وتم افتتاحه سنة 1405ه. مكافئة مالية وفي ظل الجهود التي أولتها قيادتنا الرشيدة في سبيل تيسير حفظ كتاب الله عز وجل فقد تم افتتاح مدارس لتحفيظ القرآن الكريم في مختلف مناطق المملكة، حيث افتتحت أول مدرسة ابتدائية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينةالمنورة عام 1367ه، ثم في مكةالمكرمة سنة 1371ه، ثم في الرياض 1378ه، بعدها توالى فتح المدارس عاماً بعد عام، كما تم افتتاح مدارس لتحفيظ القرآن الكريم للطالبات، وقد تم إقرار صرف مكافآت تشجيعية للالتحاق الطلاب بتلك المدارس، حيث يصرف للطلاب في المرحلة الابتدائية من حفظة القرآن الكريم مبلغ 250 ريالا، أمّا طلاب المرحلة المتوسطة فيستفيدون من مكافأة قيمتها 500 ريال، بينما تخصص لطلاب الثانوية مكافأة قدرها 600 ريال. توسع وانتشار وتعد جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمكةالمكرمة أول جمعية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة، حيث تأسست عام 1382ه، وتقوم بتعليم كتاب الله الكريم، كما تهتم بالجانب التربوي إلى جانب تحفيظ القرآن الكريم للناشئة وتتنامى حلقات التحفيظ بها عاماً بعد عام، حتى أصبح عددها أكثر من ألفي حلقة للتحفيظ للبنين والبنات في المسجد الحرام وفي مساجد مكةالمكرمة وضواحيها، يدرس بها أكثر من 42 ألف طالب وطالبة، ويمتد نشاط الجمعية إلى جميع القطاعات والمرافق الحكومية الراغبة في افتتاح حلقات التحفيظ كالسجون والدفاع المدني وشرطة العاصمة المقدسة وفوة الطوارئ، وكان من نتائج الدور الإيجابي لافتتاح حلقات التحفيظ في سجون مكةالمكرمة أن التحق بها أكثر من ألف دارس، كما شهد عهد الملك فيصل -رحمه الله- نشأة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الرياض عام 1386ه، حيث عرض سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية -رحمه الله- فكرة إنشاء الجمعية على الملك فيصل وأيدها وقام بدعمها مالياً ومعنوياً، فبدأت حلقات تحفيظ القرآن الكريم تنتشر في أنحاء مدينة الرياض فقامت عشر حلقات تشرف عليها الجمعية، وضم إليها حلقات تحفيظ القرآن الكريم التي أنشئت في المنطقة الشرقية وكذلك حلقات التحفيظ القرآن في منطقة الحدود الشمالية، حيث كانت الجمعية تدعمها مادياً، وبلغ عدد المدارس عام 1388ه سبع وأربعين مدرسة منها أربع وعشرون مدرسة في مدينة الرياض، وثلاث عشرة مدرسة في القرى والبلدان المجاورة، وعشر مدارس في المنطقة الشرقية، في الدمام ست وفي الأحساء أربع، وكان يطلق على الجمعية سابقاً الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المنطقة الوسطى والشرقيةوالحدود الشمالية، ولمّا حصل التوسع في نشر الحلق استقلت المنطقة الشرقية وكذلك قامت عدة جمعيات في المنطقة الشمالية، ويبلغ عدد الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم حالياً 194 جمعية، كما تم التوسع في إنشاء دور الذِّكر النسائية التي تتيح الفرصة للراغبات في حفظ القرآن الكريم في مختلف الأعمار، تضم نحو 44,923 حلقة وفصلاً تعليمياً، وقد كانت تلك الجمعيات تابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، إلى أن تم نقل الإشراف عليها إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في عام 1440ه. وحدة متكاملة ويُعدّ إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة من أجلِّ صور عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم حفظاً وطباعة وتوزيعاً على المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة، وقد وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله- حجر الأساس للمجمع 1403ه، وتم افتتاحه سنة 1405ه، ويهدف المجمع إلى طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي، وتسجيل تلاواته، وترجمة معانيه، والعناية بالبحوث والدراسات الأصيلة المتعلقة بعلوم القرآن الكريم، وتقدر مساحته بمئتين وخمسين ألف مترٍ مربع، ويُعَدُّ وحدة عمرانية متكاملة في مرافقها، وتتولى وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الإشراف على المجمع، وفي المجمع مجلس علمي يُعنى بدراسة الأعمال التي تُرفع إليه من المراكز العلمية، والاطلاع على التقارير المعدة من قبل اللجان والجهات العلمية لإبداء الرأي فيها، وبلغ عدد النسخ التي أصدرها المجمع من القرآن الكريم أكثر من 320 مليون نسخة. مسابقة دولية وتعد مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره والتي تُعرف اختصارًا بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية استمراراً لما توليه قيادتنا الرشيدة من اهتمام بالغ بالقرآن الكريم وحفظه وتجويده ليس في بلادنا فحسب بل في كل بقاع الأرض، حيث تعتبر هذه المسابقة مسابقة دولية لحفظ القرآن الكريم، وانطلقت عام 1399ه، وتُنظم المسابقة وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ويشارك في المسابقة آلاف المتسابقين من دول العالم الإسلامي والجمعيات والمنظمات الإسلامية، وتقام المسابقة في المسجد الحرام بمكةالمكرمة، وتستمر خمسة أيام توجه الدعوات إلى فئتين هما: الجهات الحكومية ممثلة في وزارات الشؤون الإسلامية، أو ما يقوم مقامها في الدول الإسلامية، ويحق لكل دولة وجهت لها الدعوة التقدم بمرشحين اثنين فقط في ثلاثة فروع، أمّا دول الأقليات الإسلامية فيحق لكل جهة وجهت لها الدعوة أن ترشح متسابق واحد فقط من الدولة، وتضم المسابقة أربعة فروع؛ الفرع الأول: حفظ القرآن الكريم كاملاً مع حسن الأداء والتجويد وتفسير مفردات القرآن الكريم كاملاً، والفرع الثاني: حفظ القرآن الكريم كاملاً مع حسن الأداء والتجويد، والفرع الثالث: حفظ خمسة عشر جزءًا متتالية مع حسن الأداء والتجويد، والفرع الرابع: حفظ خمسة أجزاء متتالية مع حسن الأداء والتجويد، وهذا الفرع خاص بمرشحي دول الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية، وتقدم المسابقة جوائز قيمة للمتسابقين، حيث يصرف لكل متسابق حضر للمسابقة مبلغ ألفي ريال سعودي، مع هدايا عينية، كما يصرف لكل عضو شارك في لجنة التحكيم في المسابقة مبلغ عشرين ألف ريال، وتصرف الجوائز المالية للفائزين الخمسة الأوائل من كل فرع بما مجموعها مليون و85 ألف ريال. المدارس النظامية قديماً ساهمت في تيسير حفظ القرآن الكريم مجتمع المملكة قديماً حرص على تعليم القرآن للصغار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف ساهم في نشر القرآن وحفظه جمعية تحفيظ القرآن بمكة أول جمعية افتتحت عام 1382ه