الحمد لله الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الديان، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله خير من علم وتعلم القرآن، صلوات الله وسلامه عليه أولي الفضل والإحسان، أما بعد: فإن الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم التي انتشرت في بلاد الحرمين الشريفين، وبلاد العناية بالقرآن الكريم لها تطور ملموس عبر عشرات السنين، وذلك بفضل الله تعالى أولاً ثم بفضل دعم ولاة أمورنا، حفظهم الله تعالى، وتشجيعهم للقرآن الكريم الذي يطول المجال بذكره، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، تحكيمهم للقرآن الكريم والسنة النبوية ومنهج السلف الصالح، واتخاذ ذلك منهجا ودستورا في الحكم في أصول الدين وفروعه، ومن ذلك إنشاء مجمع عالمي ضخم لطباعة المصحف الشريف وترجمته ونشر علومه عن طريق مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، يرحمه الله، للمصحف الشريف بالمدينة النبوية، ومن ذلك العناية بتدريس القرآن الكريم في مناهج التعليم في مختلف مراحله وتخصص مدارس لتحفيظ القرآن الكريم في وزارة التربية والتعليم، وإنشاء كلية للقرآن الكريم وأقسام للقرآن الكريم في الكليات الدينية وغيرها، ومن ذلك عقد المسابقات القرآنية المختلفة في القطاعات العسكرية والمدنية كمسابقة الملك عبد الله في الحرس الوطني، وجائزة الأمير سلطان الدولية للعسكريين في وزارة الدفاع والطيران، والمسابقات التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد مثل المسابقة المحلية على جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز في حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده للبنين والبنات التي تعتبر تصفية محلية للمتسابقين على جائزة الملك عبد العزيز الدولية في حفظ القرآن الكريم وتفسيره وتجويده والتي يتقدم لها أبناء المسلمين في شتى بقاع العالم، ومن صور اهتمامات الدولة، رعاها الله، بالقرآن الكريم كذلك تخفيف عقوبة الحق العام لمن يحفظ القرآن الكريم، ولذلك كله وعناية الدولة رعاها الله بالقرآن الكريم لا غرو أن تتميز الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في برامجها وإنتاجها، فالدولة، رعاها الله، قدمت لهم إعانة سنوية لتقوم بأداء رسالتها وتقدر بأحد عشر مليون ريال سنويا، ومنحت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد حق الإشراف عليها، وقد تفضل معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد/ صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ بنظره الثاقب وحاجة الوزارة لتفعيل الإشراف على الجمعيات بإنشاء الإدارة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم. ومن ثمار الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم وما تميزت به هو حفظ أوقات الشباب في خير ما يعود عليهم بالنفع الدنيوي والأخروي وهو حفظ كتاب الله تعالى وحسن تلاوته وتجويده من خلال حلقات التحفيظ المنتشرة في المساجد، وكذا حفظ أوقات النساء كذلك من خلال المدارس والدور النسائية. وقد كان نتاج العام الماضي ولله الحمد، ما يقارب أكثر من نصف مليون دارس ودارسة في هذه الحلقات والدور النسائية، يدرسون في أكثر من خمسة وعشرين ألف حلقة، وقد تخرج ولله الحمد في العام الماضي ما يقارب الستة آلاف حافظ وحافظة للقرآن الكريم. ومما تميزت به الجمعيات كذلك التنظيم الإداري للجمعيات الخيرية، ففي كل منطقة من مناطق المملكة الثلاث عشرة هناك جمعية خيرية لتحفيظ القرآن الكريم ولها مجلس إدارة يتم اختيارهم بعناية من قبل الوزارة يقوم عليه نخبة من العلماء والقضاة والمهتمين بعلوم القرآن الكريم ويتفرع عن تلك المناطق فروع في المحافظات، وقد بلغ عدد الفروع التابعة للمناطق ما يقارب المائة والثلاثين فرعا ولازالت الأعداد للفروع في ازدياد ولله الحمد. وهناك أنظمة ولوائح إدارية ومالية وتعليمية تصدرها الوزارة لسير عمل الجمعيات. وترتبط كل الجمعيات في الفروع بجمعيات المناطق الرئيسة، وترتبط الجمعيات الرئيسة في المناطق وفروعها بالإدارة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وترتبط الإدارة العامة بمعالي الوزير مباشرة، وهناك مجلس أعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالوزارة يرأسه معالي الوزير بعضوية مدير عام الإدارة ورؤساء الجمعيات وبعض المهتمين بعلوم القرآن الكريم في الجامعات يجتمع مرتين كل عام لوضع السياسات وإقرار الأنظمة الخاصة بالجمعيات ودراسة أمور الجمعيات واتخاذ القرارات بشأنها. ومما تميزت به الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم كذلك هو استخدامها لوسائل التقنية حتى وصلت بعض الجمعيات في تعاملاتها إلى جمعية بلا ورق باستخدام التعاملات الإلكترونية وبعضهم طبق نظام تاج الحلقة الإلكتروني في التعامل مع المدرس والطالب وبعضهم تميز في الحلقات الإلكترونية والتعليم عن بعد من خلال برنامج البالتوك، ولم يقف حدود نفعهم في ذلك على المملكة بل تعداه إلى خارج المملكة ولله الحمد. ومما تميزت به الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم كذلك هو عنايتها بالبحوث والدراسات وعقد اللقاءات العلمية لأهل القرآن الكريم، فقامت بعقد الملتقى القرآني الأول في محافظة الطائف والثاني في محافظة جدة والثالث سيعقد بإذن الله في شهر شوال من العام الحالي في مدينة الرياض، وقد قدمت من خلال تلك الملتقيات العلمية العديد من أوراق العمل والبحوث التي تهم الجمعيات وعلوم القرآن الكريم. ومما تميزت به الجمعيات كذلك عقد الكثير من الدورات التدريبية والتأهيلية للمدرسين والمدرسات تحقيقا لمبدأ السعودة والزيادة من رفع تأهيل المدرسين والمدرسات، فهناك معاهد متخصصة في بعض الجمعيات لعقد تلك الدورات الخاصة بالمدرسين والمدرسات وبعضهم قد يكون مطولا يوازي فترة الدبلوم. ومما تميزت به الجمعيات كذلك هو عنايتها بتعليم القرآن الكريم لكافة شرائح المجتمع، ولا يقتصر التعليم على الناشئة فقط فهناك حلقات لكبار السن وهناك حلقات للأميين، وهناك حلقات للموظفين وهناك حلقات لخدمة القطاعات العسكرية والأمنية وهناك حلقات في السجون. فالكل مستفيد من تلك الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم. وختاما يبقى هذا العمل والجهد والتطور عملا بشريا قد يعتريه النقص والخطأ ولكن الصواب أكثر ولله الحمد والإنتاج مميز ولله الحمد. وأناشد كل منصف أن ينظر لما ذكرته من تلك الإنجازات وأن يكف النقد غير الهادف لهذه الجمعيات في وسائل الإعلام المختلفة، ونحن نرحب بكل نقد وفكرة ومقترح هادف يهدف إلى تطوير العمل. من خلال التواصل مع الإدارة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ومعالي الوزير، حفظه الله، لا يألو جهدا في سبيل الرقي والتطوير للقرآن وأهله. ونسأل الله عز وجل أن يديم عز هذه الحكومة الراشد في ظل القرآن الكريم وأن يبارك في الجهود وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (*) المدير العام للإدارة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم