يُمثل قطاع الترفيه والإعلام السعودي فرصةً واعدةً وغير مسبوقة للنمو والابتكار، حيث يعدُّ مساهمًا جوهريًا في تشكيل ثقافة المملكة وتعزيز تنوعها الاقتصادي. وبالأخص، يشهد سوق التلفزيون في الوقت الحالي تحولًا نوعيًا، حيث يمر سوق بث الفيديو عبر الإنترنت بحالة من النشاط المستمر والتطور وهو ما يرجع جزئيًا إلى عنصر التقنيات الحديثة. وبالنسبة لمقدمي خدمات البث التلفزيوني والفيديو، فالآن هو الوقت الملائم لإعداد استراتيجيات محتوى قوية، وتشجيع المشاهدة باستخدام نهج القنوات المتعددة، وتقديم مزايا فريدة وجاذبة لجهات الإعلان، واستخدام أوجه التآزر عبر القطاعات المختلفة للوصول إلى جماهير جديدة. تنبع فرصة النمو المتاحة أمام قطاع الترفيه والإعلام السعودي من تعدد سماته المميزة وجاذبيته، حتى في ظل النمو العالمي للقطاع الإعلامي والنهضة التي يشهدها سوق التلفزيون -على صعيد الجودة والقيمة الثقافية- ما زالت المملكة متميزة بفضل مستهلكيها الإعلاميين المتطورين والتفاعليين. هذا ويرتفع مستوى الاستهلاك الإعلامي في المملكة بفضل السوق الحيوي للتلفزيون وبث الفيديو عبر الإنترنت وتزايد معدلات استخدام منصات الإعلام الاجتماعي. إضافةً لذلك، يستخدم السعوديون الإنترنت طوال الوقت، إذ تبلغ نسبة انتشار خدمات الهواتف الذكية 98.2% وتُعد هذه النسبة أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 84%، هذا وتبلغ نسبة انتشار خدمات الإنترنت 97.9% (ويرتفع هذا عن المتوسط العالمي البالغ 62.5%). وما زالت الفرصة سانحة أمام مقدمي خدمات التلفزيون والفيديو للنمو في سوق الإعلانات. يحظى التلفزيون بشعبية هائلة، حيث ما زال قادرًا على الوصول لكافة شرائح المجتمع من الجمهور ولاسيما أثناء شهر رمضان، كما أنه يستحوذ على 50% من إيرادات السوق. ووفقًا ل Ipsos، فقد قضى مشاهدو التلفزيون السعودي ما يقارب 5.1 ساعة يوميًا في مشاهدة المحتوى التلفزيوني في الفترة من عام 2020 إلى عام 2021، مقارنة بمدة 4.5 ساعة في عام 2019. إضافةً لذلك، تنمو القاعدة الجماهيرية لبث الفيديو عبر الإنترنت بوتيرة متسارعة، حيث تسمح التقنيات الرقمية للمستهلكين بتهيئة محتواهم والتحكم به. ووفقًا لبرايس ووتر هاوس كوبرز، تتفوق التوقعات المستقبلية لخدمة بث الفيديو عبر الإنترنت في المملكة على مثيلاتها على المستوى الإقليمي والعالمي، حيث من المتوقع أن تنمو إيرادات هذه الخدمة في المملكة بمعدّل سنوي مركّب 11.9 % في الفترة من عام 2019 إلى عام 2025، وهو ما يتجاوز النمو المتوقع للإيرادات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بواقع 10.4% حيث يقضي السعوديون ما يقارب ثلاث ساعات يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما يفسر سبب تحولها لجزء لا يتجزأ من استراتيجيات المحتوى لقنوات البث. وعلى سبيل المثال، تحتل مجموعة MBC مكانة جيدة بمنصات فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتويتر ويوتيوب - حيث حقّقت معدّل نمو سنوي مركّب مقداره 20 % بين عام 2019 وعام 2021 وتستمر في النمو. وفي ضوء حالة النشاط والفعالية التي يشهدها سوق التلفزيون والفيديو السعودي، ينبغي على الجهات الفاعلة توجيه النظر إلى أربعة محاور أساسية: أولًا – إعداد استراتيجية محتوى قوية مُصممة خصيصًا حسب أذواق الجماهير المحلية وتفضيلاتها، إذ يظل المحتوى المحلي والإقليمي الأكثر تفضيلًا على الإطلاق لدى الجمهور السعودي سواء قُدم هذا المحتوى في شكل مسلسلات أو غيرها من البرامج الترفيهية والرياضية والاجتماعية المحلية. ويتجلى هذا من النجاح الذي حققه المسلسلان الفاكهيان الخليجيان «ممنوع التجول» و«ستوديو 22»، اللذان عُرِضا لأول مرة خلال شهر رمضان 2022، حيث حصلا على أعلى تقييم في عام 2022 حتى نهاية شهر مايو من نفس العام. ثانيًا – المشاهدة باستخدام نهج القنوات المتعددة لتمكين المستهلكين من متابعة المحتوى المفضل لديهم عبر المنصات. تُعد البرامج التلفزيونية الأعلى تقييمًا، مثل برنامج المقالب «رامز عقله طار»، من بين أكثر مقاطع الفيديو التي يُشغلها المشاهدون على منصة شاهد والتي توفر خدمات الفيديوهات حسب الطلب المستندة للإعلانات. هذا ويمكن أن يزيد المحتوى الذي يُبث عبر الوسائط المختلفة والمنقول من وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا نسبة المشاهدة، على سبيل المثال، صُنِّف البرنامج القصير المقدم عبر الإنترنت، بعنوان «دكتور كاش»، والذي يركز على تقديم المشورة المالية، ضمن أفضل 15برنامجًا في عام 2021. ثالثًا- تقديم مزايا فريدة وجاذبة لجهات الإعلان. وإذ ينخفض مستوى الإنفاق الإعلاني للفرد في المملكة مقارنة بالمعايير العالمية فيستطيع مشغلو التلفزيون والفيديو جذب المعلنين من خلال عرض إعلانات بديلة، مثل: شراكات المحتوى المدفوع وتكامل العلامة التجارية. على سبيل المثال، نجحت شركة الإلكترونيات الاستهلاكية والاتصالات المتنقلة الصينية أوبو في تضمين حملة تسويقية وعرض منتجاتها في النسخة العربية من برنامج المسابقات الواقعية الدولي «المغني المقنع» يُعد التحول الرقمي بمثابة الممكن الرئيس لسوق الإعلانات حيث يسمح لجهات الإعلان بالتعرف على تفضيلات المشاهدين بطريقة أكثر فعاليةً مقارنة بالوسائل التقليدية. وتزامنًا مع تزايد أهمية الألياف البصرية وشبكات الجيل الخامس واستخدام خوارزميات التوصيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي على منصات الفيديو حسب الطلب، يدخل سوق الإعلانات في المملكة العربية السعودية حقبة جديدة مدعومة بمنهجيات ذكاء وتحليلات المستهلكين الدقيقة. وبهذا تستطيع جهات الإعلان والبث تلبية توقعات المشاهدين باستمرار. رابعًا- استخدام أوجه التآزر عبر القطاعات المختلفة للوصول إلى جماهير جديدة مع توسيع نطاق عروض المحتوى والتمييز بينها. حيث تعد منصة شاهد التابعة لمجموعة MBC أحد أبرز الأمثلة على ذلك، حيث جرى تضمين زر لتطبيق تلفزيون شاهد في 1.5 مليون جهاز تحكم عن بعد خاص بأجهزة التلفزيون الذكية ويشمل ذلك علامات تجارية، مثل: سامسونج وهايسنس وهاير وباناسونيك وتشانغهونغ في الربع الأول من 2022. ومن المتوقع في السنوات المقبلة، أن يرغب المستهلك السعودي بالتمتع بتجربة إعلامية مرتبطة باهتماماتهم واحتياجاتهم. هذا وسيكون لسوق التلفزيون والفيديو دورًا محوريًا في تطوير وتعزيز الثقافة الوطنية. وبالتالي، ستُسهم هذه العوامل الداعمة مصحوبةً بالتطورات التقنية والمنافسة المتزايدة والمنتجات الإعلانية الجديدة في إتاحة فرص مرنة وابتكارية لمقدمي خدمات التلفزيون والفيديو بسوق المملكة. بقلم كريم داوود، المستشار التنفيذي الأول بشركة ستراتيجي& الشرق الأوسط - جزء من شبكة برايس ووتر هاوس كوبرز، ونديم سمارة الرئيس التنفيذي للعمليات في MBC للحلول الإعلانية. نديم سمارة