هل تحب نفسك؟ إن كانت الإجابة "لا" أو "ليس تمامًا" لا تقلق، فأنا أشاركك الشعور أحيانًا. يبالغ الناس في فكرة حب الذات كما لو كانت شيئًا سهلًا أو ممكناً بصورة كاملة، ليزيدوا شيئًا جديدًا في قائمة مشاعر الذنب شعورًا جديدًا: لماذا تفشل في حب نفسك؟ والحقيقة أن فكرة حب الذات ممكنة، ولكن ربما لسنا بحاجة لها بصورة كاملة، فقد يكفي شيء من الحب وشيء من القبول وبعض النزاعات الداخلية الصغيرة -والتي هي جزء دائم من الإنسان- لكي نعيش حياةً طيبة. سيبقى الإنسان ينتقد نفسه ويشك فيها بطريقة ما، ولا عيب في ذلك، ولو أراد الله أن يجعلنا كاملي الثقة أو التقبل لأنفسنا لجعلنا كذلك دون جهد، لكن هذا الشك والرفض جزء من طبيعة الإنسان، وسيظل الإنسان في محاولة اكتساب المزيد من قبول الذات والثقة بالنفس طوال حياته، وهذا أمر طبيعي. نمر نحن البشر بتغيرات كثيرة، قد نرتكب أخطاءً تكلفنا الكثير وتهز من ثقتنا في قراراتنا، ونعود لنلقي باللائمة على أنفسنا ويقل حبنا لأنفسنا في ساعات جلد الذات تلك، ولكن ينجو الإنسان بأن يتعلم من خطئه ويطوي الصفحة. وكل صفحة نطويها تغير فينا شيئًا للأحسن أو الأسوأ، واختلافنا عن محيطنا يعبث في تقديرنا لذواتنا وتقبلنا لها، وعدم وجود الدعم أو من يتقبلنا كليًا يزيد من شكنا في ذواتنا، ووجودنا في عمل لا نجيده أو تخصص لا يشبهنا يغير من تصوراتنا عن أنفسنا. والعمر بحد ذاته قد يؤثر في تقدير ذواتنا كلما زاد واتجهنا نحو الشيخوخة، والحياة معقدة والإنسان معقد والتجربة تأتي بجديد كل يوم، وفي ظل كل ذلك تتأثر علاقة الإنسان بنفسه سلبًا وإيجاباً. إذاً هل عليك أن تحب نفسك؟ الجواب هو لا، عليك فقط أن تحاول ذلك ما استطعت، وأن تتعامل معها بالعطف والحنان، وألا تسخط عليها لما هي عليه، أو تسخط إن فشلت في أن تحبها دومًا فذلك مطلبٌ صعب. وتذكر عزيزي القارئ أن الكلام سهل، وأن التطبيق دومًا أصعب، وأن لا أحد سيعترف بفشله في حب الذات لأنه يعتقد أن الجميع ينجحون دون جهد. تقبل قدرك كإنسان وافعل ما تستطيع القيام به وحسب.