يبهر جناح الطفل في معرض المدينةالمنورة للكتاب - الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة - زواره بأركانه التفاعلية المثرية للنشاط المعرفي والثقافي، والمصمم بطريقة هندسية احترافية، محفزة لشغف الطفولة، تصوغ مفاتيح سحرية لعالم لا حدود له، تحلق بهم على بساط الرياح ليلامسوا النجوم ويستكشفوا المجرات، وتأخذهم إلى مدن الألعاب وبيوت الحلوى، وإلى مجالس ومنتديات ملك الغابة يستمعون إلى حوارات الغراب الذكي والثعلب المراوغ، ويشهدون سباق الأرنب المغرور والسلحفاة المثابرة، ويتحدثون مع الأشجار والأزهار والطيور والحشرات، ويستلهمون بخيالهم الواسع عوالم غنية بالحكايات، لتترك تلك القصص أثرها العميق في سلوكهم وحياتهم. ويبرز الجناح أهمية صناعة النشر في بناء الفكر وتعزيز الوعي وإعداد الجيل للمستقبل، وتظهر ملامح العناية من خلال القاعات الفسيحة، والأرفف الأنيقة التي توفر وسائل قراءة ورقية جاذبة معززة بالرسوم والصور، وإلكترونية ذات مؤثرات مرئية وصوتية، توائم بين الفنون التعليمية والتثقيفية والتشكيلية والمسرحية وغيرها، وتحفز دافعيتهم بلغة محببة إليهم، تشجع المواهب والميول، وتغرس الأخلاق النبيلة، وترسخ القيم والعادات الأصيلة، والانتماء للأرض والهوية. ويجمع خبراء ومختصون على أهمية ربط الطفل بالكتاب، لاكتساب اللغة وتنمية مهارات التعلم، ويؤكد الباحث فهد بن ناصر الفريدي أن تشجيع الطفل وتعويده على صداقة الكتاب، واصطحابه إلى المكتبات والمعارض لإشراكه في الشراء وتركه يختار كتبه بنفسه، يحمل أهمية تعليمية وتربوية، إذ سيلحظ الأبوان في السنوات الأولى ميل ابنهم إلى القصص الجذابة شكلا ولونا ورسما، ليتشكل الوعي تدريجيا نحو احتياجاته وميوله، ودلوفه نحو أبواب المعرفة المشرعة بعيدا عن السيطرة المطلقة للألعاب الإلكترونية، المهدرة للوقت والمؤثرة في السلوكيات، مشيرا إلى أن القصة المناسبة في الطفولة المبكرة هي التي يغلب عليها طابع التشويق وتحريك الخيال، التي تنتهي بانتصار الخير على الشر والحق على الباطل، ويعترف فيها المخطئ بخطئه، ويعود إلى جادة الصلاح والصواب، لا ترمي إلى التواكل أو الانهزامية والطاعة العمياء، ويفضل أن يحتفظ بها الطفل في مكتبته حتى يصل سن القراءة إن كان دون ذلك، فكل ما يحكى أو يقرأ في السنوات الأولى لا يقل أهمية عن المجهودات التربوية والتوجيهية، مضيفا : تصدمنا الإحصائيات بأن الاهتمام بالقراءة، واصطحاب الأطفال إلى المكتبات في عالمنا العربي ما زال في نسب متدنية، وأن من نشؤوا داخل أسر تعطي الكتاب أهميته ومكانته هم أسرع تعلما وتحصيلا ووعيا، وهذا يحتم تضافر جهود الأسر والمؤسسات ودور الكتب ومعارضها للقيام بمسؤولياتهم تجاه جيل المستقبل.