تحرص المملكة كل الحرص على حماية البيئة ونقائها وصفائها وخلوها من كل ما يلوثها ويعتور سلامة عناصرها من تربة وماء وهواء؛ من أجل توفير الحياة المثلى لكل الكائنات الحيَّة التي تعيش على أديمها من إنسان وحيوان ونبات، ومن الملوثات التي سنتطرق إليها في هذا المقال هو الحديث عن غاز التبريد المعروف بالاسم التجاري (الفريون)، وهو من المواد الكيميائية العضوية ذات الرمز الكيميائي المعروف ب (R22) والمستخدم حاليًا في أجهزة التكييف المنزلي، وأجهزة التكييف التجاري المركزي، وفي أجهزة التكييف الموجودة داخل السيارات، كما أنه يستخدم على نطاق واسع في الخدمات التي تختص بالغذاء؛ كالنقل، والمعالجة والتخزين. ولقد اكتشف أن لهذا الغاز تأثيرًا مباشرًا بل وجسيمًا على البيئة وبالتحديد على طبقة الأوزون نظرًا لاحتوائه على عنصر (الكلور) حسبما تضمنته لوائح عالمية لحماية البيئة، ولذا توصي بالتقليل التدريجي لاستخدام هذا الغاز في المكيفات تمهيدًا لوقف استخدامه في المستقبل نهائيّا، ومن ثم البدء في استخدام الغاز البديل والذي يرمز له ب R407 حيث يعتبر صديقًا للبيئة وأقلَّ تأثيرًا على طبقة الأوزون مقارنة ب R22 لعدم احتوائه على عنصر الكلور. وطبقة الأوزون التي تبعد مسافة تتراوح بين 10 - 40 كلم عن سطح الأرض لها أهمية ودور كبيران في حجب الأشعة فوق البنفسجية (أحد مكونات الطيف الشمسي) التي تسبب ضررًا كبيرًا للنظام البيئي ولأغلب الكائنات الحية فيه لو قدّر لهذه الأشعة التسرب والنفاذ من خلال الغلاف الجوي والوصول إلى سطح الأرض، فالله سبحانه وتعالى جعلها بمثابة الدرع الحامي والحجاب الواقي للكائنات الحية للحماية من خطر الإشعاعات الضارة القادمة من الشمس. إن أكثر مركبات الكلور الكيميائية استخدامًا وشيوعًا هي: غاز الفريون R11 وغاز الفريون R12 وغاز الفريونR22، وهذه الغازات ليست بذات خصائص سُمّيَّة وليس لها لون أو رائحة وهي خاملة أي عديمة التفاعل مع مواد أخرى كما أنها سهلة الإسالة، ولكن أغلب هذه الاستخدامات هي عملها كوسيط للتبريد في منظومات مغلقة. إن الخطورة تحدث عند انطلاق مكونات هذه الغازات إلى الجو حيث تصطدم بأشعة الشمس فتمتصها الأمر الذي ينتج عنه تفاعل بين مكونات الكلور مع جزيئات الأوزون، وينتج عن هذا التفاعل تقلص أو تآكل جزء من طبقة الأوزون، ثم يتكرر هذا التفاعل الأمر الذي ينتج عنه تسخين غلاف الكرة الأرضية مسببًا ما يعرف ب «ظاهرة الاحتباس الحراري» مما يزيد من تركيز ذرات هذا الغاز ومن ثم تآكل وتقلص جزيئات الأوزون وبالتالي السماح بنفاذ الأشعة فوق البنفسجية الضارة من خلال الثقب الذي تم تعريفه بمصطلح «ثقب الأوزون» نتيجة لتلك العملية. إن مخاطر غاز الفريون على النظام البيئي قد ثبت بشكل تام حيث إن المواد الكيميائية التي تحتوي في مكوناتها على مادة الكلور تساهم في إتلافٍ كثيرٍ من طبقة الأوزون، وبالتالي إلى نضوبها، وتبعًا لذلك فقد نصَّت اتفاقية مونتريال على إيقاف استخدام أو تصنيع هذا الغاز أو أيٍّ من مركباته، ولهذا يُعتبر التنفيذ لاتفاقية مونتريال ناجحًا في تخفيض العديد من تراكيز الغازات التي تستنفد هذه الطبقة في الغلاف الجوي، ولعل من نتائج اتباع سياسات وقوانين اتّفاقية مونتريال أن تراجعت جميع مستويات الكلور الأمر الذي أدى إلى عودة طبقة الأوزون إلى مستوياتها الطبيعية التي كانت سائدة قبل عام 1980م. وقد لوحظ مؤخرًا أن تركيز مادة ثنائي كلورو الميثان التي توجد في الغلاف الجوي هي التي تستنفد طبقة الأوزون وتتزايد بشكل كبير جدًا، وهي مادّة لم تأت اتفاقيّة مونتريال على ذكرها، وإذا استمر هذا التزايد - ولو كان طفيفًا - فسيترتب عليه تأخر انتعاش طبقة الأوزون مما يكون سببًا في تدهور طبقة الأوزون في الغلاف الجوي، واستنزاف طبقة الأوزون بدوره يؤدي إلى تهديد حياة الإنسان والحيوان على سطح الكرة الأرضية؛ لأن طبقة الأوزون تعمل على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية المضرة جداً حيث تُعدّ محفزًا على الإصابة بأمراض متعددة منها سرطان الجلد، وحدوث أمراض القلب، وعدم انتظام دقّاته وارتفاع ضغط الدم، كما تؤدي ملامسة غاز الفريون للجلد إلى حروق وإن كانت بسيطة وسطحية بيد أنها قد تتطور بشكل تلقائي بعد مرور عدة أيام لحروق بليغة إذا أُهمل علاجها، نسأل الله السلامة للجميع. * جامعة الملك سعود