احتفل التلفزيون السعودي قبل أيام قليلة باليوم العالمي للتلفزيون (21 نوفمبر) وهو اليوم الذي يحتفل فيه جميع منتسبي التلفزيون في العالم، وكان مما لفت الانتباه من خلال هذه الاحتفالية، عودة المذيعين الرواد (ممن تميزوا في تقديم نشرات الأخبار) للظهور على شاشة التلفاز عبر القناة السعودية، أمثال الدكتور حسين نجار والأستاذ سبأ باهبري، ولسان الحال يقول (آه يا زمن، وكانت أايام)، بادرة جميلة من التلفزيون السعودي، جعلتنا نستذكر الأيام الخوالي، الأيام التي كنا نعشق فيها سماع نشرات الأخبار بصورة عجيبة، لقد مر الإعلام المسموع والمرئي بمنعطفات ومتغيرات عديدة خلال العقود الماضية، انعكس أثر تلك المنعطفات والمتغيرات على مخرجاته بصورة إيجابية وأخرى سلبية، والمتابع الغيور لما يطرح عبر الشاشة الفضية والمتذوق لسماع المذياع صاحب الحس الإذاعي والأذن الطربية. أدرك مبكراً حجم هذا التأثير لاسيما السلبي منها، واسشعر الفارق الكبير بين الأمس واليوم، سواء في جانب الأداء أو في المضمون وفي المحتوى الذي لم يعد يرق له وفق المعطيات الظاهرة على أرض الواقع وبحسب آراء كثير من المتابعين وخاصة القدماء منهم، الذين أكدوا تراجع الأداء وبتقهقر المستوى وبتذبذب المحتوى الإعلامي بصورة واضحة، وهو ما أدى إلى عزوف كثير من المتابعين عن سماع المذياع ومتابعة نشرات الأخبار على الشاشة الفضية، وقد أوعز هؤلاء سبب هذا التراجع إلى عومل عدة، كان منها على سبيل المثال لا الحصر، عدم تقيد والتزام الجهات المعنية في بعض الإذاعات والقنوات التلفزيونية الخاصة، بالقوانين والمعايير الإعلامية والمعمول بها في السابق في استقطاب وتعيين المؤهلين للعمل في هذا المجال، انقطاع الحوافز والمكافآت التي كانت عاملاً مساعداً ودافعاً في استقطاب الكفاءات من خارج الوسط الإعلامي من أساتذة جامعات وأصحاب الخبرات للمشاركة بخبراتهم، التساهل في مراقبة وتقنين المحتوى الإعلامي المعروض عبر وسائل الإعلام ما سمح بفتح المجال لظهور أعمال اذاعية وتلفزيونية دون المستوى وبروز أصوات نشاز لا تمتلك أي من مقومات المذيع، الفاقد بالأساس لأبسط أدوات التأهيل التي تجيز له الدخول إلى هذا المعترك، عدم تمتع معظم المذيعين بأي حس إذاعي، فقراءة المادة الإخبارية لا تختلف بالنسبة له عن قراءة المادة الثقافية العامة، هم سيان في الطرح وفي الأداء سواء، رغم أن المواد الإخبارية من حيث الإلقاء والتفاعل تختلف بصورة جوهرية عن المواد الثقافية في الإلقاء والتفاعل، فلا تستغرب أخي القارئ ممن يبتسم وهو يقرأ فقرات المعارك والحروب، ولا تستغرب حين تسمع أحدهم وهو ينصب المرفوع ويرفع المنصوب ويسكن المكسور، لا تستغرب أخي القارئ أخي المستمع ممن لا يفرق بين مفردة بهر (خطف الأنظار) وأبهر (حالة مرضية) في الماضى القريب لم يكن من المقبول أبداً السماح للمذيع المتدرب الملتحق حديثاً بهذا المجال، التقاط المايكرفون والحديث من خلاله على الهواء مباشرة، إلا بعد مرور سنة تجريبية على أقل تقدير، يتدرب خلال هذه السنة على أبجديات الأداء الإذاعي، تحت أيدي مذيعين متمرسين، فضلاً عن إجازته في قراءة نشرات الأخبار، أما اليوم فحدث ولا حرج، لقد اختلفت المعايير وتبدلت القوانين، فوجود الرغبة للخوض في هذه التجربة كافية ليجد هذا الشخص الأبواب قد شرعت له دون أن يتكبد أي عناء في الوصول إلى المايكرفون، فكانت النتيجة ما نسمعه اليوم من أخطاء إملائية ومن محتوى رديء، وأصوات نشاز خارجة حتى عن المألوف. عدنان هوساوي