زيارات الخير    880 مليار دولار مشاريع «جيجا» في المملكة.. «المربع الجديد»..خارطة طموحة لمستقبل الرياض    المملكة مركز متقدم للصناعات التحويلية    استثمارات وسلاسل إمداد ووظائف.. مشروع متكامل لمناولة الحبوب وتصنيع الأعلاف في جازان    ولي العهد مؤكداً ثوابت المملكة وجهودها تجاه قضايا الأمة: ضرورة الوقف الفوري للعدوان وإقامة الدولة الفلسطينية    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    الاحتلال يواصل القصف على المدن الفلسطينية    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    الأهلي يقسو على أبها بخماسية ويتأهل للنخبة الآسيوية    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    رونالدو أعلى الرياضيين دخلاً في العالم    في إياب نهائي كأس الكونفدرالية.. الزمالك يتسلح بالأرض والجمهور لكسر تفوق نهضة بركان    تيليس: ركلة جزاء الهلال مشكوك في صحتها    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    جدول الضرب    الماء (2)    خادم الحرمين الشريفين يأمر بترقية 26 قاضياً ب «المظالم»    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    «باب القصر»    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    «حرس الحدود» بجازان يحبط تهريب 270 كيلوغرام«قات»    الهلال يحبط النصر..    الخبز على طاولة باخ وجياني    جماهير المدينة (مبروك البقاء)!    موسكو تتقدم في شمال شرق أوكرانيا    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    وزير التعليم: تفوّق طلابنا في «آيسف 2024» يؤسس لمرحلة مستقبلية عنوانها التميّز    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    أهمية إنشاء الهيئة السعودية للمياه !    إطار الابتكار الآمن    منشآت تنظم أسبوع التمويل بالشراكة مع البنوك السعودية في 4 مناطق    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    إسرائيل تواجه ضغوطا دولية لضمان سلامة المدنيين    ضبط 16023 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    نيابة عن ولي العهد.. وزير البيئة يرأس وفد المملكة في المنتدى العالمي للمياه    199 مليار ريال مساهمة قطاع الطيران في الناتج المحلي    المملكة رئيسا للمجلس التنفيذي للألكسو حتى 2026    التخصصي: الدراسات السريرية وفرت نحو 62 مليون ريال    "إرشاد الحافلات" يعلن جاهزية الخطط التشغيلية لموسم الحج    توطين تقنية الجينوم السعودي ب 140 باحثا    نعمة خفية    البحث العلمي والإبتكار بالملتقى العلمي السنوي بجامعة عبدالرحمن بن فيصل    قائد فذٌ و وطن عظيم    سفارة المملكة في قرغيزستان تحذر المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين والسياسة الخارجية السعودية - ثوابت وتوازن (2 - 3)
نشر في الرياض يوم 13 - 09 - 2021

منذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، والمملكة تسير في سياستها الخارجية عامة، وتجاه القضية الفلسطينية خاصة، في نطاق أخلاقي أملاه عليها دينها الإسلامي، وثقافتها العربية، واستشعارها لأهميتها وثقلها على الصعيد العربي والإسلامي والدولي.
وورث الأبناء الملوك عن المؤسس - رحمه الله - صفات القائد الهمام، والنبيل الملهم، وصفات القيادة السعودية التي تعتبر القضية الفلسطينية منذ ميلاد المملكة قضيتها الأولى بامتياز..
هذا ما جاء في دراسة للدكتور صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية - رحمه الله -، كان مقرراً إلقاؤها في مهرجان الجنادرية، والذي جرى تأجيله بسبب جائحة كورونا، واليوم «الرياض» تنفرد بنشر هذه الدراسة تحت عنوان: (فلسطين والسياسة الخارجية السعودية - ثوابت وتوازن) بالتنسيق مع سفارة دولة فلسطين.
«قمة فاس» الثانية تبنت «مبادرة الأمير فهد» بطرح مبادئ تسوية شاملة وعادلة ودائمة للصراع العربي - الإسرائيلي
ثانياً: السعودية ما بعد نكبة
1948م إلى حرب 1973م
حصلت النكبة عام 1948م، وأعلن عن إقامة دولة إسرائيل، وشرد أبناء الشعب الفلسطيني الذي أصبح عددهم اليوم أكثر من خمسة ملايين لاجئ، وانهزمت الجيوش العربية، وأصبح قطاع غزة تحت الإدارة المصرية، وأصبحت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية.
تعاظم المكانة السياسية السعودية في حرب 1967م وأصبح النفط سلاحاً سياسياً
في عام 1949م، تم توجيه دعوة للمملكة العربية السعودية للمشاركة في محادثات (رودس)، إلا أنها رفضت الدعوة (11).
وفي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، كانت السعودية مرتبطة مع مصر بمعاهدة عسكرية لمدة خمس سنوات، فأعلنت السعودية التعبئة العامة، ولكن لم تشارك في الحرب نتيجة للسرعة إلى أن انتهت فيها الحرب.
في حرب عام 1967م، كانت العلاقات السعودية - المصرية في أدنى مستوى لها، وكانت حرب اليمن في أوجها، وكانت إفرازات الحرب الباردة في أعلى مستوياتها.
المملكة تسعى لتطبيق القانون الدولي وتنفيذ القرار (242) وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني
لم يتوقع أحد من السعودية أن تشارك في الحرب ضد إسرائيل، إلاّ أنها أعلنت حالة الاستنفار العام وإعلان الحرب على إسرائىل، لكنها أيضاً لم تشارك في الحرب لأنها انتهت في ستة أيام، ونتج عنها احتلال صحراء سيناء، وهضبة الجولان، والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
بعد حرب 1967م، عقدت قمة الخرطوم وقرر العرب بمشاركة السعودية لاءاتهم الثلاث:
* لا للصلح.
* لا للاعتراف.
* لا للمفاوضات.
وقدمت السعودية مساعدات وما زالت لدول المواجهة إلى يومنا هذا، بما في ذلك مساعدات لمنظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
قمة الرباط وبدعم سعودي كامل تقرّ بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني
في تلك الفترة وتحديداً في عام 1957م أصبح الملك سعود بن عبدالعزيز أول ملك سعودي يزور الولايات المتحدة الأمريكية، ويجتمع في واشنطن مع الرئيس دوايت ايزنهاور، وكان ذلك بعد الدور المركزي للرئيس أيزنهاور في إحباط العدوان الثلاثي على مصر.
الملك سعود والرئيس أيزنهاور ناقشا
أ - إمدادات النفط.
ب - مواجهة النفوذ الشيوعي.
ت - جهود أيزنهاور لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
في عام 1962م قام الملك سعود بزيارة ثانية لأمريكا اجتمع خلالها مع الرئيس الأمريكي جون كيندي.
وفي نفس العام التقى ولي العهد السعودي الأمير فيصل مع الرئيس كيندي في نيويورك في شهر أكتوبر عام 1966م، قام الملك فيصل بزيارة لواشنطن والتقى الرئيس ليندون جونسون، وكذلك فعل عام 1971م والتقى الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون.
الرئيس ريتشارد نيكسون قام بأول زيارة لرئيس أمريكي إلى السعودية عام 1974م، وقابل الملك فيصل الذي استحق بجدارة لقب شهيد القدس (12).
على الرغم من اهتمامات الولايات المتحدة بإمدادات النفط وضمان استمرارها وعملها مع السعودية أثناء الحرب الباردة لاحتواء الشيوعية، إلا أن القضية الفلسطينية كانت على جدول أعمال اللقاءات الأمريكية - السعودية كافة.
كان الارتباط وثيقاً جداً بين النفط واحتواء الشيوعية وأمن المنطقة، عند الحديث عن مواقف وثوابت السعودية تجاه القضية الفلسطينية فلا يمكننا إعطاء هذا الموضوع حقه دون التطرق إلى موضوع النفط.
1 - حرب 1967م
في عام 1949م كانت الشركات النفطية الرئيسة السبع تسيطر على 92 ٪ من احتياط النفط العالمي خارج الولايات المتحدة والمكسيك والاتحاد السوفياتي.
كما كانت مسؤولة عن 88 ٪ من الإنتاج العالمي خارج الولايات المتحدة ودول الكتلة السوفياتية.
ففي عام 1949م كان النفط يشكل 24 ٪ من متطلبات الطاقة العالمية، فيما كان الفحم يشكل 64 ٪ من هذه المتطلبات (13).
مع بدء عقد الخمسينات من القرن الماضي أصبح جلياً للدول الغربية المستهلكة للنفط بأن منطقة الشرق الأوسط تتطور في اتجاه السيطرة على الإنتاج العالمي، وكانت وزارتا الدفاع والخارجية الأمريكيتان تقدمان التوصيات للرئيس الأمريكي هاري ترومان لأهمية النفط العربي ووجوب أخذ ذلك بعين الاعتبار عند اتخاذ أي قرار بشأن القضية الفلسطينية وإسرائيل.
التناقض في العلاقات السعودية - الأمريكية تمثّل بوضع أمريكا أمن إسرائيل كنقطة ارتكاز في سياستها الشرق أوسطية، فيما كانت القضية الفلسطينية الأولوية بالنسبة للسعودية.
الأزمة النفطية الأولى جاءت من إيران عندما قام الدكتور محمد مصدق رئيس الوزراء الإيراني بتأميم صناعة النفط الإيراني في مارس 1951م.
واستطاعت الدول الغربية المستهلكة تعويض النفط الإيراني، بزيادة إنتاج النفط في السعودية والكويت والعراق.
الأزمة الثانية جاءت عام 1956م، حين قرر الرئيس المصري جمال عبدالناصر ورداً على العدوان الثلاثي إغلاق قناة السويس في نهاية أكتوبر 1956م، مما أدى إلى وقف ناقلات النفط المارة بقناة السويس، كما قامت الحكومة السورية بإغلاق أنابيب النفط المارة عبر أراضيها والتي كانت تنقل نفط شمال العراق إلى البحر المتوسط.
كان 15 ٪ من النفط الذي تستهلكه الولايات المتحدة الأمريكية عام 1956م يمر عبر قناة السويس (14).
ردّت أوروبا على ذلك بإعلان تخفيض الاستهلاك بنسبة تتراوح بين 10 - 20 ٪ اتفقت دول السوق الأوروبية المشتركة ال (17) آنذاك على مبدأ الشقاء المتساوي، وذلك عبر خفض الاستهلاك، وفي نهاية نوفمبر 1956م، أعلنت عن تأسيس مجموعة الطوارئ لصناعة النفط.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فالرئيس أيزنهاور قام بإعلان إنشاء لجنة طوارئ الشرق الأوسط، بهدف معالجة أي نقص في نفط أوروبا نتج عن إغلاق قناة السويس.
نتيجة لذلك قامت الولايات المتحدة باستعمال كل طاقتها لتوفير مصادرها البترولية وناقلاتها، ووفرت نظام ناقلات عرف باسم (مجمع الناقلات) وبدأت الضخ من احتياطها النفطي، وتمكنت من توفير 75 ٪ من النقص الذي نتج عن إغلاق قناة السويس وخط أنبوب النفط السوري (15).
نتيجة لهذه الأزمة أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية القوة الدولية الرئيسة في منطقة الشرق الأوسط، بحيث أصبحت المنطقة مسرحاً رئيساً في الحرب الباردة ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، مما أدى إلى ظهور تحالفات ما بين السعودية والعراق والأردن لمواجهة الدول العربية التي كانت تؤيد معسكر الاتحاد السوفياتي.
وأصبح الشرق الأوسط مقصداً للتدخلات العسكرية الغربية، مصر عام 1956م، والعراق بعد الثورة عام 1958م، وكذلك لبنان.
بدأ عقد الستينات من القرن الماضي، بتأسيس منظمة الدول المصدرة للنفط (OPEC)، من السعودية، العراق، الكويت، إيران، وفنزويلا. وذلك في مؤتمر عُقد في بغداد أعلنت نتائجه يوم 24 سبتمبر 1960م (16).
كانت السعودية القوة المحركة لتأسيس (أوبيك)، وذلك رداً على قرار الشركات العالمية بتخفيض أسعار النفط بشكل انفرادي، ودون اعتبارات السوق.
الامتحان السياسي الأول ل (أوبيك) جاء على خلفية الحرب العربية - الإسرائىلية عام 1967م، كانت هناك خمس دول عربية في (أوبيك) هي: السعودية، الكويت، العراق، ليبيا، وقطر، وثلاث دول غير عربية هي: إيران، فنزويلا وأندونيسيا.
اجتمعت دول (أوبيك) في بغداد يوم 04 يونيو عام 1967م، وقررت يوم 05 يونيو 1967م صبيحة العدوان الإسرائىلي:
«قطع التزود بالبترول عن أي دولة ترتكب عدواناً ضد أي دولة عربية أو تُعطي مساعدة لإسرائيل، أو تقديم مساعدة عسكرية إلى إسرائيل بأي صورة كانت، أو أية محاولة لخرق الحصار المصري لخليج العقبة، وطالب المؤتمر جميع الدول المنتجة للنفط وخاصة إيران منع تزويد إسرائىل بالنفط. (17).
قررت الدول العربية المنتجة للنفط قطع النفط عن الولايات المتحدة وبريطانيا عندما اتهمت مصر أمريكا وبريطانيا بدعم إسرائيل عسكرياً في الحرب.
عقدت قمة الخرطوم العربية بعد ذلك في الفترة ما بين 30 أغسطس و03 سبتمبر 1967م، وتبنى المؤتمر القرارات التالية:
أ - تقوم السعودية وليبيا والكويت بدفع مبلغ 135 مليون جنيه استرليني إلى مصر والأردن لمواجهة التأثيرات الاقتصادية للحرب مع إسرائيل.
ب - قرر المؤتمر الخطوات اللازمة من أجل تدعيم القوة العسكرية العربية لمواجهة أي عدوان محتمل.
ت - قرر المؤتمر أن تعاود الدول العربية المنتجة للنفط تزويد الغرب بإنتاجها.
ث - قرر المؤتمر أن لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات مع إسرائيل. (19).
أدت هزيمة مصر وسورية في حرب 1967م إلى تعاظم المكانة السياسية للسعودية في العالم العربي، كما أظهرت أن النفط، وعلى الرغم من فشل محاولة حظر النفط قد أصبح سلاحاً سوف يتم استخدامه مستقبلاً.
2 - حرب 1973م
بعد المُحاولة الفاشلة لحظر النفط العربي عام 1967م، حدثت مجموعة من التطورات أهمها انضمام أبوظبي (للأوبيك) عام 1967م والجزائر عام 1969م ونيجيريا عام 1971م.
وفي عام 1968م شُكلت منظمة (أوبيك) منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط من السعودية والكويت وليبيا واتخذت من الكويت مقراً لها.
عقد الستينات من القرن الماضي شهد إضافة إلى هزيمة العرب عام 1967م، الحرب الأهلية في نيجيريا (عضو أوبيك) 1967م - 1970م، مطالبة العراق بضم أراضي من دولة الكويت عام 1961م، إضافة إلى تغيير النظام في أندونيسيا عام 1956م، وتغير النظام في العراق عام 1968م، وتغيير النظام في ليبيا عام 1969م، وإغلاق قناة السويس نتيجة لاحتلال إسرائىل لصحراء سيناء المصرية عام 1967م.
كانت السعودية تتابع كل هذه التطورات وتُدرك ضرورة استقرار الاقتصاد العالمي، وارتباط أسعار النفط والعقود والامتيازات بين الدول المنتجة للنفط والدول المستهلكة وعلاقة كل ذلك بالصراع العربي - الإسرائيلي والقضية الفلسطينية.
بدأت ليبيا عام 1971م بتأميم الامتيازات النفطية تبعتها الجزائر عام 1972م، حاولت الشركات البريطانية النفطية والفرنسية اتخاذ إجراءات عقابية ضد الإنتاج الجزائري المهتمة بأمن إسرائيل يُشكل حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة بعد أن رفضت إسرائيل كل المبادرات التي دعت إلى انسحاب من المناطق المحتلة عام 1967م.
قبل ستة أشهر من حرب 1973م، وفي مقابلة له مع صحيفة واشنطن بوست، قال الشيخ أحمد زكي اليماني وزير النفط السعودي آنذك:
«السعوديون تحت ضغط متزايد من الدول العربية والإسلامية لاستعمال نفطهم كسلاح سياسي للضغط على واشنطن لكي تجبر إسرائيل للتوصل إلى تسوية مع العرب» (20).
إلا أن دول (أوبيك) أيدت الخطوات الليبية والجزائرية، وقام العراق بتوقيع عدد من الاتفاقات النفطية مع الاتحاد السوفياتي في مطلع عقد السبعينات من القرن الماضي، وأعلنت سورية في الأول من يونيو 1972م تأميم أنابيب النفط في أراضيها وأسست شركة سورية لها.
كانت فرنسا قد اتخذت موقفاً مؤيداً للعرب وضد إسرائيل نتيجة لعدوانها عام 1967م، وبالفعل تعاملت العراق بطريقة مختلفة مع فرنسا وحاجاتها واستثماراتها النفطية نتيجة لمواقفها، مما أعطى مؤشرات قوية للربط بين النفط العربي والقضية الفلسطينية.
دول (أوبيك) في مقدمتها السعودية، دعمت قرارات العراق وسورية وقدمت قرضاً لهما بقيمة تزيد على 60 مليون جنيه استرليني لمساعدتهما في مواجهة النقص في العملات الأجنبية بسبب فقدانهما للعائدات نتيجة التأميم(22).
نتيجة للمواقف السعودية تجاه مصر وسورية والأردن، ومنظمة التحرير الفلسطينية، حصل تقارب كبير في العلاقات بين السعودية ومصر خاصة بعد استلام الرئيس أنور السادات الحكم في مصر عام 1970م.
كانت السعودية غير راضية عن موقف الولايات المتحدة، وفي مايو 1973م طلب الملك فيصل التشديد على مدير أرامكو، وأوصل رسالة قال فيها:
«إن السعودية لا تستطيع الوقوف وحدها في الشرق الأوسط كحليف للأميركيين، في ظل الانحياز الكامل لإسرائيل»(23).
وبالفعل بدأت الشركات الأميركية النفطية وضع إعلانات في الصحف والمشاركة في نقاشات الكونجرس للدعوة إلى سياسة أميركية متوازنة بالنسبة للنزاع العربي - الإسرائيلي.
في 06 أكتوبر 1973م بدأت (حرب أكتوبر)، وكانت هناك مطالب في العالم العربي باستخدام النفط كسلاح، وخاصة من منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني.
أعلن العراق في 07 أكتوبر عن تأميم 24 ٪ من نصيب شركة بترول البصرة، وأصدر بياناً دعا فيه إلى توجيه ضربة للمصالح الأميركية في المنطقة نتيجة لانحيازها السافر لإسرائيل(24).
في 09 أكتوبر دعت الكويت إلى عقد اجتماع للدول العربية المصدرة للبترول (أوبيك)، للبحث في سياسة نفط عربية مُشتركة، وبعد أيام طلبت مصر عقد اجتماع طارئ لمنظمة (أوبيك)، وبالفعل أعلنت (أوبيك) عن عقد اجتماع طارئ لها يوم 17 أكتوبر 1973م(25).
اكتفى اجتماع (أوبيك) برفع أسعار النفط بزيادة قدرها 70 ٪، بحيث وصل سعر برميل النفط إلى 5٫12 دولارات، إلاّ أن قرار قطع النفط عن أميركا وهولندا جاء يوم 14 نوفمبر 1973م، وذلك على ضوء قرار الولايات المتحدة الأميركية تزويد إسرائيل بالأسلحة وإرسالتها مُباشرة إلى ميدان المعركة.
حيث قامت السعودية وباقي الدول العربية المنتجة للنفط (أوبيك) بنشر إعلان في صحيفة واشنطن بوست يوم 14 نوفمبر 1973م، جاء فيه:
أ- لن يؤثر تخفيض إنتاج النفط على أي دولة صديقة، اتخذت أو ستتخذ خطوات إيجابية في ظل الوضع غير العادل في الشرق الأوسط.
ب- إن قرار وقف تزويد الولايات المتحدة بالنفط ليس موجهاً لشعبها، لقد جاء نتيجة دعم حكومتها الكامل لإسرائيل خلال الحرب.
ت- سوف يستمر هذا الإجراء من الدول العربية حتى تنسحب القوات الإسرائيلية كلياً من جميع المناطق العربية المحتلة، وتعاد الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني(26).
وما أن جاء يوم 22 نوفمبر 1973م، وبعد قرار الرئيس الأميركي نيكسون مُساعدة إسرائيل بمبلغ 2٫2 بليون دولار لدعم مجهودها الحربي، حتى كانت جميع الدول العربية وعلى رأسها السعودية قد حظرت النفط عن الولايات المتحدة الأميركية.
دول (أوبيك) غير العربية، إيران، أندونيسيا، ونيجيريا أعلنت عن زيادة إنتاجها، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتعويض النقص الذي أحدثته الدول العربية المنتجة.
كانت هناك مجموعة من العوامل التي ساعدت السعودية والدول العربية الأعضاء في أوابك إنجاح سلاح النفط نذكر منها:
أ- تحديد هدف سياسي تمثل بتطبيق القرار (242)، أي الاستناد إلى القانون الدولي.
ب- مصر وسورية أخذتا زمام المُبادرة لأول مرة مُنذ عام 1948م لتحرير الأراضي العربية المُحتلة، وبالتالي كان استخدام سلاح النفط للمُساعدة في تحقيق هذا الغرض شرعياً.
ت- ألقت السعودية بثقلها، إذ كانت تنتج 8٫3 ملايين برميل يومياً أي 40 ٪ من النفط العربي.
بطبيعة الحال فإن الثابت في السياسة السعودية كانت فلسطين، ومرة أخرى وجدت السعودية نفسها في تحدي خطير أمام الولايات المتحدة الأميركية، حيث انحازت إلى فلسطين والحق والعدل وثوابت المبادئ العربية والإسلامية التي تُعتبر نقطة الارتكاز للسياسة الخارجية السعودية.
وقد عبّر وزير البترول السعودي الشيخ أحمد زكي اليماني عن موقف بلاده وعلاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية حين قال في مقابلة مع صحيفة الواشنطن بوست:
«إن احتمالات التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية كبيرة ودون حدود، وأنه يمكن تطوير عرى الصداقة بينهما إلى آفاق جديدة أعلى مما كانت، وأن العوائق الوحيدة لهذا التعاون وسبب ضعف أواصر الصداقة بين الدولتين هو انحياز أميركا الأعمى لإسرائيل، وإذا ما حصل تغيير في سياسة الولايات المتحدة هذه، فإن ذلك سوف يؤدي إلى نتائج مرغوبة ومرئية في تحسين العلاقات بيننا»(27).
السعودية لم تكن ترغب في تدمير اقتصاد أمريكا أو أي من الدول الغربية، إذ كانت تسعى لتطبق القانون الدولي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، من خلال تنفيذ القرار الدولي (242)، الذي أيدته السعودية.
ثالثاً: فلسطين والسعودية ما بعد حرب
1973م إلى اتفاق أوسلو عام 1993م
في أعقاب حرب 1973 وحظر النفط العربي عن أمريكا، ظهرت خلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وذلك حول مخاطر استمرار الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل.
وبدأت نقاشات معمقة حول إسرائيل واستمرار احتلالها للأراضي العربية ووجوب إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية.
يقول الدكتور هانز مول في تقييمه للتغييرات المتوجب إحداثها بعد حرب 1973م:
«لدى الولايات المتحدة أسباب كثيرة لكي تقوم بالضغط على إسرائيل لتجعلها تحقق بعض التقدم في حل مشكلة الشرق الأوسط، فنجاح أمريكا في جعل إسرائيل تتفاهم مع جيرانها العرب سيعزز من مكانة واشنطن في الشرق الأوسط، إذ إن تأييدها لإسرائيل بات يعتبر العقبة الأساسية داخل العالم العربي(28).
التغييرات شملت بدء الحوار العربي - الأوروبي عام 1974م، إذ كانت المرة الأولى التي يتقابل فيها ممثلون عن الجامعة العربية بما فيهم منظمة التحرير الفلسطينية مع ممثلين عن السوق الأوروبية المشتركة آنذاك، وهدف الحوار تمثل بتعزيز التفاهم العربي - الأوروبي، ودفع أوروبا للعب دور حيوي في الوصول إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
في عام 1974م في قمة الرباط أقرت الدول العربية وبدعم سعودي كامل بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وفي عام 1976م تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً أكدت فيه أن حل النزاع في الشرق الأوسط يتطلب ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره.
لقد دعمت السعودية وباقي الدول العربية مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في الحوار العربي - الأوروبي، ففي مايو 1967م أرسلت منظمة التحرير الفلسطينية وفدها إلى اجتماع الحوار في لوكسمبورغ حيث منحت مقعداً دون أي اعتراض(29).
وفي عام 1980م توجت الدول الأوروبية مواقفها بإعلان البندقية الذي دعا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967م.
1- كامب ديفيد 1979م والثورة الإيرانية 1979م، والحرب العراقية - الإيرانية 1980-1988م، وحرب أفغانستان، والغزو الإسرائيلي للبنان 1982م:
شكلت زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى إسرائيل عام 1977م، وما تلاها من توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م. وحصول الثورة الإيرانية واعتلاء الخميني سدة الحكم في إيران على أنقاض نظام الشاه، انعطافاً حاداً للنسيج السياسي في منطقة الشرق الأوسط، ثم الغزو السوفياتي لأفغانستان، واندلاع الحرب العراقية - الإيرانية، والغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982م، أهم أحداث وتطورات عقد الثمانينات من القرن الماضي.
لقد رفضت السعودية وباقي الدول العربية زيارة الرئيس السادات إلى إسرائيل، ورفضت اتفاقية كامب ديفيد، وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع مصر، وقامت بنقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس.
الإدارة الأمريكية والحكومات الأوروبية لم تكن مهيأة أو متوقعة لهذه المعارضة العربية الشديدة للرئيس السادات وسياساته تجاه إسرائيل، حيث أرست قمة بغداد العربية في شهر تشرين الثاني 1978م الرد العربي الرسمي على زيارة الرئيس السادات إلى إسرائيل، وشملت قراراتها اتخاذ مواقف وقرارات ضد الرئيس السادات وتعهدات مالية وافقت عليها السعودية لسورية والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
أما على صعيد النفط أدت الثورة الإيرانية إلى رفع أسعار النفط بمعدل أربعة دولارات للبرميل الواحد(30)، حيث قامت إيران بالسيطرة على إنتاج وتسويق نفطها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط، وبدأت الإعلان عن تصدير الثورة إلى دول الجوار العربي، مما أدى إلى اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية.
عمّت الفوضى السوق النفطية العالمية نتيجة لقيام دول ال (أوبيك) بالعمل بشكل منفرد وليس بشكل جماعي، وقد أدت عوامل سياسية إلى استمرار حالة الفوضى في السوق النفطية، أهمها الغزو السوفياتي لأفغانستان، عدم الاستقرار في إيران واندلاع الحرب مع العراق، والمعارك المستمرة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، حيث وسعت إسرائيل من اعتداءاتها على لبنان والثورة الفلسطينية وصولاً إلى احتلالها أجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية عام 1982م.
كانت السعودية تحاول وضع استراتيجية طويلة الأمد ل (أوبيك)، إضافة إلى سعيها لاحتواء الصراعات في المنطقة، فأفغانستان وإيران والعراق ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية أطراف ودول عربية وإسلامية، كانت همومها هماً سعودياً بامتياز.
لقد نجحت السعودية في وضع استراتيجية لدول (أوبيك) خلال اجتماعها في الإكوادور في يونيو 1982م، إذ تم الاتفاق على تخفيض الإنتاج إلى 15 مليون برميل يومياً بدلاً من 24 مليون برميل، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار واستقرار سوق النفط العالمية(31).
أما على صعيد أفغانستان ولبنان والعراق وفلسطين، فلقد دعمت السعودية العراق في حربها مع إيران، ودعمت المجاهدين في أفغانستان، ووقفت مع لبنان في دفاعه المشروع عن وحدة وسلامة أراضيه أمام الاعتداءات الإسرائيلية من ناحية، وعملت لإصلاح ذات البين ووقف الحرب الأهلية اللبنانية من خلال اتفاق الطائف من الناحية الأخرى.
أما على صعيد القضية الفلسطينية فقد عملت الدبلوماسية السعودية مع دول السوق الأوروبية المشتركة بشكل مكثف مما أدى إلى إعلان البندقية في يونيو 1980م، حين أصدرت دول السوق العشر ما عُرف بإعلان البندقية الذي أكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ودعا إلى مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في مباحثات السلام.
2- مبادرة الأمير فهد
عملت الدبلوماسية بكل ما تملك من طاقات للتأثير على القرار الأوروبي، وفي ذات الوقت كانت تعمل مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، فبعد زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون للسعودية ولقائه الملك فيصل عام 1974م في أول زيارة لرئيس أمريكي للسعودية، قام الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بزيارة للسعودية في عام 1978م، والتقى مع الملك خالد وقام الملك فهد بزيارة لواشنطن والتقى الرئيس رونالد ريغان في عام 1985م.
وفي عام 1990م، زار الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) السعودية والتقى الملك فهد كان هناك تعاون سعودي أمريكي مميز فيما يتعلق بأفغانستان، وأمن الخليج، واستقرار السوق النفطية العالمية، والحرب العراقية - الإيرانية، وأمن وسيادة ووحدة لبنان واستقرار أراضيه.
نقطة الخلاف الأساسية كانت القضية الفلسطينية، وانحياز أمريكا لإسرائيل، وإدراكاً منها بوجوب إيجاد حل للقضية الفلسطينية استناداً للقانون الدولي وسعياً منها لاستقطاب الدعم الأمريكي لذلك، قام الأمير فهد بطرح مبادئ تسوية شاملة وعادلة ودائمة للصراع العربي - الإسرائيلي في يوم 07 أغسطس1981م، تضمنت:
أ- انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلت عام 1976م بما فيها القدس الشريف.
ب- إزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل على الأراضي العربية بعد عام 1967م.
ت- تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه وتعويض من لا يرغب في العودة.
ث- تخضع الضفة الغربية (بما فيها القدس الشريف) وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة لمدة لا تزيد عن بضعة أشهر.
ج- قيام الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف.
ح- تأكيد حق دول المنطقة للعيش في سلام.
خ- ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة.
د- تقوم هيئة الأمم المتحدة بضمان تنفيذ هذه المبادئ(32).
طرحت هذه المبادرة أمام قمة فاس العربية عام 1982م، إلاّ أن الخلافات العربية أدت إلى عدم تبني قمة فاس لهذه المبادرة، في حين تم إقرارها في قمة فاس الثانية التي عقدت في سبتمبر 1982م (القمة العربية رقم 12).
كانت (مبادرة فهد للسلام)، محاولة سعودية مبكرة لإحلال السلام الشامل والدائم والعادل في المنطقة، وذلك من خلال طرح إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967م، والقدس الشرقية عاصمة لها، وحل قضية اللاجئين استناداً للقرار الأممي (194).
المبادرة التي انقسمت الدول العربية حولها، حصلت على تأييد الدول الأوروبية، الاتحاد السوفييتي، أما الولايات المتحدة الأمريكية، فلم تبدي اهتماماً يذكر بالمشروع، وذلك على خلفية رفض الحكومة الإسرائيلية (لمبادرة فهد للسلام) رفضاً قاطعاً، إلاّ أن الدبلوماسية الأمريكية بدأت تتحدث عن إيجابيات المشروع السعودي، وخصوصاً فيما يتعلق بحق دول المنطقة بما فيها إسرائيل للعيش بأمن وسلام(33).
إن مجرد تقديم (مبادرة فهد للسلام) يدل على أن القضية الفلسطينية ووجوب حلها استناداً للقانون الدولي وبما يضمن إعادة فلسطين إلى خرائط الجغرافيا عبر إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967م وبعاصمتها القدس الشريف، يدل على أن القضية الفلسطينية شكلت وما زالت نقطة ارتكاز وطنية قومية دينية إنسانية للسعودية.
إن الحديث عن الثوابت والتوازن في السياسة السعودية، لا يعني سرد الأحداث واللقاءات، ولكن للتاريخ فإن الملك فيصل - رحمه الله - وأثناء لقائه في الرياض مع وزير خارجية أمريكا آنذاك هنري كيسنجر يوم 08 نوفمبر 1973م، قد أكد بأن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
لقد سمعت هذا الموقف تجاه القدس شخصياً من الملك فهد، ومن الملك عبدالله أثناء حضوري لقاءات الرئيس ياسر عرفات والرئيس محمود عباس معهما.
حيث قالا في كل اللقاءات
«تستطيع فلسطين أن تقرر ما تريد في كل قضايا الوضع النهائي، الحدود، المستوطنات، اللاجئين، الأمن والمياه، وغيرها، إلا أن المملكة العربية السعودية لا يمكنها أن تدعم أي اتفاق لا يتضمن أن تكون القدس الشريف عاصمة لدولة فلسطين»(34).
جميع ملوك السعودية كانوا زعماءً عرباً مسلمين تحملوا المسؤولية، وتصدوا للدفاع عن القضايا العربية والإسلامية بأمانة واقتدار، وخصوصاً فيما يتعلق بالدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس والمقدسات.
لقد توج الملك فهد وبشجاعة فائقة، هذه المواقف السعودية عندما طرح مبادرته عام 1981م، تلك المبادرة التي أصبحت في يومنا تشكل أساساً لحل الصراع العربي - الإسرائيلي بشكل شامل.
3 - احتلال الكويت
ما إن وضعت الحرب العراقية - الإيرانية أوزارها عام 1988م، وانسحبت القوات السوفياتية من أفغانستان، وخرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982م، حتى حدث ما لم يتوقعه أحد في العالم العربي، قيام الرئيس العراقي السابق صدام حسين باحتلال الكويت في 02 أغسطس1990م.
كان هذا العدوان على الكويت البلد العربي المدافع دائماً عن حقوق العرب والمسلمين، الكويت حيث كان مولد الثورة الفلسطينية المعاصرة بمثابة الكارثة المدمرة لجميع العرب، فالعدوان لم يكن على الكويت فحسب، بل كان عدواناً على كل العرب وعلى القضية الفلسطينية، إذ حاول الرئيس العراقي السابق صدام حسين ربط عدوانه واحتلاله للكويت بالقضية الفلسطينية، حين أعلن استعداده الانسحاب من الكويت إذا ما انسحبت إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كالعادة كان توظيف القضية الفلسطينية واستخدامها، وليس خدمتها والحرص عليها هو المحرك للكثير من العجائب التي حصلت في عالمنا العربي بعد عام 1948م.
السعودية وجدت نفسها في الصف الأمامي لمواجهة العدوان واحتلال الكويت وما يحمله ذلك من تهديد للسعودية وباقي دول الخليج.
وعلى الرغم من موقف بعض القيادات الفلسطينية التي أيدت ودعمت العراق ووقف معه ضد التحالف الدولي، إلاّ أن الموقف السعودي الثابت تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير، قاطعت السعودية عدداً من القيادات الفلسطينية، ولكن لم تتغير مواقف أو ثوابت السعودية تجاه فلسطين.
لسنا هنا في مجال مناقشة احتلال الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت، وتبعات ذلك على القضية الفلسطينية، كل ما نقوله ونثبته في هذا المجال، أن موقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير على الرغم من عمق الجرح الذي نتج عن احتلال الكويت وانهيار النظام العربي وتشتته إلى محاور وشلل.
المصادر والمراجع:
11 - انظر زاهية قدورة، تاريخ العرب الحديث، دار النهضة العربية، بيروت 1975م. ص، 223 - 224.
12 - لمزيد من المعلومات حول العلاقات السعودية - الأمريكية انظر. د. صائب عريقات، الأوبك والنزاع العربي - الإسرائىلي، مصدر سبق ذكره.
13 - keesings contemporary archives. 15 - 22 November. 1952. p.p. 75 - 125
14 - روبرت ليبر، النفط وحرب الشرق الأوسط، أوروبا وأزمة الطاقة، بوسطن، جامعة هارفرد، 1976م ص 40.
15 - لمزيد من المعلومات انظر د. صائب عريقات أوبيك والنزاع العربي - الإسرائيلي، مصدر سبق ذكره، ص 163 - 165.
16 - لمزيد من المعلومات انظر المصدر السابق.
17 - Keesings contemporary Archives. July 15. 1967
18 - سام شور، نفط الشرق الأوسط والعالم الغربي، التوقعات والمشاكل، أميركان برس، نيويورك 1971، ص. 37.
19 - keesings contemporary archives. 23 - 30 Sept. 1967.
20 - صحيفة واشنطن بوست 19 أبريل 1973م.
21 - Middle - East Economic survey. MEES. March 20 th. 1973م.
22 - لمزيد من المعلومات انظر د. صائب عريقات. مصدر سبق ذكره. ص 102 - 122.
23 - صحيفة الواشنطن بوست 17 يونيو 1973م.
24 - keesings contemporary archieves 26 Nov. 2nd of December 1973م.
25 - صائب عريقات، مصدر سبق ذكره، ص 125.
26 - صحيفة الواشنطن بوست، 14 نوفمبر 1973م.
27 - صحيفة الواشنطن بوست، 05 نوفمبر 1973م.
28 - لمزيد من المعلومات انظر: هانز مول، النفط والنفوذ تفحص لسلاح البترول، أوراق أدلفي، المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لندن 1975م، ص 8.
29 - انظر د. صائب عريقات، مصدر سبق ذكره، ص 188.
30 - keesings contemporary archives. December. 14. 1979.
31 - مجلة النيوز ويك، 31 مايو 1982م.
32 - عرفت المبادرة فيما بعد باسم مشروع فهد للسلام.
33 - لمزيد من المعلومات عن ردود الفعل العربية والدولية على (مبادرة فهد للسلام)، انظر: عبدالرازق خلف الطائي، السياسة السعودية تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي، مبادرات السلام، جامعة الموصل، العراق 2010م.
34 - سمعت شخصياً هذا الموقف في كل اللقاءات التي حضرتها مع الرئيس ياسر عرفات، والرئيس محمود عباس، مع الملك فهد - رحمه الله، والملك عبدالله - رحمه الله، منذ عام 1994م، وحتى نهاية العام 2014م.
الملك فيصل بن عبدالعزيز أثناء زيارته القدس العام 1966م
الملك سعود وأيزنهاور ونيكسون
الملك فيصل بن عبدالعزيز مع الرئيس جونسون في أميركا العام 1966م
الملك خالد بن عبدالعزيز لدى استقباله الرئيس جيمي كارتر في الرياض
الملك سعود مع جون كيندي
الملك فهد والرئيس رونالد ريغان
زار الملك سعود مدينة القدس وكانت أول زيارة لأمير سعودي في سنة 1953م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.