واصل محتجون نهب المتاجر والشركات في جنوب أفريقيا اليوم الأربعاء متحدين بذلك دعوات الحكومة لوقف أعمال العنف المستمرة منذ أسبوع والتي أودت بحياة أكثر من 70 شخصا وألحقت أضرارا بمئات الشركات. وأدت الاضطرابات، وهي الأسوأ في جنوب أفريقيا منذ سنوات، إلى إغلاق مصفاة نفط وتعطيل المستشفيات التي تواجه عبء التعامل مع موجة ثالثة من كوفيد-19. واندلعت الاحتجاجات في أعقاب سجن الرئيس السابق جاكوب زوما (79 عاما) في الأسبوع الماضي لعدم مثوله للتحقيق في قضايا فساد، واتسع نطاق الاحتجاجات إلى عمليات نهب تفجر خلالها الغضب الشعبي بسبب صعوبات المعيشة وعدم المساواة بعد 27 عاما على إلغاء سياسة الفصل العنصري. ونهب مثيرو الشغب مراكز تسوق ومخازن أو أضرموا فيها النار في عدة مدن معظمها في إقليم كوازولو ناتال مسقط رأس زوما ومدينة جوهانسبرج كبرى مدن البلاد وإقليم خاوتينج المحيط بها. لكن الشرطة قالت في بيان إن أعمال الشغب امتدت خلال الليل إلى إقليمي مبومالانجا، الواقع إلى الشرق من خاوتينج، وكيب الشمالي. وشاهد مصور من رويترز عدة متاجر تتعرض للنهب في بلدة هامرسديل في كوازولو-ناتال اليوم الأربعاء. كما عرضت قنوات التلفزيون المحلية صورا لنهب متاجر أخرى في بلدية سويتو وفي ميناء دربان. وذكرت قناة تلفزيون محلية أن السلطات نشرت قوات من الجيش في الشوارع لمساعدة الشرطة في احتواء الاضطرابات. وقالت إنه تم استعادة النظام في بعض الأماكن اليوم الأربعاء مثل بلدة ألكسندرا شمال جوهانسبرج. وقالت شبكة المستشفيات الوطنية التي تمثل 241 مستشفى عاما تواجه بالفعل صعوبات في مواجهة أسوأ تفش لكوفيد-19 في أفريقيا إن الأكسجين والأدوية ينفدان مشيرة إلى أن معظمها يصل عبر دربان وكذلك المواد الغذائية. وأضافت شبكة المستشفيات أن "تأثير النهب والدمار له عواقب وخيمة على المستشفيات وأن بؤرة الجائحة تقع داخل المناطق المتضررة حاليا من الهجمات". وقالت إن العاملين في المناطق المنكوبة لم يتمكنوا من الوصول إلى عملهم مما يؤدي إلى تفاقم النقص الناجم عن موجة ثالثة من الإصابات. وفي الوقت الذي بدت فيه السلطات في دربان عاجزة عن وقف النهب، أظهرت لقطات لتلفزيون رويترز قيام أشخاص مسلحين، كثير منهم من الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا، بإغلاق الشوارع لمنع المزيد من أعمال النهب. وصاح أحد الأشخاص قائلا "إذهبوا إلى منازلكم واحموا بيوتكم". وتجمع سكان آخرون أمام المتاجر انتظارا لفتح أبوابها كي يتمكنوا من شراء احتياجاتهم الأساسية. وذكر مسؤول في قطاع النفط اليوم الأربعاء أن العمل توقف مؤقتا في مصفاة سابريف كبرى مصافي النفط في البلاد والموجودة في دربان. وقالت متحدثة باسم شركة ميرسك إن الشركة أغلقت جميع مستودعاتها ومخازنها في دربان وجوهانسبرج بسبب استمرار أعمال النهب في المدينتين. وأضافت كيري روسر المتحدثة باسم الشركة في أفريقيا لرويترز "جرى إغلاق العديد من الأرصفة في ميناء دربان خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية لكننا لم نتسبب حتى الآن في أي حالات طارئة من شأنها أن تمنع توقف السفن في دربان". وعبرت بعثة الأممالمتحدة في جنوب أفريقيا عن قلقها لاضطراب نقل الموظفين والأطقم الطبية ونقص الغذاء والدواء وغيرهما من السلع الأساسية بسبب العنف. وقالت في بيان مساء أمس الثلاثاء "سيؤدي هذا إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية الموجودة بالفعل بسبب البطالة والفقر وعدم المساواة في البلاد". وصدر حكم السجن على زوما الشهر الماضي لتحديه أمر محكمة بالمثول أمام لجنة تتولى التحقيق في قضايا فساد شهدها حكمه الذي استمر تسعة أعوام حتى عام 2018. ويواجه أيضا محاكمة منفصلة بتهم من بينها الفساد والاحتيال والابتزاز وغسل الأموال. ودفع الرئيس السابق ببراءته في المحكمة في مايو أيار. وقالت مؤسسته يوم الثلاثاء إن العنف سيستمر لحين إطلاق سراحه. وتقول قوات الأمن إنها اعتقلت أكثر من 1200 شخص. ورغم أن الاضطرابات ناجمة عن سجن زوما إلا انها تعكس الإحباط المتزايد من أخفاقات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في معالجة عدم المساواة بعد عقود من انتهاء حكم الأقلية البيصاء في عام 1994 إيذانا ببدء عهد من الديمقراطية.