المذيع الهادئ

منذ رحيل الإعلامي الخلوق فهد الشايع - رحمه الله - وحالة من الحزن الشديد تعم الوسط الإعلامي، فقد تحدث عنه زملاؤه الإعلاميون عن مشاعرهم وعن هذا الفقد المؤلم والذكريات الجميلة مع الفقيد المحبوب من قبل الجميع.
كان المذيع الهادئ فهد الشايع - رحمه الله - مميزا في كل شيء، في تعامله، في إنسانيته، في مهنته، كان من أميز جيل الإعلاميين الأوائل في التلفزيون السعودي، ومن أميزهم في أدائه، في عمله، في تعامله الذي ارتقى فيه إلى أعلى درجات الرقي والود والإخاء.. فقد حظيتُ خلال تعاملي مع الراحل فهد الشايع أثناء عملي في التلفزيون "القناة الأولى - إدارة تنسيق البرامج" وخاصة خلال عملنا "استعراض برامج الغد" اليومي الذي كنت أقوم بإعداده عام 1412ه، وكان يتناوب على تقديمه عدد من المذيعين، وكان الراحل فهد الشايع حقيقة من أكثر المذيعين الذين يحرصون على تشجيعنا، وكان دقيقاً جداً في عمله ويتابع كل شيء بنفسه بداية من النص المعد لهذا العمل حتى جميع المشاهد التي سوف تعرض خلال العمل.. وبالرغم من قصر مدته إلا أننا كنا نشعر بالسعادة والفرح بنجاح العمل وظهوره بالشكل المتميز وذلك بتعاون الجميع من منفذين وفنيين وكان في ذلك الوقت جميعهم كفاءات سعودية ناجحة.
وما زلت أتذكر مواقف الراحل من خلال تعاملي معه فلا تزال في الذاكرة والوجدان.. وجدته نعم الزميل، ونعم الأخ، ونعم المعلّم.. نعم تعلمنا منه كل المبادئ الحسنة، والدقة في العمل، والاحترام، ولين الجانب، عندما تلقي بفهد الشايع تشعر بإنسان بكل ما تعنيه الكلمة من صدق ووفاء وتواضع ورقي في التعامل.. لقد حزنت على رحيله وآلمني فقده.
وكان آخر دروس فهد الشايع التي قدمها لنا كانت عن التضحية والوفاء، وحسن التعامل والإخاء.. فقد تحدث قبل مرضه ووفاته من خلال برنامج "وينك" أنه كان في خدمة أخيه محمد، وقد ترك عمله الإعلامي في سبيل التضحية والوفاء لمدة (18) عاماً مرافقاً مع أخيه في الولايات المتحدة حتى وفاته، رحمهم الله جميعاً.
نعم من يستطيع ألا يفكر في نفسه في سبيل غيره، ومن يضحي بوظيفته، ويصرف النظر عن زواجه، لأجل الوفاء والتضحية لأغلى الناس أخيه "محمد" حتماً هو إنسان رائع.. ذو معدن طيب، أصيل، ومِمّن يحتزم بهم عند الشدائد، وعزاؤنا أنه عاش الحياة الكريمة، ورحل رحيل الأوفياء، وشموخ الرجال.