قال السفير خالد حسين اليماني، وزير الخارجية اليمني الأسبق، إن إيران دولة مارقة، من الضروري عزلها ووكلائها في المنطقة وأذرعها الإرهابية دولياً، والنظام الحاكم ينطلق من فكرة العمل خارج حدود الدولة وتصدير الثورة، دون النظر إلى ما آلت إليه ظروف الشعب الإيراني بعد سيطرة الملالي وتحويل إيران إلى كابوس أمني واقتصادي. وأضاف السفير اليماني في حوار خاص ل"الرياض"، أن الحاجة باتت ملحة لتفعيل آليات ناجعة للعمل الإقليمي والدولي لمجابهة الخطر الإيراني الذي عادى العالم على مدار 40 عاماً.. وإلى نص الحوار: إيران تحولت كابوساً أمنياً واقتصادياً للعالم.. والأممالمتحدة فشلت في احتوائها * كيف تواجه الدول العربية سلوك النظام الإيراني المبني على تصدير الإرهاب؟ * مع الأسف فإن الدول العربية منقسمة على نفسها في استشراف الخطر التدميري لنظام الملالي في إيران، فالعرب لا يدركون مصالحهم ويترددون في الوقوف صفا واحدا أمام الأخطار المحدقة بهم وأبرزها التوسعية الإيرانية التي نشهد آثارها من خلال سيطرة وكلاء إيران من العصابات وميليشيات كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق والميليشيات الحوثية على لبنان والعراق واليمن، فدولة ولاية الفقيه قامت على أساس الإسلام السياسي وتصدير الثورة وعدم الاعتراف بسيادة الدول المجاورة ولا بالحدود الجغرافية. إن نظام الملالي في إيران يعتبر نفسه في حالة حرب انطلاقا من الأساس الفكري الذي قامت عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 1979 والذي يشرعن تصدير الثورة ومن يخالف حق الجمهورية الإسلامية فهو كافر ومفسد في الأرض ويجوز قتله. إن فكرة الإرهاب الديني الذي تمارسه إيران يتعارض تعارضا جوهريا ووجوديا مع مفاهيم ومنطلقات القانون الدولي. كما أن دعم إيران لتكوينات متمردة على الكيانات القانونية وتزويدها بأسلحة دمار شامل للوصول إلى مبتغاها في زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي وحماية وتبني التنظيمات الإرهابية المختلفة في أراضيها يؤكد أن دولة إيران هي دولة مارقة. الانقلاب نقل اليمن سنوات ضوئية إلى الخلف.. والحوثي مسلوب القرار * كيف يمكن قطع يد إيران الداعمة للجماعات الإرهابية التي تعمل بالوكالة في المنطقة؟ * الحاجة باتت ملحة لتفعيل آليات ناجعة للعمل الإقليمي مثل تعزيز العمل العربي المشترك وتحديدا في المجال الأمني وبالتالي تعزيز استدامة النظم القائمة والتحرك على مختلف المستويات والأطر الدولية لعزل إيران وأذرعها الإرهابية. كما ينبغي للمنظومة القانونية العربية ضمن الجامعة التوصل إلى شجب مشترك للإرهاب الذي تمارسه إيران في الإقليم والعالم. إن قيام الدول العربية مجتمعة انطلاقا من معاهدة الدفاع العربي المشترك لتقديم الدعم الحقيقي للشعب اليمني وحكومته لاستعادة الدولة في اليمن وهزيمة وكلائها الحوثيين وتعزيز قوة وتماسك الدولة العراقية ضد الميليشيات التي يديرها فيلق القدسالإيراني، واستعادة لبنان الدولة والشعب المختطف من قبل حزب الله، كلها تشكل خطوات ضرورية لاستعادة التضامن العربي وعودة الروح للعمل العربي المشترك. * من العقل المدبر لكل هذا الإرهاب الذي تصدره إيران؟ * نظام الملالي مسخ يقوم على العنف والخراب، وهو الدافع لإرهاب الدولة الإيرانية الذي ينطلق من فكرة القتال خارج حدود الدولة وتصدير الثورة تحت دوافع الإرهاب المذهبي. فنظرة بسيطة لما آلت إليه ظروف الشعب الإيراني بعد 40 عاما من سيطرة الملالي وتحويل إيران إلى كابوس أمني واقتصادي وتدمير مقدرات الشعب الإيراني واستعداء العالم وخلق المزيد من بؤر التوتر في المنطقة والعالم كلها تؤشر إلى حاجة الإيرانيين لتغيير نظام الحكم وبناء دولة ديمقراطية مسالمة توفر كل أسباب الرخاء لشعبها والتعايش السلمي والتعاون الشامل مع دول الإقليم والعالم. وما لم يتخلص الشعب الإيراني العظيم من هذه الولاية الغاشمة فلا أمل له في العيش الكريم ولا أمل لشعوب الإقليم والعالم في السلام والاستقرار. * يتبنى النظام الإيراني حملة تعذيب وإعدام للمعتقلين السياسيين في الداخل واستهداف المعارضين في الخارج.. كيف يمكن التصدي لهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والقانون الدولي؟ * ثمة حاجة لتطوير وتشبيك عمل الدول ذات القواسم المشتركة في عمل المنظمات الدولية مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان. ومع الأسف فقد فشلت منظمة الأممالمتحدة في تحديد خطر الإرهاب الديني للدولة الإيرانية المتعدي للحدود والسماح لدولة مارقة في توصيف القانون الدولي، للاختفاء خلف مصطلحات وهمية مثل المقاومة المشروعة والدفاع عن المظلومين. لقد قام الإرهاب الإيراني ووكلائه بعمليات إرهابية شملت 35 دولة من دول العالم سواء الدول العربية أو تلك الدول في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية. وتعمد إيران إلى انتهاك اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 أمام مرأى العالم، عبر تسهيل تحرك المنظمات الإرهابية في دول العالم وتمويلها عبر سفاراتها المعتمدة بما في ذلك استهداف المعارضة الإيرانية والتي كان آخرها استهداف تجمع للمعارضين الإيرانيين في باريس 2018 ومحاولة قتل معارض إيراني بارز في 2019. إن سجل إيران الإرهابي لا يتسع الحديث عنه لتشعبه وتورط الكثير من المكونات داخل إيران وخارجها. وستستمر إيران في غيّها إذا ما استمر غض الطرف العالمي عن جرائم الملالي داخل إيران وخارجها. * هل باتت نهاية النظام الإيراني وشيكة؟ * نهاية الظلم وخيمة ونحن نرى النظام الإيراني يتداعى قبل الانهيار النهائي ومؤشرات ذلك تبدو جلية من خلال ضغط النظام الإيراني على وكلائه للقيام بالمزيد من الأعمال الإرهابية في كل مكان اعتقادا منه بأن العالم سينصاع لرغباته التوسعية. ولكن نهاية نظام الملالي مرتبطة حصريا بقدرة الشعب الإيراني من مختلف طوائفه وأعراقة وخلفياته الثقافية والاجتماعية، على تغيير النظام، ونحن لا نخفي تضامننا مع الشعب الإيراني العظيم ولكننا لا نتدخل في شؤون إيران الداخلية في الوقت الذي نعمل على قطع دابر التوسعية الإرهابية الإيرانية في دولنا. *ما الذي أحدثه التدخل الإيراني في الملف اليمني؟ -لقد أحدث التدخل الإيراني في اليمن تدميرا هائلا لمقدرات الشعب اليمني، واليوم بعد ست سنوات من الحرب التي أشعلها الحوثيون في كل مناطق اليمن منذ انقلابهم على السلطة الدستورية في يناير 2015 نرى واقعا مأساويا يتجلى بشكل عميق في المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلاب. إن نظرة شاملة لواقع حال اليمنيين اليوم تعكس فداحة التمرد الحوثي على سلطات الدولة وإقصاء كافة القوى السياسية والتمرد على مخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية التي رعتها المملكة العربية السعودية. لقد نقل الانقلاب الحوثي اليمن سنوات ضوئية إلى الخلف وجعل اليمن في وضع إنساني هو الأخطر في كافة حالات النزاع التي مر بها العالم، ويعيش المواطن اليمني اليوم على حافة المجاعة. لقد عصفت الحرب بحياة جيل كامل من الشباب والأطفال اللذين زجت بهم الميليشيات الحوثية كوقود لحربها الظالمة ضد شعبنا اليمني. * هل يمكن أن تقبل ميليشيات الحوثي باتفاق في ظل التمويل الإيراني المستمر؟ -يصعب تصور مسلكيات الميليشيات الحوثية خارج الوصاية الإيرانية، فمن خلال تجارب التفاوض السابقة بين الحكومة اليمنية والحوثيين زدنا يقينا من أن الميليشيات الحوثية مسلوبة القرار وتخضع للتوجيه المباشر من طهران. *ماذا لو لم تدعم المملكة العربية السعودية الشعب والحكومة اليمنية؟ * إن قرار قيادة المملكة العربية السعودية التاريخي لنجدة الشعب اليمني في ضوء الرسالة التي بعث بها الرئيس اليمني في 24 مارس 2015 إلى قادة الدول في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي للتدخل العسكري لإنقاذ الشعب اليمني من الاعتداءات المتكررة للمليشيات الحوثية التي انقضّت على الدولة ومؤسساتها، وما تلى ذلك القرار من قيام تحالف دعم الشرعية في الجمهورية اليمنية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، يشكل صفحة ناصعة في التاريخ العربي والإسلامي تتجلى فيه المكانة القيادية للمملكة العربية السعودية للعرب والمسلمين في هذه المرحلة التاريخية العصيبة للانتقال بهم إلى مرحلة من السلام والتنمية والرخاء. وكان قرار خادم الحرمين الشريفين تجاه اليمن مفصليا وتوقيته دقيقا ولو لم تقم مملكة الحزم بهذه الخطوة التاريخية لكانت اليمن اليوم تخضع بالكامل لمشيئة إيران وتحولت لبؤرة للتوتر وتصدير الإرهاب والعنف في المنطقة والعالم.