لم يكن مساء يوم الجمعة يوم عادياً يمكن نسيانه، أو المرور عليه كباقي أيام السنة، عندما حمل لنا خبر وفاة الأستاذ الحبيب فهد العبدالكريم، نزل الخبر كالصاعقة علي وعلى من عمل أو عرف أبا يزيد، المصيبة كبيرة وحملها سيكون كبيراً لا محالة، لأن أبا يزيد لم يكن ذلك الرجل الذي يمكن أن تتجاوزه الأيام دون أن تخلده وتخلد أعماله في بلاط صاحبة الجلالة. قضى عمره بين دهاليز مؤسسة اليمامة محرراً ومسؤولاً فكان نعم المحرر ونعم المسؤول، عرفته منذ أن كان مديراً لتحرير مجلة اليمامة، كنا نتجاذب أطراف الحديث في مكتبه بشكل يومي لم أجده إلا بشوش الوجه، طلق المحيا، لا يحمل الضغينة على أحد، وزادت علاقتي به عندما عهد إليه برئاسة تحرير جريدة الرياض، في كل مرة أقابله يأخذ يدي ويضعها على قلبي ويقول: «مكانك هنا يا عبدالرحمن» كان همه الأول كيف يخرج عدد الرياض في كل يوم، من دون أخطاء، وفي الوقت ذاته يسأل عما سيحمل عدد اليوم التالي، يغادر إلى بيته مساء ولا ينقطع هاتفه يسأل عن كل صغيرة وكبيرة. في كل اتصال لا تجده متذمراً ولا يبدي انزعاجاً من أي ملاحظة، اعتاد على إيصال توجيهاته بأسلوب محبب وبسيط يجعل المتلقي يعمل على علاج الخطأ بحماس منقطع النظير. رحل أبويزيد وستبقى ذكراه العطرة في كل مكتب من مكاتب جريدة الرياض وفي ممرات المؤسسة وفي علاقته مع كل الزملاء الذين كانوا يتقاطرون على مكتبه بشكل يومي ولا يخرجون إلا ونفوسهم راضية وطلباتهم مجابة وألسنتهم تلهج بالثناء عليه. رحل أبو يزيد بعد أن أعاد جريدة الرياض على المسار الصحيح في وقت صعب على أكبر المؤسسات الصحفية، ونجح باقتدار في تخطي العقبات وأبقى الرياض في مركزها القيادي والريادي. رحل أبو يزيد ولم نرتوِ منه، لكنها حكمة الله التي كتبت الفناء على الخلائق ولن يبقى إلا وجهه الكريم «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام»، سنفتقد الأستاذ فهد لكننا لن نخلف الوعد الذي قطعناه على أنفسنا بالعمل على إبقاء الرياض في مكانها الطبيعي متسيدة الصحف السعودية، ووعدنا له بالعمل الذي كان يطالبنا به ويحثنا عليه دائماً من أجل وطننا ومن أجل رقيه والدفاع عنه، ومن أجل مصالح مجتمعنا السعودي بشكل عام. رحمك الله أبا يزيد وأقول لك: سنبقى على العهد والوعد.