الجميع بلا استثناء استاء من تفشي هذه الجائحة، وعبّر عن قلقه بكل من نتائجها وآثارها غير المعروفة؛ حتى الأطفال الذين كانوا بالأمس يرددون عبارات سمعوها وحفظوها عن ذويهم ومن هم أكبر منهم سنًا، أصبحوا اليوم يُصدّرون ردود أفعالهم بمحض العفوية المطلقة تحت تأثير البراءة مشوبةً بجهلهم بماهية مرض كورونا. فلم يعد الأمر قسرًا على فئة دون فئة، فالجميع وجد نفسه غير مخيّر بين ثنايا هذه الجائحة، وسيطر على الأغلب الخوف من انتشاره أو الخوف من العدوى في خِضم تزايد الأعداد. حلّ كورونا كالضيف الثقيل غير المرغوب فيه جملةً وتفصيلاً، وأصبح أكثر ثقلاً من ذي قبل، بعد تقادم الزمن وطول المدّة. ولكن كأننا تجاهلنا في عُمق هذه المعمعة أن ننظر بعين الإيجابية حتى إن بدأت بادئ الأمر ضيقة أو غير مرغوبة كفكرة؛ كون الحدث جلل والمصاب عظيم. والآن بعد أن تجاوزنا مرحلة الصدمة وتقبلنا مرغمين وجود هذا الضيف أصبح بمقدورنا الرؤية بوضوح وتتبع النظرة الإيجابية بُكل شفافية. قد نكون تناسينا أنه يوجد في كل شر خير لا أحد يعلم به غير الله، وأن المِحن تُبطّن بعد - مشيئة الله - برحمات ومِنح يهون بها علينا مصائب الدنيا. فالحمد لله نعيش نعمة الأمن والأمان التي ما نفتر نحمد الله عليها ونرجوه دوامها، كما نشعر بنعمة وجودنا على هذه البقعة المباركة (المملكة العربية السعودية)، التي أولتنا القيادة العظيمة فيها كل الرعاية والأهمية والاهتمام، فهي تنبع من حكمة تحفها المحبة والإنسانية لقيادة أحبت الشعب فبادلها دومًا كُل الحب والاحترام والولاء. لا يخفى علينا ما فُعل من أجلنا وما سوف يُفعل، ومقابل ذلك أن نبقى في منازلنا! خوفًا على صحتنا. وكذلك من الإيجابية التي - نحمد الله عليها - أنه لم يفلح كورونا في تعطيل أي قطاع وتُصُدّي له على صعيد كل الوزارات وفي مقدمتها وزارة الصحة التي يعجز القلم عن حصر جهودها وتفاني طاقمها في تقديم كُل الخدمات بالمجان، وتسخير كل إمكانياتها في خدمة الإنسان بغض النظر عن الجنسية. وكذلك وزارة التعليم التي استمر التعليم فيها عن بعد على النطاقين العام والعالي حتى انتهى وأينعت ثماره. فلو نظرنا بعين الإيجابية لوجدنا تلك الرحمات التي تخللت - بعد مشيئة الله - بين طيات الأزمة فجعلتها أخف وطئًا، وأضعف بصمةً مقارنة بدول العالم. وكذلك لاستشعرنا تلك النعم التي تقتضي منا دومًا شكرها، فبالشكر تدوم النعم. أخيرًا، أدعو الله جلّ في علاه أن يزيل الداء، ويرفع البلاء عن الأمة الإسلامية وسائر البلدان.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.