لا يخفى على أحد أنّ المملكة في الوقت الحالي ومنذ عدة أعوام، تعيش ثورة حقيقية ومتسارعة من أجل تحسين عمليات الابتكار، والإحلال التقني والاستثمار، في التكنولوجيا، والذي يعد من أهم قطاعاته الاستثمارية القوى البشرية الرقمية، أو القوى العاملة الرقمية، التي تقود التغيير. وهذا يؤكد أنّ الاستثمار في التقنية ينبغي ألا يتم بمعزل عن الاستثمار في القوى البشرية، فكلما استثمرت في التقنيات الرقمية، ينبغي عليك بالمقابل أن تزيد استثمارك في القوى البشرية العاملة معك، حتى تصبح قوى رقمية. قبل أسابيع قليلة مضت، اطلعت على تقرير، تضمن آراء الرؤساء التنفيذيين في المملكة، ولفت انتباهي مصطلح في غاية الأهمية؛ فرأيت أن أطرحه في هذا المقال، ألا وهو الإحلال التقني، أو الرقمي (Disruption). هذا يؤكد ما ذهب إليه القادة التنفيذيون بالمملكة في التقرير، حيث أدركوا الحاجة إلى الابتكار والإحلال التقني، لزيادة متانة منشآتهم ومواصلة وتيرة التقدم، مع تأكيدهم الجازم بضرورة سرعة مواكبة العصر، واتباع المرونة، هي الميزة الجديدة للأعمال، مدركين أنهم إذا ما كانوا بطيئين للغاية في المواكبة والتكيف؛ ستصبح منشآتهم غير منافسة، أو تتلاشى. ويُجمِع قادة من عدة شركات رائدة في قطاعاتها المختلفة، أو معظمهم، والذين استهدفهم التقرير بنسبة كبيرة، على ضرورة الاستفادة من الإحلال التقني في القطاع الذي يعملون فيه، بدلاً من الانتظار ليسبقهم عليها منافسوهم وأخذه على أنّه فرصة تستدعي التغيير، حتى وإن اعتبره الجميع تحدياً يبقى النجاح والنمو في ظلّ التغيير المطلوب معتمداً، على القدرة على التحدي والاستفادة من عملية الإحلال التقني، أو الرقمي. فضلا على ذلك، فقد بين التقرير أن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا السحابية والبيانات الضخمة والتقنيات الرقمية الجديدة، يمثل بعضاً من مجالات اهتمام الرؤساء التنفيذيين وأولوياتهم؛ وما يجدر ذكره هنا أنّ النسب التي تؤكد أهمية التغيير قد تغيرت، بين عام وآخر؛ ما يعني أن التغيير حتمي، أو الخروج من الأسواق، أو التلاشي، والكل يبدي الثقة حول زيادة استخدام التكنولوجيا السحابية حاليا، أكثر من أي وقت، خلال الثلاثة أعوام الماضية. وأرى، من وجهة نظري، ومن باب النصيحة أنه مع التركيز على الاستثمارات في الابتكار وجلب أهم شركات التكنولوجيا الرقمية، لا بد من التأسيس لنهج ثقافي في بيئة رقمية مناسبة، لضمان نجاح التحول الرقمي؛ فالكل لديه رغبة في التحول الرقمي، لكنّ الأمر متفاوت عند الجميع. قد يخاف البعض من الفشل، في المواكبة مع عملية التحول الرقمي، أو لديه مقاومة للتغيير؛ وهنا ينبغي على القادة في الشركات وفي مختلف القطاعات، أن يضطلعوا بالدور التوعوي، في إضفاء ثقافة إبعاد هواجس الفشل، عن جميع الموظفين، وجعلهم جزءاً لا يتجزأ من البيئة الرقمية، حتى يكونوا رقميين بامتياز. وفي الختام، أود التأكيد أنه ينبغي الابتعاد عن المبادرات المتسرعة في التحول الرقمي؛ لأنها ستكون سريعة الفشل، والحل هنا لمن يرى التغيير التكنولوجي مشكلة أقول له: إن تجعل الابتكار جزءاً من أعمال المنشأة سوف يتطور بتطورها.