استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    هنأت رؤساء روسيا وقرغيزيا وطاجيكستان.. القيادة تعزي ملك البحرين ورئيس الإمارات    رعى حفل الأهالي وتخريج الجامعيين.. أمير الرياض يدشن مشروعات في المجمعة    أمير تبوك يطلع على إنجازات "التجارة"    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع عقارات الدولة    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة كليات الشرق العربي    تحت رعاية سمو ولي العهد.. «سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    انتخابات غرفة الرياض    جدة .. سحر المكان    ولي العهد يرعى القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل    ارتفاع صادرات التمور 13.7 % بقيمة 644 مليون ريال    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    القوات المسلحة تشارك في«الأسد المتأهب» بالأردن    تحضيري القمة العربية يناقش خطة فلسطين للاستجابة الطارئة    المرحلة الاخطر    أرتيتا يحلم بتتويج أرسنال بلقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة    الهلال يوافق على انتقال بيريرا لكروزيرو    أرسنال يسقط اليونايتد ويستعيد الصدارة    ختام أولى بطولات اتحاد التايكوندو للسيدات في عنيزة    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    " الأحوال" المتنقلة تواصل خدماتها    محافظ جدة يدشن مبادرة " العمل والأسرة"    تدريب 18 ألف طالب وطالبة على الأمن والسلامة في الأحساء    «الأحوال المدنية المتنقلة» تقدم خدماتها في 48 موقعاً    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    أمير نجران يكرّم المتميزين في «منافس»    تجمع مختص يناقش طرق اكتشاف اسم ومؤلف مخطوطات التفسير المجهولة    إنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آليًا    مختبرات ذات تقنية عالية للتأكد من نظافة ونقاء ماء زمزم    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    طريقة عمل كوكوستار كيك ميني شوكليت    أمطار غزيرة في جنوب البرازيل تثير المخاوف لحدوث مزيداً من الأضرار    مختص مناخ ل «}»: المملكة بعيدة عن تأثيرات الانفجارات الشمسية    إنقاذ ثمانيني من جلطة دماغية بقسطرة الأشعّة التداخلية    القتل حدًا لمواطن نحر زوجته بالشرقية    نيابة بمطار الملك خالد على مدار الساعة    نقل اختصاص قطاع "السينما" لهيئة الأفلام    سيناريوهات مظلمة تحيط بعاصمة شمال دارفور    الاتفاق يفرض هيمنته على الصالات    المنامة تستضيف القمة العربية ال33 الخميس    إطلاق خارطة طريق الطيران لزيادة حجم القطاع 10 أضعاف    إذاعة MBC FM تطفئ شمعة ميلادها الثلاثين رافعةً شعار «30 ومكملين»    خبير دولي ل«عكاظ»: تعنت إسرائيل دفع مصر للانضمام لجنوب أفريقيا أمام المحكمة الدولية    نائب وزير الداخلية ونظيره البنغلاديشي يبحثان سبل تعزيز التعاون الأمني    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    منتدى (كايسيد) للحوار العالمي يجمع النخب السياسية والدينية في منتدى جديد    نمو الإيرادات والمشتركين يقفز بأرباح "الكهرباء" 87%    أولويات الهلال يصعب كسرها.. أرقام تاريخية    الراجحي بطلاً لرالي تبوك    مستشفى دله النخيل يوفر برامج علاجية حديثة لاضطرابات السمع والنطق    سمو أمير منطقة تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج غداً    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول الأمطار على عدد من المناطق    الماء    طريق مكة    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرد والمجتمع بين المفهوم الاجتماعي العربي والمفهوم الغربي الحديث
نشر في الرياض يوم 19 - 12 - 2019

الموقف الأمثل حيال قضية الفرد والمجتمع هو احترام حرية الفرد الأساسية، وتقييم خياره النهائي من النواحي التي تهم المجتمع العريض، وتقييم الآثار التي تترتب على هذا الخيار سلبًا أو إيجاباً..
تشهد المجتمعات العربية اليوم تحولًا تدريجيًا نحو «الفردانية» رغم أن الروابط ماتزال قوية ما بين الفرد والمجتمع وهذا الترابط الذي تنظر إليه المجتمعات العربية بإيجابية لا يحظى بنفس النظرة في المجتمعات الغربية بل ينظر إليه كعبء يحول دون الاستمتاع بالحياة.
ولذلك فإن مفهوم الجماعة أو على نطاق أوسع «المجتمع» هي مفاهيم غير واردة في المفهوم الغربي الحديث في حين أنها ما تزال ثابتة في ثقافة المجتمعات العربية.
وعلى افتراض أن الشاب العربي الذي يتبنى الفردانية يريد أن يمارس حقه كما هو الحال في المجتمعات الغربية فإن نجاح هذا الشاب في تمثل الفردانية يعتمد على المدى الذي وصل إليه في الاستقلالية والتوافق الشخصي والذي يبدأ بالخصائص الشخصية ويتعداها إلى النظرة إلى الحياة والفلسفة الاجتماعية والنظام القيمي والخلفية الثقافية.
وفي عرضنا لهذه القضية رأينا أن نتناول الفردانية في النطاق العربي ولكن تحديد الموضوع بهذه الصورة يجعل الحصول على المعلومات غير ممكن، إذ إنه لم يتوفر باحث على دراسة الموضوع بهذا التخصص ولهذا السبب الموضوعي رأينا أن نتناول الموضوع من ناحية نظرية عامة.
فقد تحدث الفردانية عندما يتبنى الفرد خصائصها ويتخذها ثقافة له ويسعى عمليًا في إحداث تحول لتبديل شخصيته.. وقد لا يعني أن كل فرد مقتنع تمامًا بثقافة الفردانية إلا أنها في الغالب خطوة عملية تقتضيها الضغوط النفسية الناتجة من المجتمع.. والفردانية - على المفهوم الغربي - هي في الواقع عملية مرحلية ذات أشواط متعاقبة والأفراد الذين يستطيعون أن يمضوا فيها إلى نهايتها قليلون.. وقد يكون تمثل الفردانية لأسباب عملية وأخرى موضوعية ومعظم الراغبين في تمثل الفردانية يكتفون بدرجة محدودة بسبب الإبقاء على بعض خصائصهم الاجتماعية أو إلى الحد الذي يخدم مصالحهم الشخصية والعملية.
ينظر د. جون جراي - أستاذ الفكر الأوربي بجامعة أكسفورد - إلى الفردانية باعتبارها البنية الأساسية للفلسفة الليبرالية ويصعب تصور الليبرالية من دونها.. لذلك سعت الليبرالية إلى تطوير مفهوم الفرد بما كان سائدًا عليه في أوروبا حيث كانت البنية الاجتماعية تمثل مكونات المجتمع وكانت هوية الفرد تتحدد بحسب علاقته بالمجتمع.. وقد وجدت الليبرالية في الفردانية ميدانًا رحبًا لتكوين حياة يكون فيها كل فرد قادرًا على تنمية قدراته وتطلعاته باعتبار أن الفرد مقياس الحياة الاجتماعية.
ومع بداية عصر النهضة تاقت العناية بالفرد واحتياجاته واحترام اختياراته ورغباته فنشأ ما يسمى بالمذهب الفردي الذي هو عبارة عن مذهب فكري يقوم على اعتبار الفرد وأعماله وآماله أساسًا في تفسير التاريخ والمجتمع.
ومن هنا كان الطابع الفردي مكونًا أساسيًا للفكر الليبرالي الذي أتاح للإنسان الغربي تكوين شخصيته بشكل منفرد بعيدًا عن المجتمع.
وقد آمن المذهب الليبرالي بالفردية بوصفها مركز بنائه الفكري فالفرد هو الأساس وواجب المجتمع حماية استقلاله لتحقيق ذاته فالفرد وفقًا للمفهوم الليبرالي يشكل القاعدة التي يقوم عليها المجتمع ما يعني أن الفرد لبنة البناء الاجتماعي وأنه متقدم في وجوده على الوجود الاجتماعي فالأصل في كل الحالات فردية الإنسان المستقلة وما المجتمعات سوى أفراد يمنحون المجتمع قيمًا حضارية وإنسانية.
فالمعضلة تكمن حينما تتجه الثقافة المجتمعية إلى تذويب الفرد في كيانات وقوالب ثقافية ومجتمعية؛ وهو ما أكد عليه د. تركي الحمد بأن المنطلق الرئيس في الفلسفة الليبرالية هو أن الفرد هو الأساس بصفته الكائن الملموس للإنسان بعيدًا عن التجريدات والتنظيرات ومن هذا الفرد وحوله تدور فلسفة الحياة برمتها وتنبع القيم التي تحدد الفكر والسلوك معًا.
يقوم جوهر الليبرالية بالتركيز على الفرد، لذلك تجعل الليبرالية من الفرد غاية بذاته وأن إرادة الفرد امتداد لإرادة المجتمع وقد نجحت الفردانية في مواجهة القيم التقليدية المتعلقة بمفهومي الصواب والخطأ أو أن تصرفات الفرد محل للتقويم اجتماعيًا وأخلاقيًا.
وإذا كانت المجتمعات الغربية تقدم الفرد على المجتمع فإن الليبرالية أخذت على عاتقها تطوير مفهوم الفرد بعد تداعي النظام الاجتماعي التقليدي وذلك عن طريق تقوية مركز الفرد في المجتمع.. لهذا يؤكد الليبراليون الجدد أن على العالم أن يتبنى قيم الغرب الليبرالية ويعتبر مفهوم الفردانية إحدى تلك القيم في محاولة لتعميم النموذج الاجتماعي الغربي على المجتمعات الأخرى.
ورغم أن هذا الكلام لم يأخذ بعد مكانه في الثقافة الاجتماعية العربية إلا أنه عالميًا قضية مرتبطة بمظاهر الحداثة الاجتماعية التي رافقت الانفتاح الاقتصادي الرأسمالي.. وإذا كانت الفردانية اليوم موضوع العالم الحديث إلا أن مفهوم الفردانية والمجتمع لايزال موضع تعارض ما بين الثقافتين الغربية والشرقية.
ففي البيئة الغربية تسود الفردانية بشكل مطلق بينما تسمح البيئة الشرقية بتقييم خيارات الفرد من النواحي التي تهم المجتمع.. ولكن الموقف الأمثل حيال قضية الفرد والمجتمع هو احترام حرية الفرد الأساسية وتقييم خياره النهائي من النواحي التي تهم المجتمع العريض وتقييم الآثار التي تترتب على هذا الخيار سلبًا أو إيجابًا.
هذا من ناحية الفرد، ومن ناحية أخرى هنالك كثير من الظواهر الفردية التي قد تشكل - عندما تتكاثر ويتراكم أثرها - ظواهر اجتماعية تدرس من حيث أثرها على المجتمع ككل وينظر إليها من حيث كونها تيارًا اجتماعيًا، وهل الأثر النهائي لهذا التيار الاجتماعي على وفاق مع قيم المجتمع الذي يعمل فيه؟ أم أنه أثر سلبي يؤدي إلى خلخلة الأسس التي يقوم عليها المجتمع أو على الأقل يؤدي إلى اضطراب المعايير الاجتماعية وتنشيطها في اتجاه الاختلال وعدم التوازن؟
هذا ومعروف أنه من حق المجتمعات أن تعمل على حماية كياناتها والحفاظ على شخصيتها المميزة بالصورة التي يجمع عليها أفراد تلك المجتمعات من غير مساس بالحق الأساسي للفرد.. وحق المجتمع يقدم على حقوق الأفراد غير أنه يتأكد ويتعزز بتأكيد حقوق أفراده ولكن تبقى علاقة الفرد بالمجتمع علاقة تكاملية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.