قد لا يكون السائح السعودي ذا دخل مرتفع، لكنه السائح الأكثر سخاءً والأقل مشكلات، بل إنه قد يتعرض للمشكلات فيتجاوزها، هذا حسب رأي «أبوشادي» وهو سائق لبناني يعمل منذ خمسين سنة في شركة سياحية، رافقني خلال زيارتي قبل عدة أشهر إلى بيروت.. قال إن البلد تنتعش اقتصادياً بوجود السائح السعودي، وتمنى أن تعمل حكومته على تهيئة كل الوسائل التي تعيده مرة أخرى إلى لبنان، ويبدو أن شيئاً من حلم أبي شادي قد تحقق هذا الصيف حيث تشير الأرقام أن أعداد السياح السعوديين تضاعف في لبنان بعد أن ألغى البعض حجوزاتهم إلى تركيا واستبدالها بالسفر إلى لبنان ومصر وبعض دول شرق أسيا، السائح السعودي أثبت أنه القوة الناعمة الأكثر تأثيراً ولاحظنا كيف تحركت جهات رسمية تركية لإقناع السعوديين بالعدول عن قرار مقاطعة السياحة التركية، ومع أن 30 % من السياح كان لديهم «الوطن خط أحمر» رافضين تجاوزات أردوغان على المملكة، إلا أن النسبة مرشحة للزيادة مع انكشاف القناع الزائف الذي كان يرتديه أردوغان لإخفاء مساوئه وحقده الدفين على العرب، مع أن الحقائق التاريخية التي تثبتها الأرقام الرسمية تؤكد أن تركيا لم تكن الوجهة السياحية المفضلة لدى السائح السعودي، إلا أن ثورات الربيع العربي التي سببت صراعات في بعض الدول العربية حولت جزءا كبيرا من السياح السعوديين إلى تركيا بالإضافة إلى الدعاية التي صنعها أولئك الذين يؤمنون بأن تركيا هي البلد الأكثر ملاءمة للعوائل السعودية، متجاهلين أن تركيا هي البلد الإسلامي الوحيد الذي شرع قانونا للمثليين وهي البلد الإسلامي الأكثر ترويجاً لكثير من الممارسات غير المقبولة اجتماعياً، والحقيقة المؤلمة أن من يروج للسياحة في تركيا إما أن يكون جاهلاً بواقعها أو لديه أجندات سياسية وحزبية. هذا الصيف شهد نقلة نوعية في صناعة الترفيه بالمملكة، وساهمت الفعاليات في تحفيز الكثير من السعوديين على قضاء إجازاتهم داخلياً مع أن بعضاً من تلك الفعاليات قد لا تتناسب مع قيمنا وعادتنا إلا أن المسؤولين بالتأكيد حريصون على تعديل وإلغاء الفعاليات التي قد لا يكون لها قبول من المجتمع، ومع ذلك كانت فعاليات الترفيه مشجعة وخلقت العديد من الفرص الاستثمارية ووظائف موسمية بالآلاف لطلاب المدراس والجامعات، وتم جذب المليارات من الريالات للإنفاق السياحي في الداخل، وهو ما تسعى إليه الحكومة، حيث تتمتع المملكة بمناطق جذب سياحي لا تقل عن أي دولة، تحتاج فقط إلى تهيئة البنية التحتية وتوفير المنتجعات السياحية وخصوصاً في المدن التي تتمتع بجو معتدل في الصيف مثل الطائفوأبها والباحة، وهنالك إمكانية لتحويل مناطق كالشفا في الطائف والسودة في أبها إلى مناطق سياحية بالكامل تتوفر فيها جميع وسائل الترفيه، وسوف تكون بالتأكيد من أهم نقاط الجذب السياحي في المملكة بالإضافة إلى مشروع البحر الأحمر والقدية التي تعمل الحكومة على الانتهاء منهما خلال السنوات القادمة، وقد تكون أكثر جذباً للسياحة عند اعتدال الأجواء، وبذلك يكون هنالك تنوع في المناطق السياحية بحسب المواسم، وهذا ما يميز المملكة عن بقية الدول حيث إن السياحة لديهم جُلّها في موسم الصيف.